tgoop.com/alkulife/8871
Last Update:
بين الخروج من الخلاف والاحتجاج بالخلاف
جاء ف البناية شرح الهداية لبدر الدين العيني الحنفي :" (وهو اختيار الفقيه أبي جعفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي كون الدقيق أولى من البر، وكون الدراهم أولى من الدقيق، كما روي عن أبي يوسف، وهو اختيار الفقيه أبي جعفر.
وقال الأترازي: هذا الذي ذكره في " الهداية " خلاف ما ذكره الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "نوادره "، حيث قال: وكان الفقيه أبو جعفر يقول: دفع الحنطة أفضل في الأحوال كلها ولأن فيه موافقة السنة وإظهار الشريعة م: (لأنه أدفع للحاجة وأعجل به) ش: أي بدفع الحاجة.
م: (وعن أبي بكر الأعمش - رَحِمَهُ اللَّهُ - تفضيل الحنطة) ش: أي وعن أبي بكر الأعمش أن الحنطة أفضل م: (لأنه أبعد من الخلاف) ش: لأنه الحنطة تجوز بالاتفاق ولا يجوز الدقيق، والقيمة عند الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو معنى قوله: م: (إذ في الدقيق والقيمة خلاف الشافعي) ش: كلمة إذ هنا للتعليل، أي لأجل خلاف الشافعي في جواز الدقيق في الفطرة وجواز القيمة"
أقول : تأمل ترجيح هؤلاء من الأحناف إخراج الطعام على إخراج الدراهم في زكاة الفطر مع تجويزهم إخراج الدراهم والتعليل بعلتين
العلة الأولى : إظهار السنة لأن هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم يقيناً وما سوى ذلك مظنون جوازه فحسب
العلة الثانية وهي مربط الفرس : الخروج من الخلاف وهو تعليل أبي بكر الأعمش وذلك أن الفقهاء كلهم متفقون على مشروعية إخراجها طعاماً
والجمهور قالوا لا تجزيء نقداً وخالف الأحناف وقالوا تجزيء نقداً فالحنفي إذا أراد أن يحتاط يخرج على الصفة المتفق عليها والتي أجازها الأحناف وغيرهم ويبتعد عن الصورة المظنونة المختلف فيها
كثير من العوام الذين يتكلمون في هذه المسألة يظنون أن الأحناف يقولون بإخراجها نقداً على جهة الحتم وهذا خطأ بل هم يرون ذلك جائزاً فحسب ويجيزون إخراجها طعاماً
ولهذه المسألة نظائر فعلى سبيل المثال الأحناف لا يرون ركنية الفاتحة في الصلاة ومع ذلك عامتهم سواء كانوا منفردين أو أئمة في جماعة يقرأون الفاتحة خروجاً من الخلاف
وكذلك في مسألة النكاح بغير ولي عامتهم يراعي الخلاف خصوصاً وأن أبا يوسف والشيباني خالفا أبا حنيفة فاشترطا الولي فلا يعقد إلا بولي خروجاً من الخلاف
والخروج من الخلاف بالحرص على الصورة المتفق على أنها مجزئة جادة مطروقة عند أهل المذاهب جميعاً حتى نقل ابن الحاج الإجماع في المدخل على هذا السلوك واستدل عليه بالحديث
قال ابن الحاج ف المدخل :" وقد تقدم أن القوت أولى ما يحتاط له لما تقدم في الحديث «من أكل الحلال أطاع الله شاء أو أبى ومن أكل الحرام عصى الله شاء أو أبى» ولقوله - عليه الصلاة والسلام - «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات» والمتشابه ما اختلف العلماء فيه، ولا خلاف أن الخروج من الخلاف أكمل لكن في القوت آكد من غيره لما تقدم"
والمقصود بالخلاف هنا الخلاف القوي وليس مطلق الخلاف واليوم عكس الأمر فصاروا يحتجون بالخلاف ليفعلوا ما يشاءون لا أن يخرجوا من الخلاف والله المستعان ثم يتكلمون عن الاجتماع وقد فرطوا بالاجتماع الشرعي الذي يجمع بين الورع واتقاء الشبهات وائتلاف الكلمة
وقد قلت لشخص كلمته في قضية إخراج زكاة الفطر نقداً أو طعاماً : الصفة المجزئة اتفاقاً لا يجوز أن تتكلموا عنها بصورة سلبية هذه طريقة غير جيدة في البحث بل هي صفة نافعة وإن لم نعقل المعنى لثبوت السنة بها واتفاق الناس عليها سواء أجزنا الصفة الأخرى أم لم نجز
وتقديرنا للمصلحة والأصلح أمر ظني يجتمع فيه النظر للنصوص الشرعية وطريقة الترجيح والتنزيل والنظر في الواقع الاقتصادي قديماً وحديثاً وهذا عامة الناس لا يحسنونه ومن أحسن بعضه لم يحسنه كله فمأخذه ظني والصورة المتفق عليها يقينية وأحوج ما يحتاجه الناس اليوم تعلم الورع والخروج من الخلاف والتسليم للنصوص
قد تكلمت في صوتية كسر الاحتكار عن الحكمة من إخراجها قوتاً ولكنني هنا أتحدث على التنزل وهبك لم تعرف الحكمة ورجحت جواز إخراج النقود ثم ظهر لك حكمة تجعلك تقتنع بقول الجمهور بعدم إجزاء إخراجها نقوداً فلو كنت أخرجتها طعاماً على الصفة المتفق عليها فإن هذا التغير في النظر الفقهي لن يكون مؤثراً في عبادتك لأنك أخذت الوجه الأحوط أولاً وآخراً
وقد أخبرني بعض الأخوة أن بعض المفتين في بعض البلدان صار يفتي بعدم جواز إخراجها طعاماً ! فقلت له : هذا المولود توقعت ولادته من زمان فطريقة كثيرين في بحث هذه المسألة غير متزنة إلى درجة السخرية والذم للصورة الشرعية المتفق عليها مما يجعل ظهور مثل هذا القول الشاذ مسألة وقت وكان الواجب أن تحفظ مكانة الصورة المتفق عليها ويبحث بعد ذلك عن الصورة الأخرى ولكن في الأمر دخائل شرحتها في صوتية كسر الاحتكار.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/8871