tgoop.com/bilgasem/515
Last Update:
توفني مسلما...
( رَبِّ قَدۡ ءَاتَیۡتَنِی مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِی مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِیِّۦ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ تَوَفَّنِی مُسۡلِمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ)
أكثر المفسرين على أن يوسف عليه السلام سأل ربه الموت منجزا
وهو المروي عن ابن عباس من طرق ومجاهد وقتادة وابن إسحاق وابن عيينة ومقاتل بن سليمان.....
وعباراتهم متقاربة وهذه عباراتهم...
قال ابن عباس رضي الله عنهما من طريق مجاهد:
اشتاق إلى لقاء الله، وأحبَّ أن يَلْحَق به وبآبائه، فدعا اللهَ أن يَتَوَفّاه، وأن يُلْحِقَه بهم، ولم يسأل نبيٌّ قطُّ الموتَ غيرُ يوسف
قال قتادة : لما جمع ليوسف شمله، وتكاملت عليه النعم سأل لقاء ربّه.....
وقال مجاهد: أن يوسف النبي ﷺ، لما جمع بينه وبين أبيه وإخوته، وهو يومئذ ملك مصر، اشتاق إلى الله وإلى آبائه الصالحين إبراهيم وإسحاق...
وقال ابن إسحاق: قال يوسف حين رأى ما رأى من كرامة الله وفضله عليه وعلى أهل بيته حين جمع الله له شمله، وردَّه على والده، وجمع بينه وبينه فيما هو فيه من الملك والبهجة.....
قال مقاتل بن سليمان: فلمّا جمع الله ليوسف شَمْلَهُ، فأَقَرَّ بعينه وهو مغموسٌ في المُلْكِ والنِّعمة؛ اشتاق إلى الله وإلى آياته، فتَمَنّى الموت.
وقال بعضهم إنه سأل ربه الصفة أي أن يموت مسلما حين يأتي أجله وهو مروي عن الضحاك بن مزاحم.
واستشكال المتأخرين بسبب ما ورد في شرعنا من النهي عن تمني الموت وقد أجيب عن ذلك بأجوبة بعضها من جهة النهي وهو أنه خاص بمن تمنى الموت ضجرا وجزعا بسبب الضر الذي نزل به.
وأجوبة أخرى من جهة يوسف عليه السلام وأن هذا كان سائغا في ملتهم وشرعهم أو أنه قال ذلك عند احتضاره أو أنه سأل الصفة وهي الموت على الإسلام واختار هذا الأخير ابن تيمية وابن عطية رحمهم الله.
وليس هذا محل البحث عن أحكام تمني الموت ولكن تفسير هذه الآية من المواطن الكثيرة التي عظم فيها منهج مفسري السلف في قلبي مع أن تفسير هذه الآية من المواطن التي يسوغ فيها الخلاف لورود قول آخر عن السلف واختيار هذا القول من أئمة محققين معتبرين كابن تيمية وابن عطية وغيرهم رحمهم الله جميعا
ولكن جمهورهم على القول الأول.
وقد بينوا وجهه بقولهم
إن يوسف عليه السلام لما رأى تكامل النعمة عليه في الدنيا اشتاق إلى ربه عز وجل.
قلت:
وهذه فطرة النفوس التواقة التي لا تزال تطمح للمراتب العالية والمنازل الرفيعة.
ومنها
أن يوسف عليه السلام لما رأى تكامل النعم الدينية والدنيوية في حياته وأيقن أن الذي أعطاه إياه إنما هو ربه اللطيف الكريم الوهاب اطمأن إلى آخرته واشتاق إليها ولذا قال
( أنت وليي في الدنيا والآخرة)
ومنها
أنه قد جرت سنة الله تعالى في الدنيا أن كمالها يعقبه النقص وسرورها يتلوه الحزن وجمعها يلاحقه الفقد والفراق فسأل الله تعالى أن يتوفاه في كمالات النعمة قبل زوالها. وهو النبي الذي مرت به آلام الظلم والغربة والرق والسجن والأحزان.
ومنها
أن الشوق إلى الله تعالى أكمل ما يكون من العبد عند تكامل النعمة عليه وانغماره فيها.
فإن النفوس عادة تركن لذلك وتحب لو طالت حياتها في ذلك النعيم العاجل.
لكن المشتاقين لربهم لا تلهيهم عن الشوق إليه لذة مهما عظمت.
BY عبدالله بن بلقاسم
Share with your friend now:
tgoop.com/bilgasem/515