tgoop.com/amr_basioni/1170
Last Update:
عندما تسيطر الأهواء وتطيش العقول في كل اتجاه، لا يبقى هناك مجال للوم على من يقال له إنه من العلماء أو العقلاء أو يُتوسّم فيه ذلك.
ومع هذه السيولة الرهيبة في القول، والهوى المتبع وإعجاب كل ذي رأي برأيه وإن لم يكن بأهلٍ، ومع التحزب والتفرق العظيم الذي يقاس القول على مقاسه؛ يغدو القول ولو محققًا مجرد قول بين أقوال أكثر منه وأعلى صوتًا وقبولًا ورواجًا، بل ربما يعود على صاحبه من الأذى ما لا يكافئ ما يتوخاه من المصلحة.
قال شيخ الإسلام: "إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق: فبالهدى يُعرف الحق، وبدين الحق يقصد الخير ويعمل به، فلا بد من علم بالحق، وقصد له وقدرة عليه.
والفتنة تضاد ذلك: فإنها تمنع معرفة الحق أو قصده أو القدرة عليه، فيكون فيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل، حتى لا يتميز لكثير من الناس أو أكثرهم / ويكون فيها من الأهواء والشهوات ما يمنع قصد الحق وإرادته، ويكون فيها من ظهور قوة الشر ما يضعف القدرة على الخير.
ولهذا ينكر الإنسان قلبه عند الفتنة، فيرد على القلوب ما يمنعها من معرفة الحق وقصده. ولهذا يقال: فتنة عمياء صماء. ويقال: فتن كقطع الليل المظلم، ونحو ذلك من الألفاظ التي يتبين ظهور الجهل فيها، وخفاء العلم".
وقال الشيخ: "إذا اتفق من هذه الجهة شبهةٌ وشهوةٌ، ومن هذه الجهة شهوة وشبهة؛ قامت الفتنة"، وقال: "والفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء نارها".
وقال شيخ الإسلام: "والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر عاجزين عن إطفاء الفتنة وكفِّ أهلها. وهذا شأن الفتن كما قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله". قلت: فكيف بالفتن المتوالية التي يرقق بعضها بعضها.
وقد جاء في حديث أبي ثعلبة الخشني مرفوعًا: "ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتَ شحًّا مطاعًا وهوى متبعًا ودنيا مؤثرة وإعجابَ كل ذي رأي برأيه، ورأيتَ أمرًا لا يدانِ لك به = فعليك بنفسك، ودع عنك أمر العوام؛ فإن من ورائك أيامٍ الصبرُ فيهن على مثل قبضٍ على الجمر، للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله".
قلت: فأمر بالتزام خاصة النفس، وذلك يكون بكثرة العلم والتفقه، ويكون بكثرة العبادة والتزكية. والكامل من جمع بينهما، ولا يصح أحدهما من غير حظٍّ من الآخر.
قال شيخ الإسلام: "فإذا قوي أهل الفجور حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر، بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب؛ سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي بالقلب".
BY قناة الشيخ / عمرو بسيوني
Share with your friend now:
tgoop.com/amr_basioni/1170