tgoop.com/athar_king/304
Last Update:
قال محمد بن إبراهيم: وبين يدي أبي جعفر عمودٌ فجمع الناس عليهم ثيابهم مخافةً أن يتلطخ عليهم من دمه ودماغه، فلم يهجه بشيء وانصرف الناس
فقال عمٌّ لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين، إن هذا مجلس قد حضره أهل الآفاق وينصرفون إلى البلاد فيخبرون بما كان إلى أمير المؤمنين من الجرأة
فلو قتلت هذا الكلب لئلا يجترئ عليك غيره من الناس.
فقال له أبو جعفر: ويحك، هذا رجلٌ قد بلغت منه صعوبة العبادة
وقد سمع الحديث: ((إن أفضل الجهاد كلمة عدل قالها عند سلطان جائر يقتل عليها)) ، فطمع أني أقتله أفيراني أقتله وأريحه مما هو فيه من صعوبة العبادة؟
ولا والله ما أهيجه أبداً حتى يموت أو أموت.
أخبرنا أبي، قال: ذكر عبد الجبار بن سعيد المساحقي، عن أبيه، عن محمد بن إبراهيم الإمام قال:
حضرت أبا جعفر المنصور بالمدينة وعنده ابن أبي ذئب فقال له أبو جعفر المنصور: يا ابن أبي ذئب، أخبرني بحالات الناس.
فقال: يا أمير المؤمنين، هلك الناس، وضاعت أمورهم، فلو اتقيت الله فيهم، وقسمت فيئهم فيهم.
فقال: ويلٌ لك يا ابن أبي ذئب، لولا ما بعثنا بذلك الفيء من البعوث وسددنا به من الثغور لأُتيتَ في منزلك وأُخذت بعنقك وذُبحت كما يذبح الجمل.
فقال ابن أبي ذئب: يا أمير المؤمنين، قد بعث البعوث وسد الثغور وقسم فيئهم فيهم غيرك.
قال: ويلك، ومن ذاك؟
قال: عمر بن الخطاب
فأطرق أبو جعفر إطراقةً ثم رفع رأسه فقال: إن عمر بن الخطاب -رحمه الله- عمل لزمانٍ وعملنا لغيره.
فقال: يا أمير المؤمنين إن الحق لا تنقله الأزمان عن مواضعه ولا تغيره عن وجهه.
قال: أحسبك يا ابن أبي ذئب طعاناً على السلطان.
قال: لا تقل ذاك يا أمير المؤمنين، فوالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه لصلاحك أحب إلي من صلاح نفسي
وذاك أن صلاحي لنفسي لا يعدوها، وصلاحك لجميع المسلمين.
قال: فأطرق أبو جعفر وإن المسيب والحرس قيامٌ على رأس أبي جعفر بأيديهم السيوف المسللة.
قال: ثم رفع رأسه وقال: من أراد أن ينظر إلى خير أهل الأرض اليوم فلينظر إلى هذا الرجل وأومأ إلى ابن أبي ذئب.
قال: فقلت في نفسي أشهد أن الله ولي الذين آمنوا وهو منجي المتقين...
آخر الجزء، والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله...
BY أخبار السلف مع الملوك والأمراء
Share with your friend now:
tgoop.com/athar_king/304