tgoop.com/altartosi/9205
Last Update:
[ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ]هود:40. ظلَّ نوحٌ عليه السلام يدعُو قومَه إلى الإسلام ألفَ سنَة إلا خمسين عاماً؛ مَا يُعادلُ عمر عشرةَ أجيالٍ متَتَالية .. ومع مضي تلك السِّنين الطويلةِ، وبذل الجهدِ الكبيرِ الذي يَليقُ بنبيٍّ من أولي العَزم، لم يُؤمن مع نُوحٍ، ويُتابِعُه إلى ما كان يَدعُو إليه من التَّوحِيد، والدِّينِ الخالِص إلا قَليل؛ قِيلَ بضعة أنفارٍ؛ عشرةٌ أو يَزيدُون .. وقيل كانوا ثمانين نَفراً .. وفي ذلك من العِبَر والدَّلالات العَدِيدَةِ، التي تُعِين الدَّاعيةَ المسلم في دعوتِه إلى اللهِ، مِنها: أن الحقَّ لا يُعرَف بعدَدِ أتباعِه، ولا بالكثرَةِ، وإنما يُعرَف بموافقةِ الحقِّ المنزَّلِ مِن اللهِ؛ فما وافَقَ الحق المنزَّل مِن اللهِ؛ هو الحقُّ، وهو الجماعة التي يَنبغي التزامُ غَرْزِها، وتَكثيرُ سَوادِها .. ومِنها: قلَّة الأعوان، والأنصَارِ؛ لا يَنبغي أن تُضعِفَ الداعيَةَ إلى اللهِ، وتُثنيه عن الدعوةِ إلى اللهِ، أو تحملُه على الشكِّ بصِدقِ وصوَابِ ما يَدعُو إليه، ومِنها: الصبرُ على الدعوةِ إلى اللهِ مهمَا طالَ الطَّريقُ، وطالَ الزَّمنُ، وكانت التَّكاليف .. وتحملُ تَبعات الدَّعوةِ إلى اللهِ؛ بغضِّ النظرِ عن النتيجةِ .. فالداعيةُ إلى اللهِ عليه أن يمضي في دَعوتِه إلى اللهِ، وفقَ مَنهجِ اللهِ إلى نهايَةِ الطريقِ، وحتَّى يأتيَه اليَقِين .. ولَا يُسألُ بعد ذلك عن نتائجِ دَعوتِه، كما أنه لن يُسألَ عن هدايَةِ الناسِ هِدايَة تَوفِيق؛ لأن هِداية التَّوفيق بيدِ اللهِ تعالى وحده، ومنها: مَهمَا طَالَ الطَّريقُ، وطالَ الزَّمَن، واشتدَّت التَّكاليفُ، لا يجوزُ للداعيةِ إلى اللهِ أن يَلتفتَ إلى المناهجِ المنحرفَةِ، والملتويةِ، والطُّرُقِ القَصيرَةِ، والمغريَةِ، والمريَحةِ، والأقَل كُلفَة، المخالِفة لمنهجِ الله .. بزعمِ تحصِيلِ المصَالحِ، والمنَافِع!
BY الصفحة الرسمية للشيخ أبي بصير الطرطوسي
Share with your friend now:
tgoop.com/altartosi/9205