tgoop.com/badrth313/298
Last Update:
حول الشروح المنهجية مرة أخرى:
——————————————
هذا تتميم لما كتبت قبل يومين حول "الشروح المنهجية"؛ قررت آنذاك أن الأصل الذي يجب أن ترتكز عليه الشروح -سواء كانت لمتون أو تعليقات الكتب- حاجة الطالب لا عرض علم الأستاذ.
كل انحراف عن هذا الأصل سيسبب تشوهات للمعرفة ولذهنية الطالب، وقد عزا ذلك العلامة الطاهر بن عاشور إلى محبة الأستاذ رسم صورة ذهنية تشي بالتحقيق وعلو الرتبة في العلم فقال:
"يعرض كثيرًا لمن اتَّسعت معلوماتهم من المتصدِّرين للتدريس في مبدأ تصدُّرهم؛ فيدفعهم حبُّ إظهار ما لهم من المزيَّة، ثمَّ لا يلبث أن يستيقظ من بهجته ويصير إلى وضع المقادير في نصابها" [1]
الإنسان في مرحلة ما من عمره يبحث عن قبول واعتراف، فيبذل في سبيل ذلك ما قد يخجله لاحقًا إذا نضج.
وممن اعترف بسلوك هذا المسلك العلامة محمد الخضر حسين -رحمه الله- في الرحلة الجزائرية إذ قال:
"وقد كنت -عافاكم الله- ممن ابتلي درسه باستجلاب المسائل المختلفة الفنون، وأتوكأ في ذلك على أدنى مناسبة حتى أفضى الأمر إلى أن أتجاوز في الدرس شطر بيت من ألفية ابن مالك مثلاً، ثم أدركت أنها طريقة منحرفة المزاج، عقيمة من الانتاج، ونرجو أن تكون توبتنا من سلوكها توبة نصوحا" [2]
نقله رفيق دربه وخليل روحه الطاهر بن عاشور ثم عقب بقوله:
"وأنا أيضا عرض لي مثل ذلك في تدريس المقدمة الأجرومية فكنت آتي في من شرح الشاطبي على الألفية، وفي درس مقدمة إيساغوجي، فأجلب فيه مسائل من النجاة لابن سينا ثم لم ألبث أن أقلعت عن ذلك"[3]
هذه الحالة الاستعراضية التي مررنا بها كلنا تشبّ وتخبو، تبحر وترسو، زبد لا يمكث في القلوب المؤمنة بشرف الرسالة وحق الطلاب في الترقي المنهجي المتدرج، فالإمام الشافعي -رحمه الله- يقول:
"ازدحام العلم في السمع مضلّة للفهم"[4]
النضج العلمي قوامه مراعاة الحاجة، وتجريد النية عن حظوظ الظهور اللافت، وغرس جذور الروح في تربة المسؤولية.
—————
[1] أليس الصبح بقريب ص17
[2] الرحلة الجزائرية ص37-38 وهو في "أليس الصبح بقريب" الصفحة السابقة
[3] أليس الصبح بقريب ص17
[4]عزاه الزبيدي في شرح الإحياء للشافعي (1/ 334)، وهو برواية أطول عن عتبة بن سفيان يوصي معلم ولده كما في التذكرة الحمدونية (1/ 354).
BY قناة بدر آل مرعي
Share with your friend now:
tgoop.com/badrth313/298