ALKULIFE Telegram 9664
في رحاب سنة الراشدين: الاتباع فوق العاطفة بل هو العاطفة الصادقة

في خضم الجدل السنوي في موضوع المولد، ونحن هذه الأيام نواجه حملة مسعورة على مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يتصوَّر البعض أنه لا وقت للحديث عن مبحث المولد، غير أن هذا المبحث له علاقة مباشرة بموضوع دفاعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالدفاع دافعه المحبة، ولكن ما هي حقيقة المحبة، هل المحبة مجرد انفعال عاطفي أم اتباع؟ أم لا تناقض بين الأمرين أصالةً ولا يمكن أن يتعارضا أصلا؟

هنا تذكرت قصة أبي بكر الصديق مع فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءت تُطالِبه بميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم.

هنا وقف أبو بكر أمام هذا التحدي: العاطفة أم الاتباع؟

فهو عنده حديث أن الأنبياء لا يورثون دينارًا ولا درهما

وهذه ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أمامه راغبة، ولا شك أن الحكم العاطفي هو إعطاؤها، وبعيدًا عن خيالات الإمامية المريضة، لا يشكُّ منصف بعظيم محبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وزهده في الدنيا وهو الذي مات وما ترك ميراثًا، وعظيم سخائه وهو الذي أعطى كل ماله للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة، ولما سئل ما الذي ترك لأهله قال: تركت لهم الله ورسوله.

هذا غير نفقته في الهجرة قبلها وإعتاقه للعبيد وجهاده طوال معايشته للرسالة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأرض فدك شيء يسير جدًّا أمام كل هذا العطاء، خصوصًا وأنه يجد من مال الله الذي يأتيه ما يعوِّض عن أضعافها، ولو صدقت خيالات الإمامية لكان إرضاء فاطمة وعلي بإعطائهم شيئًا من المال أيسر من إرضاء بني هاشم جميعًا وقد طمعوا أن تكون الخلافة فيهم.

وهنا آثر الصديق الاتباع على العاطفة، وكان يمكنه أن يحتال فيقول أنا أعطيك فدك لا بصفتها ميراثًا ولكن بصفتها هبةً، ولكنه كَرِه أن يتحاذق على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالاتباع فوق العاطفة بل هو العاطفة الحقة.

وقال البخاري في صحيحه 7275- حدثنا عمرو بن عباس، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن واصل، عن أبي وائل قال: جلست إلى شيبة في هذا المسجد، قال: جلس إليّ عمر في مجلسك هذا، فقال: «لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين»، قلت: ما أنت بفاعل، قال: «لِم؟»، قلت: لَم يفعله صاحباك؟، قال: «هما المرءان يُقتدى بهما».

وهذا عمر بن الخطاب شفقته تجاه المسلمين تُحرِّكه إلى أن يوزِّع كل ما في بيت المال ولا يدع شيئًا فيه، فيسأله صاحبه: ولماذا لا تفعل؟ لم يفعله صاحباك (يعني النبي ﷺ وأبي بكر).

فيجيب عمر: "هما المرءان يُقتدى بهما".

تأمَّل كيف أنه يُصرِّح بالاقتداء بهما في الترك! مع أن عاطفته تحمله على عكس تركهما، ولكن الاتباع فوق العاطفة.

فإن قيل: ماذا عن جمع المصحف؟

فيقال: هذا أمر ما قام داعيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقام داعيه بعده لمَّا استعر القتل في القرّاء، مع كوْن القرآن سُمِّي كتابًا، وهذه إشارة للفعل، مع إجماع الصحابة على ذلك. فمنهم من يخرج هذا على كونه مصلحة مرسلة، والفرق بينها وبين البدعة أن البدعة قام داعيها في زمن النبي ﷺ ولم تُفعَل، بعكس المصلحة المرسلة فداعيها لم يقم أو قام داعٍ للترك، مثل التراويح تُرِكت لئلا تُفرَض، وهذا الداعي ذهب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يخرجها على الضرورة التي اتفق على تحديدها. ومنهم من يخرجها على سنة الراشدين. وهي بهذه الأوجه كلها تختلف عن المولد.

والنبي صلى الله عليه وسلم ما حُفِظت حركاته وسكناته وقضى المحدِّثون أعمارهم في الرحلة والجمع والتحقيق إلا ليُحفظ دينه من أن يُزاد فيه ما ليس منه.

ومقامه أعظم بكثير من أن يُخصَّص يوم واحد فقط للتذكير بسنته وقراءة السيرة كما يقول بعضهم.



tgoop.com/alkulife/9664
Create:
Last Update:

في رحاب سنة الراشدين: الاتباع فوق العاطفة بل هو العاطفة الصادقة

في خضم الجدل السنوي في موضوع المولد، ونحن هذه الأيام نواجه حملة مسعورة على مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يتصوَّر البعض أنه لا وقت للحديث عن مبحث المولد، غير أن هذا المبحث له علاقة مباشرة بموضوع دفاعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالدفاع دافعه المحبة، ولكن ما هي حقيقة المحبة، هل المحبة مجرد انفعال عاطفي أم اتباع؟ أم لا تناقض بين الأمرين أصالةً ولا يمكن أن يتعارضا أصلا؟

هنا تذكرت قصة أبي بكر الصديق مع فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءت تُطالِبه بميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم.

هنا وقف أبو بكر أمام هذا التحدي: العاطفة أم الاتباع؟

فهو عنده حديث أن الأنبياء لا يورثون دينارًا ولا درهما

وهذه ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أمامه راغبة، ولا شك أن الحكم العاطفي هو إعطاؤها، وبعيدًا عن خيالات الإمامية المريضة، لا يشكُّ منصف بعظيم محبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وزهده في الدنيا وهو الذي مات وما ترك ميراثًا، وعظيم سخائه وهو الذي أعطى كل ماله للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة، ولما سئل ما الذي ترك لأهله قال: تركت لهم الله ورسوله.

هذا غير نفقته في الهجرة قبلها وإعتاقه للعبيد وجهاده طوال معايشته للرسالة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأرض فدك شيء يسير جدًّا أمام كل هذا العطاء، خصوصًا وأنه يجد من مال الله الذي يأتيه ما يعوِّض عن أضعافها، ولو صدقت خيالات الإمامية لكان إرضاء فاطمة وعلي بإعطائهم شيئًا من المال أيسر من إرضاء بني هاشم جميعًا وقد طمعوا أن تكون الخلافة فيهم.

وهنا آثر الصديق الاتباع على العاطفة، وكان يمكنه أن يحتال فيقول أنا أعطيك فدك لا بصفتها ميراثًا ولكن بصفتها هبةً، ولكنه كَرِه أن يتحاذق على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالاتباع فوق العاطفة بل هو العاطفة الحقة.

وقال البخاري في صحيحه 7275- حدثنا عمرو بن عباس، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن واصل، عن أبي وائل قال: جلست إلى شيبة في هذا المسجد، قال: جلس إليّ عمر في مجلسك هذا، فقال: «لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين»، قلت: ما أنت بفاعل، قال: «لِم؟»، قلت: لَم يفعله صاحباك؟، قال: «هما المرءان يُقتدى بهما».

وهذا عمر بن الخطاب شفقته تجاه المسلمين تُحرِّكه إلى أن يوزِّع كل ما في بيت المال ولا يدع شيئًا فيه، فيسأله صاحبه: ولماذا لا تفعل؟ لم يفعله صاحباك (يعني النبي ﷺ وأبي بكر).

فيجيب عمر: "هما المرءان يُقتدى بهما".

تأمَّل كيف أنه يُصرِّح بالاقتداء بهما في الترك! مع أن عاطفته تحمله على عكس تركهما، ولكن الاتباع فوق العاطفة.

فإن قيل: ماذا عن جمع المصحف؟

فيقال: هذا أمر ما قام داعيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقام داعيه بعده لمَّا استعر القتل في القرّاء، مع كوْن القرآن سُمِّي كتابًا، وهذه إشارة للفعل، مع إجماع الصحابة على ذلك. فمنهم من يخرج هذا على كونه مصلحة مرسلة، والفرق بينها وبين البدعة أن البدعة قام داعيها في زمن النبي ﷺ ولم تُفعَل، بعكس المصلحة المرسلة فداعيها لم يقم أو قام داعٍ للترك، مثل التراويح تُرِكت لئلا تُفرَض، وهذا الداعي ذهب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يخرجها على الضرورة التي اتفق على تحديدها. ومنهم من يخرجها على سنة الراشدين. وهي بهذه الأوجه كلها تختلف عن المولد.

والنبي صلى الله عليه وسلم ما حُفِظت حركاته وسكناته وقضى المحدِّثون أعمارهم في الرحلة والجمع والتحقيق إلا ليُحفظ دينه من أن يُزاد فيه ما ليس منه.

ومقامه أعظم بكثير من أن يُخصَّص يوم واحد فقط للتذكير بسنته وقراءة السيرة كما يقول بعضهم.

BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/9664

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Just as the Bitcoin turmoil continues, crypto traders have taken to Telegram to voice their feelings. Crypto investors can reduce their anxiety about losses by joining the “Bear Market Screaming Therapy Group” on Telegram. The Standard Channel Some Telegram Channels content management tips Co-founder of NFT renting protocol Rentable World emiliano.eth shared the group Tuesday morning on Twitter, calling out the "degenerate" community, or crypto obsessives that engage in high-risk trading. 2How to set up a Telegram channel? (A step-by-step tutorial)
from us


Telegram قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
FROM American