tgoop.com/alnatheerr/10787
Last Update:
لأن الناس محتاجون لبعضهم بعضا، ولأن الضرورة تستدعي استعانةَ الإنسان بنوعه؛ إذ لا يستطيع أيُّ شخصٍ أن يَصل إلى الكمال منفردا، بناءً على هذا فالاحتياج للتآلف ضروريّ، والاشتياقُ لذلك التآلف هو المَحبّة.
وقد أشرنا من قبل إلى تفضيل المَحبة على العدالة، والعلة في هذا المعنى: أن العدالة تقتضي الاتحاد الصناعي، والمحبة تقتضي الاتحاد الطبيعي، ونسبة الصناعي إلى الطبيعي كالقِشر بالنسبة إلى اللُّب..
فالاحتياج إلى العدالة التي هي أكمل الفضائل الإنسانية إنما هو في حِفظ نظام النوع الإنساني إذا فُقدت المحبة، فإذا كانت المحبة حاصلةً بين الأفراد فلا حاجة أصلا إلى الإنصاف والانتصاف.
ومن جهة اللغة فالإنصاف نفسه مُشتقّ من " النَّصَف" أي يَقسِم المُنصِف المُتنازَع فيه إلى نِصفين، ويكون التنصيف في لواحق الكثرة، وأما المَحبة فهي من أسباب الاتحاد، فعُلِم من هذا فضيلةُ المحبة على العدالة.
وقد بالَغ جماعةٌ من القدماء في تعظيم شأن المحبة مبالغة عظيمة، وقالوا: إن قِوام الموجودات هو بسبب المحبة، ولا يمكن أن يكون أيّ موجود خاليا منها، كما لا يمكن أن يكون خاليا من الوجود، إلا أن للمحبة مراتب، وبسبب اختلاف مراتبها تكون الموجودات مختلفة بالكمال والنقصان.
- نصير الدين الطوسي ت 672 هـ -
BY الدُّرّ النَّثِير
Share with your friend now:
tgoop.com/alnatheerr/10787