براءة ناصر (البروع) 𓂆

استيقظتُ هذا الصباح على صوت ضحكات أطفالي وهم يتسابقون للدخول إلى غرفتي، يتسلقون السرير ويتشبّثون بي بحب، كان زوجي قد سبقهم، يضع كوب قهوتي المفضلة على المنضدة، يبتسم لي وهو يقول:
"يلا يا صيدلانيتنا، صباحك خير"
نهضتُ بنشاط، وأشعر بطاقة لم أشعر بها من قبل… ليس لأنني نمتُ جيدًا؛ بل لأنني أعيش حياة كنتُ أتمناها يومًا، وها هي بين يديّ… توجهتُ إلى المرآة، نظرتُ إلى نفسي… تلك الفتاة التي حلمتُ أن تكون قوية، ذكية، وناجحة، ها هي الآن امرأة صنعت اسمها بنفسها، وأصبحت مثالًا يُحتذى به!
بعد الفطور، ودعت عائلتي الصغيرة وانطلقتُ نحو الجامعة، حيث كنتُ أحضّر رسالتي في الماجستير، محاطة بأساتذة وزملاء يقدّرونني ويثنون على اجتهادي، وليس بعيدًا عن الجامعة كان مبنى صنع بأناملك شامخًا، يعجُّ بالحياة، بالمواهب التي كنتُ أساعدها على الظهور، بمئات الحكايات التي بدأت هنا تحت إشرافي…

لم يكن يومي عاديًا، فأنا مدعوةٌ الليلة لحضور لقاء تلفزيوني، حيث سيتحدثون عني كواحدة من أكبر المدققين اللغويين في الوطن العربي، جلستُ أمام المرآة، أضع لمساتي الأخيرة، وأنا أسترجع كيف كنتُ فتاةً تعشق التصحيح والتدقيق، وكيف تحوّل هذا الشغف إلى نجاحٍ جعل الجميع ينظر إليّ بإعجاب!

لكن أجمل لحظة في يومي لم تكن تلك… بل كانت تلك المكالمة من أمي التي أخبرتني بأنها مستمتعة برحلتها مع أبي وأخي، وأنها فخورة بي، شعرتُ أنني حققتُ شيئًا يستحق، أن أرى عائلتي سعيدة، أن أكون سببًا في راحتهم، أن أعيش بسلام بعيدًا عن الهموم…

وفي نهاية اليوم، كنتُ أجلس مع زوجي وصغاري في حديقة منزلنا، أنظر إلى السماء وأبتسم… أعيش الحياة التي تمنيتها، دون نقص، دون حزن، ناجحة، محبوبة، سعيدة، وقبل كل شيء… ممتنة لكل لحظة.

براءة ناصر

www.tgoop.com/baraanasser8/21539

1.1K viewsالصُّنعية: براءة ناصر, Mar 8 at 01:09

استيقظتُ هذا الصباح على صوت ضحكات أطفالي وهم يتسابقون للدخول إلى غرفتي، يتسلقون السرير ويتشبّثون بي بحب، كان زوجي قد سبقهم، يضع كوب قهوتي المفضلة على المنضدة، يبتسم لي وهو يقول:
"يلا يا صيدلانيتنا، صباحك خير"
نهضتُ بنشاط، وأشعر بطاقة لم أشعر بها من قبل… ليس لأنني نمتُ جيدًا؛ بل لأنني أعيش حياة كنتُ أتمناها يومًا، وها هي بين يديّ… توجهتُ إلى المرآة، نظرتُ إلى نفسي… تلك الفتاة التي حلمتُ أن تكون قوية، ذكية، وناجحة، ها هي الآن امرأة صنعت اسمها بنفسها، وأصبحت مثالًا يُحتذى به!
بعد الفطور، ودعت عائلتي الصغيرة وانطلقتُ نحو الجامعة، حيث كنتُ أحضّر رسالتي في الماجستير، محاطة بأساتذة وزملاء يقدّرونني ويثنون على اجتهادي، وليس بعيدًا عن الجامعة كان مبنى صنع بأناملك شامخًا، يعجُّ بالحياة، بالمواهب التي كنتُ أساعدها على الظهور، بمئات الحكايات التي بدأت هنا تحت إشرافي…

لم يكن يومي عاديًا، فأنا مدعوةٌ الليلة لحضور لقاء تلفزيوني، حيث سيتحدثون عني كواحدة من أكبر المدققين اللغويين في الوطن العربي، جلستُ أمام المرآة، أضع لمساتي الأخيرة، وأنا أسترجع كيف كنتُ فتاةً تعشق التصحيح والتدقيق، وكيف تحوّل هذا الشغف إلى نجاحٍ جعل الجميع ينظر إليّ بإعجاب!

لكن أجمل لحظة في يومي لم تكن تلك… بل كانت تلك المكالمة من أمي التي أخبرتني بأنها مستمتعة برحلتها مع أبي وأخي، وأنها فخورة بي، شعرتُ أنني حققتُ شيئًا يستحق، أن أرى عائلتي سعيدة، أن أكون سببًا في راحتهم، أن أعيش بسلام بعيدًا عن الهموم…

وفي نهاية اليوم، كنتُ أجلس مع زوجي وصغاري في حديقة منزلنا، أنظر إلى السماء وأبتسم… أعيش الحياة التي تمنيتها، دون نقص، دون حزن، ناجحة، محبوبة، سعيدة، وقبل كل شيء… ممتنة لكل لحظة.

براءة ناصر

BY براءة ناصر (البروع) 𓂆