tgoop.com/alnatheerr/11171
Last Update:
من التدابير الرديئة في التربية: حملُ الطفل قسرا على أن يعيش ظروفا لا تناسبه، وتكليفه بحملِ هموم لا تلائمه مع كونها غريبةً أيضا عن وعْيه وفهْمه، بدعوى أننا نريد أن نغرز في نفسه إصلاح الأمة، وإحياء نماذج صلاح الدين ومحمد الفاتح، ونحو ذلك من الأحلام والأوهام الرومانسية التي لا تمتّ إلى واقع الطفل ولا واقع بيئته التي يحيا فيها أبَواه بِصَلة، والتي تُسبِّب في نهاية الأمر عُقدا نفسية للأطفال واضطرابا واختلالا في مداركهم.
ولا يختلف الأمر كثيرا في هذه الآثار السلبية التي تنتج عن هذه التصرفات الفاسدة بالنسبة لمن يحلُم بأن يصير ولده طبيبا في المستقبل، فيُكلّفه وهو في طفولته بأفعال الأطباء ويُدخله في هذا الجو الغريب عنه من نعومة أظفاره وهو لا يفهم شيئا ولا يستوعب ما يُراد منه.
من البديهي أن الطفل من حقه أن يعيش طفولته كما يعيشها غيره من الأطفال، يلعب ويمرح ويعبث ويقضي أوقاته في اللهو، هذه هي الطفولة وهذا هو شأن الطفل إن كنا نريد أن يكون طفلا طبيعيا، هو ليس مسؤولا عن أي شيء، وظيفته في الحياة أن يلعب ويجري ويقفز وهكذا مما يدخل في هذا الجنس.
تخيَّلْ أن أعظم فرائض الدين وهو الصلاة لا يُخاطب بها الطفل خطابَ إيجاب أصلا إلا بعد البلوغ، وأما ما قبل ذلك فعلى سبيل التمرين والتدريب لا غير وبحسَب ما تطيقه نفسه ويقبله مزاجه، فما بالك بما هو دون الصلاة من الجداول والبرامج والمشاريع التي فشِل فيها الكبار ويريدون تعويضها في الصِغار!.
أمر آخر، وهو أن معظم الأطفال عنيدون، والإلحاح عليهم يزيدهم عنادا، وكثرة الأوامر والنواهي والتضييق عليهم فيها يؤدي في الغالب إلى نتائج عكسية.
صحيح أنه من المهم أن يَتعلم الطفل مبادئ راقية ويتعوَّد أعمالا فاضلة، ولكن على المُربِّي أن يَسلك بهم وسائل متجددة من الترغيب والتشويق والجوائز ونحو ذلك، على أن يكون هذا أيضا بين الحين والآخر، ومن الوقت للثاني، وعلى حسَب نشاط الطفل وإقباله وطاقته، لا أن يجعله مقررا عليهم وعملا لازما لابد لهم أن يُنجزوه.
BY الدُّرّ النَّثِير
Share with your friend now:
tgoop.com/alnatheerr/11171