tgoop.com/alnatheerr/10744
Last Update:
لا شك في أن مَبدأ النقد مُهمّ لتصحيح الأفكار، بل هو ضروري لاستمرار الفكرة نفسها واستقامتها ونُضجها؛ إذ لا يَظهر معدن الشيء إلا باختباره، ولا يخلُص الذهب إلا بتخليصه من الشوائب.
ولا يُشترط في الناقد أن يكون في رتبة المنقود أو أعلى منه، خلافا لِما هو شائع، ولو كان الأمر كذلك لتوقَّفتِ العقول عن الإنتاج ولضاع علم كثير؛ لأن العملية النقدية ترتد في نهايتها إلى كونها منتجات عقلية، والكمال العقلي لا غاية له ولا يقف عند طبقة من الناس ولا واحد من الخَلق.
ولا يُشترط أيضا أن يأتي الناقد بالبديل، لأن الإتيان بالبديل هو وظيفة أخرى وعملٌ زائد على مجرد النقد، فهما أمران منفصلان، فإذا قدَّم الناقد بديلا فهو لا يُقدِّمه من مقام كونه ناقدا بل من مقام كونه مُنشئا لعمل جديد ومُتلبِّسًا بصفةٍ أخرى غير النقد.
ومع كل هذا فإن النقد إن لم يكن مؤسَّسا على قواعدَ سليمة مستحضرة في نفس الناقد وناشئةٍ من استقراء أو قياس صحيح وفهم مستقيم، فهو عملية في غاية السهولة لا تُكلف الناقدَ شيئا؛ وذلك لأن كل شيء يمكن أن يُعترَض عليه بالأغاليط والمصادرات، وكل حق يمكن أن يرِد عليه ما لا يُحصى من الشُّبَه والسُّفوسطائيات، وكلها ترتدي ثوب النقد، وما هي إلا أوهام وخيالات، ، وما عليه إلا أن يَنظر من بعيد ويَعيب كل شيء ببعض الوساوس والظنون ويُسمي هذا إصلاحا ونقدا.
أما النقد الذي تعترك فيه الأنظار وتصطلم فيه الأفكار فهو من أجلِّ وأعظم المنتجات البشرية وهو الضامن لتجلية الحقائق وتنقيتها من الأغيار، وسبيلُه غير سُبل العبث الشائعة في معظم ما يُحيط بك.
BY الدُّرّ النَّثِير
Share with your friend now:
tgoop.com/alnatheerr/10744