tgoop.com/altartosi/9210
Last Update:
[ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً ]؛ حزيناً؛ وذلك لَمَّا عبدَ قومُه العِجلَ مِن ذَهَبٍ، الذي صنَعه لهم السَّامِري، [ قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ ]؛ بشعرِ رأسِ أخِيه، [ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي ]؛ فنهاهُم هارُون عن عبادَةِ العِجْلِ فلم يَنتهوا، واستضعفُوه، ولم يَسمعُوا مِنه، وكادُوا أن يقتلُوه .. فلم تَكُن لهارُون عليه السلام عليهم نفس قوَّة وهيبَة موسى عليه السلام، ونفس سُلطتِه، [ فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ]الأعراف:150. هارُون عليه السلام هو أخٌ لموسَى عليه السلام من أبوَيه، ومعَ ذلك هارُون لم يخاطِب أخاه موسى بقولِه يا ابنَ أبي .. وإنما قال يا ابنَ أُمِّي؛ استِعطَافاً لأخِيه موسَى، وتَذكيراً له بأن كلاهما قد اجتمَعَا في بطنٍ واحِدٍ؛ وهو ألصقُ مَكانٍ لمعاني الرَّحِم، والترَّاحُمِ، والرِّفقِ .. وكذلك لِمَا كان بينَ موسى وبينَ أمِّه المؤمنة الصَّابرة من مواقف إيمانيَّة عظيمَة؛ عندما ألقَته في اليمِّ ـ بوَحي مِن اللهِ ـ وهو طفلٌ رَضيعٌ؛ لتدفَع عنه القتلَ، وشَرَّ فرعون، وجُنده .. وبما للأمِّ من حقٍّ مغلَّظ ـ أغلظ من حقِّ الأبِ ـ يحملُ الأخَ على أن يرحَم أخَاه، ويَعطُفَ عليه، ولا يَأخذه بالشدَّة والقُسْوةِ .. وأنَّ أمَّه التي ضحَّت وخاطَرت مِن أجلِه بالكثِير، والتي يحبها موسى كثَيراً، لا تَقبلُ، ولَا تَرضَى مِنه هذه الشدَّة بحقِّ أخِيه هارُون .. كلُّ هذه المعَاني الآنفةِ الذِّكر ـ وربما غيرها ممَّا لا نعلَمُه ـ اختزلهَا هارُون عليه السلام بقولِه يا [ ابْنَ أُمَّ ] .. وما إن سمعَ موسى عليه السلام هذه الكلمَات مِن أخِيه هارُون، إلَّا وهَدَأ غضَبُه، وقال معتَذراً، ومُستَسمِحاً، ودَاعياً لنفسِه ولأخِيه هارُون:[ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ]الأعراف:151.
BY الصفحة الرسمية للشيخ أبي بصير الطرطوسي
Share with your friend now:
tgoop.com/altartosi/9210