tgoop.com/badrth313/293
Last Update:
ابتلينا بحالة من التطرف الشعوري تجاه التعامل مع القدوات، صرنا في رهاب مستمر من كل حكم؛ نخشى أن نثني على مستحق فنوصف بالتقديس والمبالغة، أو ننتقده فنوسم بالإسقاط والحسد.
دعونا من أوهام الطرفين؛ الحق أن ثمّ قدرًا من حفظ المقامات لابد أن يستحضر قبل أي تحذير أو نقد، لا يعني هذا منع النصح أو حتى منع النصح العلني؛ لكنّي أقول أن تخطئة ذوي الهيئات فيه خطوة إضافية حريٌ أن نتبصر قبلها وهي: صيانة الرصيد الرمزي.
إنكار المنكر واجب؛ والنظر لابدّ أن يمتد لمعطيات أخرى، نوع المسألة، وأثرها، وتكررها، ودافعها، ورتبتها.
ثم ننظر لمعطيات الرد، أسلوبه، وأثره على المسألة، وأثره على رصيده الرمزي.
هذا في حال التسليم بوجود منكر.
بعض العلماء يكون رأسًا يقتدى به في مجال، و قوته إما في علمه، أو في شخصيته العامة وجاهه الحاضر، أو هما معًا؛ ليس من الرشد أن تنظر للخطأ دون فاعله.
وأكرر أن هذا لا يعني التقديس عند من يفهم دلالات الكلام، لكنها دعوة لعدم كسر الحاجز الزجاجي فيدلف منه من يحطم بقية الحاجز ويحطم الشخص معه.
وهذا معلوم عند السلف؛ قال ابن عبد البر -رحمه الله-: روى ابن وهب عن ابن لهيعة عن بكر بن الأشج عن القاسم بن محمد أن رجلًا قال له: عجبتُ من عائشة حين كانت تصلي أربعًا في السفر، ورسول الله ﷺ كان يصلي ركعتين، فقال القاسم بن محمد: "عليك بسنة رسول الله ﷺ، فإن من الناس من لا يُعاب" [1]
وروي عن مالك أنه قال: بلغني عن القاسم بن محمد كلمة أعجبتني، وذاك أنه قال: "من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم" [2]
وروى مالك بن أنس قال: سمعت الزهري يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: "ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب، لا بد، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله" [3]
ليست المسألة أهوائية، ولا دعوة لترك النكير، ولا هدفها التعصب للأشخاص، هي محاولة اتزان لفقه الإنكار بما يغلب خروج أثره عن المسألة إلى الشخص، فبعض الناس قد يعالج سوسة فيقتلع الضرس، استحضر ما ذكرته من معطيات فإن غلب عندك -بعد كل هذا- وجوب الإعلان فأعلن نكيرك، وإلا فلا.
فكّر في نقطة؛ أن التردد للحالة التي يمثلها، وليست لشخصه، ثم قرر.
————
[1] جامع بيان العلم وفضله (2/ 1208)
[2] تاريخ أبي زرعة (1/ 420)
[3] الكفاية للخطيب (1/ 79)
BY قناة بدر آل مرعي
Share with your friend now:
tgoop.com/badrth313/293