ASSDAIS Telegram 1484
الجود بالعلم من أعلى مراتب الجود

قال ابن القيم: «الجود بالعلم وبذْله، وهو من أعلى مراتب الجود، والجودُ به أفضلُ من الجود بالمال؛ لأنّ العلم أشرف من المال.

والنّاس في الجود به على مراتب متفاوتةٍ، وقد اقتضت حكمةُ الله وتقديره النّافذ أن لا ينفعَ به بخيلًا أبدًا.
ومن الجود به: أن تبذله لمن لم يسألك عنه، بل تَطْرحه عليه طَرْحًا ومن الجود به: أنّ السّائل إذا سألك عن مسألةٍ استقصيتَ له جوابَها شافيًا، لا يكون جوابك له بقدرِ ما تُدفع به الضّرورة، كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا «نعم» أو «لا»، مقتصرًا عليها.
ولقد شاهدتُ من شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك أمرًا عجيبًا: كان إذا سُئل عن مسألةٍ حكميّةٍ، ذكر في جوابها مذاهبَ الأئمّة الأربعة إذا قدَرَ عليه، ومأخذَ الخلاف، وترجيحَ القول الرّاجح، وذكر متعلّقاتِ المسألة التي ربّما تكون أنفعَ للسّائل من مسألته، فيكون فرحُه بتلك المتعلّقات واللّوازم أعظمَ من فرحه بمسألته.
وهذه فتاواه بين النّاس، فمن أحبَّ الوقوفَ عليها رأى ذلك.

فمن جود الإنسان بالعلم: أنّه لا يقتصر على مسألة السّائل، بل يذكر له نظيرَها ومتعلَّقها ومأخذَها، بحيث يشفيه ويكفيه.
وقد سأل الصّحابة -رضي الله عنهم- النّبيَّ ﷺ عن التَّوضِّي بماء البحر؟ فقال: «هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ مَيتتُه».
فأجابهم عن سؤالهم، وجاد عليهم بما لعلَّهم في الأحيان إليه أحوجُ ممّا سألوه عنه.
وكانوا إذا سألوه عن الحكم نبَّهَهم على علّته وحكمته، كما سألوه عن بيع الرُّطَب بالتّمر؟ 
فقال: «أيَنقُصُ الرُّطَب إذا جَفَّ؟»، قالوا: نعم. قال: «فلا إذَنْ».

ولم يكن يخفى عليه ﷺ نقصان الرُّطب بجفافه، ولكن نبَّههم على علّة الحكم.
وهذا كثيرٌ جدًّا في أجوبته ﷺ، مثل قوله: «إن بِعتَ من أخيك ثَمَرًا فأصابتْها جائحةٌ، فلا يحلُّ لك أن تأخذ من مال أخيك شيئًا، بِمَ يأخذُ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟». 
وفي لفظٍ: «أرأيتَ إن منعَ الله الثّمرة بِمَ يأخذ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟».
فصرّح بالعلّة التي يَحرُم لأجلها إلزامُه بالثّمن، وهي منعُ اللهِ الثّمرة الذي ليس للمشتري فيه صنعٌ.

وكان خصومه [أي: ابن تيمية] يعيبونه بذلك، ويقولون: يسأله السّائل عن طريق مصر مثلًا، فيذكر له معها طريق مكّة والمدينة وخراسان والعراق والهند، وأيُّ حاجةٍ بالسّائل إلى ذلك؟!
ولَعَمرُ الله ليس ذلك بعيبٍ، وإنّما العيب: الجهل والكبر، وهذا موضع المثل المشهور:
لَقَّبوه بحامضٍ وهو حُلْوٌ ... مثلَ من لم يَصِلْ إلى العُنْقود».
«مدارج السالكين» ٦/٣-٩.



tgoop.com/assdais/1484
Create:
Last Update:

الجود بالعلم من أعلى مراتب الجود

قال ابن القيم: «الجود بالعلم وبذْله، وهو من أعلى مراتب الجود، والجودُ به أفضلُ من الجود بالمال؛ لأنّ العلم أشرف من المال.

والنّاس في الجود به على مراتب متفاوتةٍ، وقد اقتضت حكمةُ الله وتقديره النّافذ أن لا ينفعَ به بخيلًا أبدًا.
ومن الجود به: أن تبذله لمن لم يسألك عنه، بل تَطْرحه عليه طَرْحًا ومن الجود به: أنّ السّائل إذا سألك عن مسألةٍ استقصيتَ له جوابَها شافيًا، لا يكون جوابك له بقدرِ ما تُدفع به الضّرورة، كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا «نعم» أو «لا»، مقتصرًا عليها.
ولقد شاهدتُ من شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك أمرًا عجيبًا: كان إذا سُئل عن مسألةٍ حكميّةٍ، ذكر في جوابها مذاهبَ الأئمّة الأربعة إذا قدَرَ عليه، ومأخذَ الخلاف، وترجيحَ القول الرّاجح، وذكر متعلّقاتِ المسألة التي ربّما تكون أنفعَ للسّائل من مسألته، فيكون فرحُه بتلك المتعلّقات واللّوازم أعظمَ من فرحه بمسألته.
وهذه فتاواه بين النّاس، فمن أحبَّ الوقوفَ عليها رأى ذلك.

فمن جود الإنسان بالعلم: أنّه لا يقتصر على مسألة السّائل، بل يذكر له نظيرَها ومتعلَّقها ومأخذَها، بحيث يشفيه ويكفيه.
وقد سأل الصّحابة -رضي الله عنهم- النّبيَّ ﷺ عن التَّوضِّي بماء البحر؟ فقال: «هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ مَيتتُه».
فأجابهم عن سؤالهم، وجاد عليهم بما لعلَّهم في الأحيان إليه أحوجُ ممّا سألوه عنه.
وكانوا إذا سألوه عن الحكم نبَّهَهم على علّته وحكمته، كما سألوه عن بيع الرُّطَب بالتّمر؟ 
فقال: «أيَنقُصُ الرُّطَب إذا جَفَّ؟»، قالوا: نعم. قال: «فلا إذَنْ».

ولم يكن يخفى عليه ﷺ نقصان الرُّطب بجفافه، ولكن نبَّههم على علّة الحكم.
وهذا كثيرٌ جدًّا في أجوبته ﷺ، مثل قوله: «إن بِعتَ من أخيك ثَمَرًا فأصابتْها جائحةٌ، فلا يحلُّ لك أن تأخذ من مال أخيك شيئًا، بِمَ يأخذُ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟». 
وفي لفظٍ: «أرأيتَ إن منعَ الله الثّمرة بِمَ يأخذ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟».
فصرّح بالعلّة التي يَحرُم لأجلها إلزامُه بالثّمن، وهي منعُ اللهِ الثّمرة الذي ليس للمشتري فيه صنعٌ.

وكان خصومه [أي: ابن تيمية] يعيبونه بذلك، ويقولون: يسأله السّائل عن طريق مصر مثلًا، فيذكر له معها طريق مكّة والمدينة وخراسان والعراق والهند، وأيُّ حاجةٍ بالسّائل إلى ذلك؟!
ولَعَمرُ الله ليس ذلك بعيبٍ، وإنّما العيب: الجهل والكبر، وهذا موضع المثل المشهور:
لَقَّبوه بحامضٍ وهو حُلْوٌ ... مثلَ من لم يَصِلْ إلى العُنْقود».
«مدارج السالكين» ٦/٣-٩.

BY قناة عبدالرحمن السديس


Share with your friend now:
tgoop.com/assdais/1484

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Telegram has announced a number of measures aiming to tackle the spread of disinformation through its platform in Brazil. These features are part of an agreement between the platform and the country's authorities ahead of the elections in October. Other crimes that the SUCK Channel incited under Ng’s watch included using corrosive chemicals to make explosives and causing grievous bodily harm with intent. The court also found Ng responsible for calling on people to assist protesters who clashed violently with police at several universities in November 2019. A few years ago, you had to use a special bot to run a poll on Telegram. Now you can easily do that yourself in two clicks. Hit the Menu icon and select “Create Poll.” Write your question and add up to 10 options. Running polls is a powerful strategy for getting feedback from your audience. If you’re considering the possibility of modifying your channel in any way, be sure to ask your subscribers’ opinions first. During a meeting with the president of the Supreme Electoral Court (TSE) on June 6, Telegram's Vice President Ilya Perekopsky announced the initiatives. According to the executive, Brazil is the first country in the world where Telegram is introducing the features, which could be expanded to other countries facing threats to democracy through the dissemination of false content. The group’s featured image is of a Pepe frog yelling, often referred to as the “REEEEEEE” meme. Pepe the Frog was created back in 2005 by Matt Furie and has since become an internet symbol for meme culture and “degen” culture.
from us


Telegram قناة عبدالرحمن السديس
FROM American