ALTORBED_1 Telegram 148
..

تنساب بنا الدنيا بين بحورها، وأمواجها المتقلّبة تغشانا حينًا بعد حين كتعاقب الفصول على حيوات البشر.
بين موج عالٍ يسدّ أفق الرؤية وينهال بقوته محطمًا آمالًا قد نبتت بين يراع صاحبها، وموج خفيف ليس بهادر، تعلوه النسمات الحيّة، فتحيي بهجة الروح من جديد.
وبين هذا وذاك تتقلّب دنيانا، وفي كل مرة يعظُم الاحتياج وتُكسر غطرسة الإنسي بالانصياع؛ فهذه الدنيا كما المنافق حمّالة أوجه، تُظهر وجهًا وتخفي آخر؛ ليبين عطبها في الزمن القريب.
نمضي وجراحنا لا يلمّ شعثها من أهل الأرض أحد، فالكل بذات الداء مُثقل، وغبش الروح يعلو في مخيالنا تارة بعد تارة.!
وكرّة تلو أخرى تتصرّم منا الأيام وقد أدركنا أن هذا الظمأ لا يلمّه إلا الساقي الذي يرويه، وغصّة القلب، لا يلتمّ شعثها إلا لحظة الإقبال عليه، تهيم بنا الدنيا وأنفسنا تتوق لقربه طوعًا أو كرهًا، فالذي جعل السماء طيّعة وهي فاضلة عن خلق الآدمي فالأخير أولى.
نقبل عليه ونحن الجرحي من آثار المعارك التي تجتاح نفوسنا كل يوم، وندوب آثارها؛ تمتلئ حياةً في لحظة الأنس به.
نسخط ويرضينا، ونمنع فيعطينا، ونتجبّر فيمهلنا، ودون رحماته الباقية رحمة تغطي عتو طغياننا؛ فيعفو، ويرغّب، ويعطي ويُرضي؛ لا لعدم خلو حاجتنا عنه؛ بل لكمال فضله وجوده.
إن أحسن الكريم كان كريمًا به فوق كرمه، وإن صفح الحليم كان به أكثر حلمًا وأعظمَ عفوًا.!
سبقت رحمته غضبه= لكمال رحمته، وسبق رضاه سخطه= لكمال رضاه، إن أعطى فلفضله، وإن حرَم فلحكمته، النفوس إليه محتاجة، وهو لها مرمّمٌ وساتر.
يجبر كسر قلوب تلهفت للالتئام، ويعفو عن زلة نفس زادت حسراتها، إن أقبلتَ أعطاك، وإن أدبرت ناداك، وإن خفتَه أمّنك، وإن رجوته أمّلك.!
ناداه قلبٌ عاصٍ فأقبل له بأحب أوصافه (عبدي ما دعوتني إلا أجبتك) طمأنه (وأغفر الذنوب ولا أبالي) ووعده (إنك من الآمنين)

في لحظة البعد هو قريب، وفي لحظة القرب هو مجيب، عطاؤه ملأ خزائن كونِهِ، ونوره ملأ صدور محبيه، يقبلون عليه فيكرمهم قبولًا، يدعونه تضرعًا؛ فيُغيثهم فرَجًا، له خزائن لا تنفد، ورحمةٌ ملأت سحائب الدنيا، من خاف منه قرب إليه، ومن ابتعد عنه لم يأمن غيره.

رباه وهذه النفوس المكلومة، تقطن أرضًا جدباء قد تقادم غيثها، لم يبق لها رجاء إلا بك، أنت الذي تشاء مطرَها، وتنبت زرعها وتحيي ضرعها!
إله المستضعفين كل القلوب دونك ملتاعة، وكل الأفئدة بغيرك مهترئة موهونة، قلوب تقبل لبابك ترمي لرحمتك، وتأمل نافذة لطفك، وتطمع برجاء مغفرتك، وتطلب لمّ شعث قلبها من آلام مُوهِنة، وخطوب مُضعِفة، وحالٍ قاصر، وعزمٍ مُشتت، وأملٌ يلوح في الأفق، رباه أغث تلك القلوب بعظيم العطايا، فليس عقيب كرمك غُنيّة، ولا بعذ عطائك عطيّة . 🙏🏻



tgoop.com/altorbed_1/148
Create:
Last Update:

..

تنساب بنا الدنيا بين بحورها، وأمواجها المتقلّبة تغشانا حينًا بعد حين كتعاقب الفصول على حيوات البشر.
بين موج عالٍ يسدّ أفق الرؤية وينهال بقوته محطمًا آمالًا قد نبتت بين يراع صاحبها، وموج خفيف ليس بهادر، تعلوه النسمات الحيّة، فتحيي بهجة الروح من جديد.
وبين هذا وذاك تتقلّب دنيانا، وفي كل مرة يعظُم الاحتياج وتُكسر غطرسة الإنسي بالانصياع؛ فهذه الدنيا كما المنافق حمّالة أوجه، تُظهر وجهًا وتخفي آخر؛ ليبين عطبها في الزمن القريب.
نمضي وجراحنا لا يلمّ شعثها من أهل الأرض أحد، فالكل بذات الداء مُثقل، وغبش الروح يعلو في مخيالنا تارة بعد تارة.!
وكرّة تلو أخرى تتصرّم منا الأيام وقد أدركنا أن هذا الظمأ لا يلمّه إلا الساقي الذي يرويه، وغصّة القلب، لا يلتمّ شعثها إلا لحظة الإقبال عليه، تهيم بنا الدنيا وأنفسنا تتوق لقربه طوعًا أو كرهًا، فالذي جعل السماء طيّعة وهي فاضلة عن خلق الآدمي فالأخير أولى.
نقبل عليه ونحن الجرحي من آثار المعارك التي تجتاح نفوسنا كل يوم، وندوب آثارها؛ تمتلئ حياةً في لحظة الأنس به.
نسخط ويرضينا، ونمنع فيعطينا، ونتجبّر فيمهلنا، ودون رحماته الباقية رحمة تغطي عتو طغياننا؛ فيعفو، ويرغّب، ويعطي ويُرضي؛ لا لعدم خلو حاجتنا عنه؛ بل لكمال فضله وجوده.
إن أحسن الكريم كان كريمًا به فوق كرمه، وإن صفح الحليم كان به أكثر حلمًا وأعظمَ عفوًا.!
سبقت رحمته غضبه= لكمال رحمته، وسبق رضاه سخطه= لكمال رضاه، إن أعطى فلفضله، وإن حرَم فلحكمته، النفوس إليه محتاجة، وهو لها مرمّمٌ وساتر.
يجبر كسر قلوب تلهفت للالتئام، ويعفو عن زلة نفس زادت حسراتها، إن أقبلتَ أعطاك، وإن أدبرت ناداك، وإن خفتَه أمّنك، وإن رجوته أمّلك.!
ناداه قلبٌ عاصٍ فأقبل له بأحب أوصافه (عبدي ما دعوتني إلا أجبتك) طمأنه (وأغفر الذنوب ولا أبالي) ووعده (إنك من الآمنين)

في لحظة البعد هو قريب، وفي لحظة القرب هو مجيب، عطاؤه ملأ خزائن كونِهِ، ونوره ملأ صدور محبيه، يقبلون عليه فيكرمهم قبولًا، يدعونه تضرعًا؛ فيُغيثهم فرَجًا، له خزائن لا تنفد، ورحمةٌ ملأت سحائب الدنيا، من خاف منه قرب إليه، ومن ابتعد عنه لم يأمن غيره.

رباه وهذه النفوس المكلومة، تقطن أرضًا جدباء قد تقادم غيثها، لم يبق لها رجاء إلا بك، أنت الذي تشاء مطرَها، وتنبت زرعها وتحيي ضرعها!
إله المستضعفين كل القلوب دونك ملتاعة، وكل الأفئدة بغيرك مهترئة موهونة، قلوب تقبل لبابك ترمي لرحمتك، وتأمل نافذة لطفك، وتطمع برجاء مغفرتك، وتطلب لمّ شعث قلبها من آلام مُوهِنة، وخطوب مُضعِفة، وحالٍ قاصر، وعزمٍ مُشتت، وأملٌ يلوح في الأفق، رباه أغث تلك القلوب بعظيم العطايا، فليس عقيب كرمك غُنيّة، ولا بعذ عطائك عطيّة . 🙏🏻

BY عبدالرحمن العصيمي


Share with your friend now:
tgoop.com/altorbed_1/148

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

3How to create a Telegram channel? Administrators How to Create a Private or Public Channel on Telegram? ZDNET RECOMMENDS A vandalised bank during the 2019 protest. File photo: May James/HKFP.
from us


Telegram عبدالرحمن العصيمي
FROM American