tgoop.com/amr_basioni/1149
Last Update:
1- الخلاف يقع في معرفة الأحكام الشرعية، والمصيب واحد في نفس الأمر على الصحيح الذي لا يعرف غيره عن السلف، وهو المذهب المعروف بمذهب المخطئة.
2- الخلاف ينقسم إلى سائغ وغير سائغ.
الخلاف السائغ هو الخلاف الذي أذن الله فيه ويثيب المصيب والمخطئ فيه، فالمخطئ فيه مخطئ في الوضع، لكنه طائع في التكليف لأنه فعل ما أُذن له فيه بل ما طُلب منه، وهو الاجتهاد، ولو ترتب عليه خطأ لم يؤاخذ عليه لترتبه على المأذون، وفروعه كثيرة في الشريعة كسراية التلف في الحد، فهو يثاب على الاجتهاد لا على الخطأ.
3- والخلاف غير السائغ هو الخلاف الذي لم يأذن فيه الله.
فحقيقته أنه خلاف لا يجوز، أي أن حكمه التكليفي الحرمة.
قال الشافعي في الرسالة: (الاختلاف من وجهين، أحدهما محرم، ولا أقول ذلك في الآخر.
قال فما الاختلاف المحرم؟
قلت: كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصاً بيناً: لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
وما كان من ذلك يحتمل التأويل، ويُدرك قياساً، فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، وإن خالفه فيه غيره: لم أقل أنه يُضَيَّق عليه ضِيقَ الخلاق في المنصوص). انتهى.
4- فالمخالف في الخلاف غير السائغ مخطئ قطعًا من جهة الوضع، ومرتكب لمحرم من جهة التكليف، فلا يستحق أجرا واحدا، لكن تأثيمه ليس بلازم، فقد يكون وقد لا يكون، وسيأتي مزيد في ذلك.
5- ضابط الخلاف السائغ: ما لم يخالف نصا أو إجماعا قديما أو ما في معناهما كالقياس الجلي [وخالف في القياس الجلي الحنابلة].
وهو الذي ينقض به حكم الحاكم.
وبالبناء على هذا الضابط فقد يتضح أن حكما ما غير سائغ، فيكون المخالف فيه قال قولا غير سائغ.
وقد يخفى تحقق هذا الضابط، فيقع الاجتهاد في نفس تحقيق هذا الضابط، فيختلف العلماء في سواغ قول ما من عدمه، ويجري فيه بحث تحقيق المناط. كما سيأتي قريبا.
6- مجرد وقوع الخلاف ليس ضابطا للخلاف السائغ.
فوقوع الخلاف هو خبر. أي أن إثبات الخلاف أو نفيه ليس أكثر من حكاية عن وجوده، ولا يستلزم ذلك أن يكون هذا الخلاف سائغا أو غير سائغ.
فخلاف المعتزلة ثابت، لكنه غير سائغ عند عامة مخالفيهم.
وخلاف الصفاتية في التأويل ثابت، لكنه غير سائغ عند كثير منهم، كأكثر الحنابلة المحرمين إياه.
والخلاف في ربا الفضل ثابت لكنه غير سائغ عند عامة العلماء.
والخلاف في المعازف ثابت لكنه غير سائغ عند كثير من العلماء.
والخلاف في المتعة ثابت لكنه غير سائغ عند عامة العلماء من أهل السنة.
فلا يلزم من ثبوت الخلاف ثبوت سواغه، لأن السواغ حكم شرعي على الخلاف، وهذا قدر زائد على مجرد وجوده كما هو واضح، لأنه كسائر أفعال المكلفين، وجودها غير الحكم عليها.
وقد عُبِّر عن هذا بالقول المتداول:
وليس كل خلاف جاء معتبرا * إلا خلاف له حظ من النظر
وتقييده بالضابط المذكور فوق أحسن وأضبط، لأن الخلاف قد يكون من حيث هو له حظ من النظر وإنما يمنع منه تحقق أنه مخالف للإجماع القطعي أو الظني، فإن كثيرا من فائدة الإجماع إثبات إحكام النص وتعيين دلالته، ومن هذه الجهة يقول بعض العلماء: لو كان القول الفلاني قال به قائل لقلت به، رعاية لهذا المعنى، يعني أنه في نفسه معتبر لإمكانه من حيث اللغة أو من حيث دلالة أدلة أخرى، لكنه بالنظر إلى ما قيل في المسألة مهدَر.
7-
قد يُتَّفق على عدم سواغ الخلاف.
كعدم سواغ بعض الأقوال الشاذة التي خولف فيها النص أو الإجماع الثابت، لفواته على المخالف أو رده إياه من غير بينة، كالخلاف في جواز التيمم لرفع الجنابة، أو عدم إجزاء الماء في الاستنجاء من خارجِ الدبر، أو عدم جواز متعة الحج، أو عدم اشتراط الوطء في التحليل، أو إنكار القدر جملة، أو الرؤية، ونحوها من الأقوال التي تخالف النص الثابت أو حدثت بعد الإجماع القديم. وهذا باب واحد في الفقه والاعتقاد.
وقد يختلف في سواغ الخلاف نفسه، فإن ضابط الخلاف المذكور عنواني مناطي، ويبقى للاجتهاد مدخل في تحقيقه في أشخاص المسائل، كتحقيق شرط العدالة في أشخاص أئمة الصلاة المعينين.
8-
إذن ثبوت الخلاف لا يستلزم السواغ. فالأول واقعي والثاني شرعي اعتباري.
ثم إن عدم السواغ لا يستلزم عدم الإعذار. فالأول شرعي تكليفي، والثاني شرعي وضعي.
فالإعذار حكم ثالث من قبيل الحكم الوضعي، لأنه قائم على بحث الشرط والمانع.
فقد لا يُعذر القائل بقول سائغ (لنحو تخلف شرط القول، أو قيام مانعه، كإصابة الجاهل الحق من غير طريقه)، وقد يعذر القائل بقول غير سائغ لاشتباه أو تأويل، وعلى هذا بنى الشيخ رسالة (رفع الملام).
لذلك أبى أحمد أن يترك التحديث عمن يشرب المسكر غير العنبي، وقال إنه يلزم منه ترك الحديث عن عامة الكوفيين، فعذرهم وإن لم يسوغ خلافهم.
BY قناة الشيخ / عمرو بسيوني
Share with your friend now:
tgoop.com/amr_basioni/1149