tgoop.com/alkulife/8914
Last Update:
خواطر حول الإمام مالك وصيام الست من شوال
يثار هذا الموضوع بشدة هذه الأيام وهو أن الإمام مالكاً كره صيام الست من شوال وخالفه بقية الأئمة والموضوع يطرحه فئات مختلفة من الناس وفيه عبرة بالغة عند التفكر
الفئة الأولى : فئة تمارس عقيدة الصدمة على عوام المسلمين وطلبة العلم المتدينين بحيث يشككونهم بأكبر قدر ممكن من الثوابت ليوصلوا إليهم رسالة : ليس كل ما تعرفون صحيح أو المشايخ خدعوكم
وهذا النوع من الباحثين كل يوم له منهج في البحث المهم أن يشكك في أي ثابت حتى لو كان التشكيك فيه لا يفيده في قضيته الأصلية بشكل مباشر ( فقضيته الأصلية نصرة مشاريع مبنية على الاحتكام للمقاييس الغربية ) ولكن النيل الهدف الحقيقي تهميش القضية الدينية في القلوب
ليحل محلها معاني أخرى من تلك الأوبئة السائدة مثل النسوية والإنسانوية والعلموية وغيرها
والواقع أن هذا الأمر ( كراهية مالك لصيام الست من شوال ) لعدم بلوغه الدليل المعتبر في ذلك أمر معروف عند طلبة العلم بل ومعروف أن الإمام مالكاً كره سجدة الشكر أيضاً ومسح الوجه باليدين بعد الدعاء
قال الشاطبي في الموافقات :" ومثال هذا سجود الشكر في مذهب مالك، وهو الذي قرر هذا المعنى في "العتبية"من سماع أشهب وابن نافع، قال فيها: "وسئل مالك عن الرجل يأتيه الأمر يحبه فيسجد لله عز وجل شكرا. فقال: لا يفعل، ليس هذا مما مضى من أمر الناس"
وعند عموم الناس ثبتت السنة في ذلك التي خفيت على الإمام مالك فمالك علمه في المدينة والسنن خارجها ما كان يعلمها إلا ببلاغ على سعة علمه وتدقيقه غير أن العالم الفرد ليس معصوماً ولكن الجماعة المتوزعين في الأقطار لا يخفى عليهم شيء من العلم بمجموعهم
قال الشافعي في الرسالة :" فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافةً غفلةٌ عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس، إن شاء الله"
وهذا المثال دليل على أن قوة اجتماع العلماء إذا اجتمعوا لأنهم كانوا يختلفون كان إلى الاختلاف سبيل في النظر
وكان الإمام مالك يرجع إلى السنة إذا بلغته وذلك فيما أخرجه الحافظ ابن أبي حاتم الرازي قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، قال: سمعت عمي (يعني عبد الله بن وهب) يقول: سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟ قلت: حدثنا الليث بن سعد، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن المستورد بن شداد القرشي، قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه ".
فقال: " إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة " ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع.
وقال ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد": وأما الست من شوال، فإنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستاًّ من شوال، كان كصيام الدهر» إلا أن مالكاً كره ذلك، إما مخافة أن يُلحِق الناسُ برمضان ما ليس في رمضان، وإما لأنه لعلَّه لم يبلغه الحديث، أو لم يصح عنده، وهو الأظهر " انتهى.
وفي موضوع الست من شوال يذكر بعض الناس عن الحسن البصري أثراً يستدل به على عدم المشروعية وهو يقوي المروي في الباب أثر وذلك فيما روى الترمذي حدثنا هناد قال: أخبرنا الحسين بن علي الجعفي، عن إسرائيل أبي موسى، عن الحسن البصري قال: كان إذا ذكر عنده صيام ستة أيام من شوال، فيقول: «والله لقد رضي الله بصيام هذا الشهر عن السنة كلها»
فصيغة الأثر توحي بأن صيام الست من شوال كان معروفاً في زمن الحسن البصري ( وهو أكبر من مالك وهو من أعيان التابعين) وكلام الحسن غايته نفي توهم الوجوب في صيام الست فلعل بعضهم ظن أن من لم يصمها فكأنه ما صام الواجب عليه في السنة فنبه الحسن على أن من صام رمضان فقد أدى ما عليه .
وطعنك في حديث مداره على راو واحد مثلاً لن يفيدك في الطعن في حديث متواتر أو له طرق كثيرة واهتبالك لمخالفة عالم في مسألة لن يفيدك حين يتفق العلماء ، وهذا الحديث صححه أحمد وأبو حاتم الرازي ومسلم والترمذي ويدل على معناه أثر الحسن كما شرحت وقد كتب في الرد على مضعفيه رجل مشتغل بالحديث عندنا في الكويت اسمه محمد زايد العتيبي جزءاً لطيفاً فصل فيه من الناحية الحديثية القول في الخبر وعادتكم الاحتجاج بالخلاف ولم يلزمك أحد بصيام ستة شوال فهي مستحبة والقول بالاستحباب وجيه غاية وعليه الجمهور فعمل المسلمين عليه ليس تلك الخديعة العظيمة التي تريد إنقاذ المسلمين منها !
الفئة الثانية : فئة تشتغل بدراسة علم الحديث وادعاء نصرة منهج المتقدمين وهؤلاء ليسوا كالأوائل بل فيهم صدق غير أن الحماس الزائد قد يكون له أثره السلبي فما أكثر ما رأينا في أبحاثهم من عجلة في اطراح الأخبار لعلل إسنادية قريبة وغفلة عن الشواهد العامة للأخبار بل بمجرد ما يكون الخبر موقوفاً على صحابي ( يعني من كلامه ) يعاملونه معاملة العدم
=
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/8914