tgoop.com/amr_basioni/1164
Last Update:
ومع ذلك يفتح ابن تيمية الباب للتصور الواقعي البرجماتي، فليس ابن تيمية هدميًّا ولا عدميًّا، فيجيز الاستعانة بالوسائط للحاجة، سواء في التقليد الفقهي، أو السلوك الأخلاقي، ولكن فقط للحاجة، لا للأصالة، ولا لصعوبة الحق بالأساس، ولكن بالعَرض، ومع التقييد الدائم بعدم وجوب ولا جواز أصلًا أن يتابع غير المعصوم في كل شيء، وبخاصة إذا ظهر له مخالفته للحق. ويقرر إمكان متابعة الرسول قدر الاستطاعة لمن ليس بمجتهد، وأنه يكفيه السؤال عما أشكل عليه، وأن هذا كثير في المتوسطين.
(6)
هذه الرؤية الموضوعية الواقعية التفاؤلية تجعل ابن تيمية حسَّاسًا حتى تجاه العبارات الصوفية عن الخضوع لله سبحانه وتعالى نفسه، التي يختلط فيه القدر بالشرع، لأنه يعلم أنها خاضعة لتصور شامل عن العالم وعلاقة الإنسان به، فيرفض عبارة الشيخ عبد القادر في فتوح الغيب" (أن يكون العبد (مع الله) كالميت بين يدي غاسله)، فيفرق بين القدر وبين الأمر والنهي، بل ويجعل نفس امثتال الأمر والنهي الشرعي ينبغي أن يرجع إلى الحب، يعني الإرادة، لا نفي الإرادة واعتقاد أن هذا خضوع مستحب، ليقول:
"قول من قال: " إن العبد يكون مع الله كالميت مع الغاسل " لا يصح ولا يسوغ على الإطلاق عند أحد من المسلمين، وإنما يقال ذلك في بعض المواضع؛ ومع هذا فإنما ذلك لخفاء أمر الله عليه، وإلا فإذا علم ما أمر الله به وأحبه؛ فلا بد أن يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه الله"،
وقال: " فمن جعل الإنسان فيما يستعمله فيه القدر من الأفعال الاختيارية - كالميت بين يدي الغاسل - فقد رفع الأمر والنهي عنه في الأفعال الاختيارية وهذا باطل."
وقال: "كونه هو من أفعاله الاختيارية يصير مستسلمًا لما يستعمله القدر فيه: كالطفل مع الظئر والميت مع الغاسل؛ فهذا ما لم يأمر الله به ولا رسوله، بل هذا محرم، وإن عُفي عن صاحبه، وحسب صاحبه أن يُعفى عنه؛ لاجتهاده وحسن قصده".
=
(7)
نعتقد أن النموذج الثاني أكثر قربًا من روح الدين الحنيفي السمح السهل، وأكثر فعاليّة في المجال العام كروحٍ للتدين النشط الواقعي والمرن والمفتوح على آفاق متجددة باستمرار.
BY قناة الشيخ / عمرو بسيوني
Share with your friend now:
tgoop.com/amr_basioni/1164