tgoop.com/alnatheerr/10804
Last Update:
التحقُّق من الأخبار المنقولة يُشترط فيه الخلوص عن منازع الهوى والسلامة من الميول الشخصية؛ فإن غلبة الهوى واستحكام الميل يُصيِّران عقلَ المرء خُرافيا يَقبل كل ما يرِد عليه مما يَغلبه عليه هواه، ولا تَضيق به الأعذار فأبواب التأويل مُشرَعة والاحتمالات لا حدّ لها، في حين أن نفس الشخص قد يبالغ في التحقق في أبواب أخرى ويتشدد في قبول أشياء ليست من جنس ما تميل إليه نفسه.
وقد تفطَّن ابن خلدون- رحمه الله- إلى هذا المسلك النفسي، فذكر أن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قَبول الخبر أعطتْه حقَّه من التمحيص والنظر حتى تتبيَّن صِدقه من كَذبه، وإذا خامرَها تشيُّعٌ لرأي أو نِحلة قَبِلَت ما يُوافقها من الأخبار لأولِ وهلة.
ولذلك فإن تحرير الحقائق التاريخية هو من أصعب الأمور وأدقّها، ولا يكفي فيه الالتزام بالمنهج من دون المراقبة الشديدة الواعية للميول النفسية والنوازع الشخصية.
بل هذا غير مختص بالأمور النقلية؛ وإنما يشمل كل فكرة هي في إطار النقد أو التحليل، فإن الخلوص في تناولها عن كل ميل نفساني هو شيء في غاية الصعوبة، الوصول إلى الحقيقة كما هي في نفس الأمر لا أظن أنه في طاقة إنسان أصلا.
BY الدُّرّ النَّثِير
Share with your friend now:
tgoop.com/alnatheerr/10804