ALKULIFE Telegram 9638
حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال البخاري في صحيحه 4372- حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فترك حتى كان الغد، ثم قال له: «ما عندك يا ثمامة؟» قال: ما قلت لك: إن تُنعِم تُنعِم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي ما قلت لك، فقال: «أطلقوا ثمامة»، فانطلق إلى نجل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.

أقول: قبل عدة أعوام لما حصلت حادثة الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في الصحيفة الدنماركية طُرح موضوع المقاطعة الاقتصادية، وكان من أدلة المانعين حديث ثمامة هذا، بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أقرَّ ثمامة على المقاطعة.

وقد قال لي زميل في الطلب (وقد انتفعت به كثيرًا، اسمه نايف الوقاد) إن هذا الحديث يدلُّ على مشروعية المقاطعة، بعكس ما يقولون.

فقلت له: كيف هذا؟
فقال لي: إن ثمامة أراد تأديب المشركين وإلجاءهم لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يمُنَّ عليهم، وقد كان، وإلا فإن قبلها النبي صلى الله عليه وسلم ما نهى ثمامة، وتركه على فعله وأقرَّه حتى جاءه المشركون يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر ثمامة أن يعطيهم، والنبي ما قرَّع ثمامة ولا نهاه قبلها، بل بقي الأمر على شرط ثمامة (حتى يأذن رسول الله).

فهذا يدلُّ على مشروعية التأديب الاقتصادي للمسيء، بدليل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لثمامة حتى جهد المشركون، وقبلها ما نهاه (هذا معنى كلامه، أعاد الله أيام الوصل معه على خير).

وزدت عليه بأن سابَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان في حياة الرسول فقد يعفو عنه، وأما بعد وفاته فلا عفو، فشرط "حتى يأذن رسول الله" غير حاضر هنا.

وهنا تنبيه: رواية البخاري كما ترى أعلاه تقف عند قول ثمامة "حتى يأذن رسول الله"، وهكذا عامة الروايات في كتب الحديث القديمة، لا توجد في الحديث المتصل قصة ذهابِ المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأمرِه ثمامة أن يعطيهم.

وأما الرواية التي فيها: "وكانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم، فلما أضرَّ بهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم، وتحض عليها، وإن ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا، فإن رأيت أن تكتب إليه أن يخلي بيننا وبين ميرتنا فافعل. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن خل بين قومي وبين ميرتهم".

فهذه في الاستيعاب لابن عبد البر، وليس لها إسناد قائم.

وفِي سيرة ابن هشام: فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا وقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل.

وهذه رواية بلا إسناد.

وفِي سَنن سعيد بن منصور 2613- حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، قال: جيء بثمامة بن أثال أسيرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شئت أن نقتلك، وإن شئت أن نفديك، وإن شئت أن نعتقك، وإن شئت أن تسلم، فقال: إن تصل تصل عظيمًا، وإن تفاد تفاد عظيمًا، وإن تعتق تعتق عظيمًا، وإن أسلم قسرًا فلا، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم، فقال: يا رسول الله، لا تحمل إلى قريش حبة ولا تمرة حتى يأذن الله ورسوله، فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامها، وتقول: إنك تأمر بصلة الرحم، وقد هلكنا وهلك عيالاتنا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة أن تدع لحرم الله وأمنه مادتهم، وأن لا تحمي عليهم فحمل إليهم.

مراسيل عطاء من أوهى المراسيل، ولكن هذا في السيرة فيحتمل.
=



tgoop.com/alkulife/9638
Create:
Last Update:

حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال البخاري في صحيحه 4372- حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فترك حتى كان الغد، ثم قال له: «ما عندك يا ثمامة؟» قال: ما قلت لك: إن تُنعِم تُنعِم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي ما قلت لك، فقال: «أطلقوا ثمامة»، فانطلق إلى نجل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.

أقول: قبل عدة أعوام لما حصلت حادثة الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في الصحيفة الدنماركية طُرح موضوع المقاطعة الاقتصادية، وكان من أدلة المانعين حديث ثمامة هذا، بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أقرَّ ثمامة على المقاطعة.

وقد قال لي زميل في الطلب (وقد انتفعت به كثيرًا، اسمه نايف الوقاد) إن هذا الحديث يدلُّ على مشروعية المقاطعة، بعكس ما يقولون.

فقلت له: كيف هذا؟
فقال لي: إن ثمامة أراد تأديب المشركين وإلجاءهم لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يمُنَّ عليهم، وقد كان، وإلا فإن قبلها النبي صلى الله عليه وسلم ما نهى ثمامة، وتركه على فعله وأقرَّه حتى جاءه المشركون يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر ثمامة أن يعطيهم، والنبي ما قرَّع ثمامة ولا نهاه قبلها، بل بقي الأمر على شرط ثمامة (حتى يأذن رسول الله).

فهذا يدلُّ على مشروعية التأديب الاقتصادي للمسيء، بدليل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لثمامة حتى جهد المشركون، وقبلها ما نهاه (هذا معنى كلامه، أعاد الله أيام الوصل معه على خير).

وزدت عليه بأن سابَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان في حياة الرسول فقد يعفو عنه، وأما بعد وفاته فلا عفو، فشرط "حتى يأذن رسول الله" غير حاضر هنا.

وهنا تنبيه: رواية البخاري كما ترى أعلاه تقف عند قول ثمامة "حتى يأذن رسول الله"، وهكذا عامة الروايات في كتب الحديث القديمة، لا توجد في الحديث المتصل قصة ذهابِ المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأمرِه ثمامة أن يعطيهم.

وأما الرواية التي فيها: "وكانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم، فلما أضرَّ بهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم، وتحض عليها، وإن ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا، فإن رأيت أن تكتب إليه أن يخلي بيننا وبين ميرتنا فافعل. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن خل بين قومي وبين ميرتهم".

فهذه في الاستيعاب لابن عبد البر، وليس لها إسناد قائم.

وفِي سيرة ابن هشام: فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا وقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل.

وهذه رواية بلا إسناد.

وفِي سَنن سعيد بن منصور 2613- حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، قال: جيء بثمامة بن أثال أسيرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شئت أن نقتلك، وإن شئت أن نفديك، وإن شئت أن نعتقك، وإن شئت أن تسلم، فقال: إن تصل تصل عظيمًا، وإن تفاد تفاد عظيمًا، وإن تعتق تعتق عظيمًا، وإن أسلم قسرًا فلا، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم، فقال: يا رسول الله، لا تحمل إلى قريش حبة ولا تمرة حتى يأذن الله ورسوله، فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامها، وتقول: إنك تأمر بصلة الرحم، وقد هلكنا وهلك عيالاتنا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة أن تدع لحرم الله وأمنه مادتهم، وأن لا تحمي عليهم فحمل إليهم.

مراسيل عطاء من أوهى المراسيل، ولكن هذا في السيرة فيحتمل.
=

BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/9638

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Ng was convicted in April for conspiracy to incite a riot, public nuisance, arson, criminal damage, manufacturing of explosives, administering poison and wounding with intent to do grievous bodily harm between October 2019 and June 2020. Step-by-step tutorial on desktop: Telegram is a leading cloud-based instant messages platform. It became popular in recent years for its privacy, speed, voice and video quality, and other unmatched features over its main competitor Whatsapp. Invite up to 200 users from your contacts to join your channel According to media reports, the privacy watchdog was considering “blacklisting” some online platforms that have repeatedly posted doxxing information, with sources saying most messages were shared on Telegram.
from us


Telegram قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
FROM American