tgoop.com/ansarmagazine/3738
Last Update:
قال الفريق رياض: لقد أصدرنا الأوامر باحتلال جبل المكبر (سكوبس)، فهذا مركز استراتيجي مهم دفاعاً وهجوماً.. دفاعاً عن القدس القديمة، وهجوماً على القوات الإسرائيلية في القدس الجديدة. وما هي إلا لحظة حتى دق جرس التلفون، وصاح الشريف ناصر وهو يمسك بيده التلفون ليردّد النبأ من القيادة الأمامية: احتلت قواتنا جبل المكبر بعد معركة حامية بالسلاح الأبيض، وقد دمرنا دبابات العدو، وتكبد العدو خسائر فادحة...
وانصرف الفريق رياض إلى الخريطة هو والضباط الأردنيون، وساد القاعة جو من الفرح والحماسة، وكدنا نكبّر، كما كبر المسلمون الأوائل على هذا الجبل الأشم، قبل ثلاثة عشر قرناً من الزمان. وأصدر الفريق رياض باسم القيادة العربية المشتركة بلاغاً أن القوات العربية المشتركة استولت على جبل المكبّر، وأن العدو قد فرّ من جنوبي القدس بعد أن تكبد خسائر فادحة في الأرواح والسلاح.
ثم بدأت البرقيات تتوالى على غرفة العمليات من المراكز الأمامية. القتال يدور على كل الجبهات، نحن نكبد العدو خسائر فادحة على رغم تفوقه العددي.. مدفعيتنا تقصف تجمعات العدو ومعسكراته.. نيران هائلة شبّت في منطقة المستعمرات الخمس نتيجة لضرب مدفعيتنا. قواتنا الأرضية أسقطت طائرة للعدو في منطقة الخليل.. مدفعيتنا أسقطت طائرة إسرائيلية من نوع ميراج فوق المفرق، وطائرة أخرى فوق غور الصافي.. وطائرة أخرى فوق منطقة السموع... فتح أحد الضباط الراديو على الإذاعة الأردنية، فإذا بالمذيع الأردني يعلن بأعلى صوته: إن مجموع ما حطمه جنودنا البواسل خمسون طائرة مقاتلة...
قلت للملك حسين: الزيادة في خسائر العدو، والنقصان في خسائرنا، هما من ضرورات الحرب.. هذا لا شك فيه.. ولكن لو تفضلتم جلالتكم بإصدار الأمر بعدم المبالغة في الزيادة والنقصان ما أظن أن المواطن العربي تجوز عليه هذه المبالغات.
فقال: هذه ملاحظة مفيدة يا أخ أحمد.. ليتك تنصح إذاعة القاهرة كذلك. إن أحمد سعيد قد أسقط في إذاعة صوت العرب ما لا يقل عن مائتي طائرة إسرائيلية حتى الآن.
دخل علينا في هذه البرهة وصفي التل رئيس الديوان الملكي، وهو بملابسه العسكرية، والغليون في فمه، وفي وجهه أمارات الشماتة والحقد. وما إن طاف على الضباط مسلّماً حتى كان هدير الطائرات الإسرائيلية يمزق سماء عمّان، وبدأ القصف كأنه على موقع القيادة الأردنية، وعلى غرفة العمليات بالذات، ثم بدأت تتوالى الأسراب الإسرائيلية تقصف وتدمر... ودق جرس التلفون وأمسك به الشريف ناصر، وراح يردد: قصف العدو مطار عمان، ودمر كل طائراتنا على أرض المطار واستشهد مازن العجلوني وهو يحاول الطلوع بطائرته. ودق جرس التلفون مرة ثانية وأمسك به اللواء عامر خماش وردّد: قصف العدو مطار المفرق ودمر منشآت المطار وعدداً من طائراتنا...
وضرب وصفي التل يداً على يد وهو يقول: لقد فقدنا جميع طائراتنا. سلاحنا الجوي الذي بناه سيدنا كل عمره قد ضاع في دقائق. والتفتَ إليَّ وصفي التل كما لو أني تقمصت جمال عبد الناصر جسداً وروحاً، وقال بصوت مملوء بالشماتة والسخرية: وأين سلاح الجو المصري، وأين الميغ 17 و 70؟ ثم التفت إلى الفريق عبد المنعم رياض وقال: كان الاتفاق أن تقوموا بغارات جوية على إسرائيل في أول ساعات القتال.. أين صواريخكم الظافر والناصر والقاهر؟! وراح التل يرغي ويزبد وهو يشير بغليونه إلى الخارطة المثبتة في الجدار...
واصلت الإذاعة السورية تلخيص البلاغات العسكرية التي صدرت طيلة النهار، وكان آخر بلاغ عسكري يقول: بلغ عدد الطائرات التي أسقطها سلاح الطيران السوري للعدو أربعاً وخمسين طائرة. ثم نقل المذيع السوري مقابلة مع الطيار الإسرائيلي الذي أسقطت طائرته على الأراضي السورية، الملازم ابراهام زيلاك...
أفزعني آخر بلاغ أردني (الساعة 11,00 ليلا) وهو يعلن: أن العدو قام بهجوم واسع النطاق على المناطق الشمالية لمدينة القدس، وحاول يائساً احتلال مناطق الشيخ جراح والطور وشعفاط.. وأن قواتنا اشتبكت مع قوات العدو في المناطق الواقعة جنوب القدس وما زالت المعارك مستمرة في شمال القدس وجنوبها. لقد فزعت حقاً.. فإذا كان العدو قد أصبح يقاتل في حي الشيخ جراح، وهو من أحياء القدس.. وأن المعارك محتدمة في جنوب القدس، فمعنى ذلك أن إسرائيل في طريقها إلى القدس من الشمال والجنوب، ومعنى ذلك سقوط القدس غداً أو بعد غد...
أعلنت الإذاعة الإسرائيلية عند منتصف الليل: أن القوات الإسرائيلية استولت على مدينة جنين وعلى قرية النبي صموئيل قرب القدس. وصاح الذعر في نفسي: هل سقطت جنين؟ هل سقطت قرية النبي صموئيل؟ إذن أصبحت القدس تواجه خطر السقوط!
BY مجلة أنصار النبي ﷺ
Share with your friend now:
tgoop.com/ansarmagazine/3738