tgoop.com/dr_naelgazy/6500
Last Update:
خواطر مقاوم:
أهؤلاء الذين أفنيت عمري لأجلهم؟
نحن الذين حملنا فوق أكتافنا عبء الكرامة، ودفنا آلامنا وأحلامنا في دهاليز الأنفاق المظلمة، لنصنع سلاحًا لا يدرك العدو مسالكه؟
عشنا دهورًا نحفر الأرض بأيدينا، أصابنا المرض، واستشهد رفاقنا تحت الردم، لا لشيء إلا لنرفع الراية التي خفضها المتخاذلون والمفرطون والمفاوضون، ولنحمي أرضًا تركها المطبعون مستباحة أمام عدوٍ يتغطرس بلا رادع.
أهؤلاء الذين انطلقنا لأجلهم فجر السابع من تشرين، فحققنا ما عجزت عنه جيوش ثلاث دول عربية في أوج قوتها؟
أجهزنا على كتيبة كاملة من أعداء الله في ست ساعات، مزقنا أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، وكشفنا للعالم هشاشة بيت العنكبوت، الذي انهارت معه منظومته العسكرية والاستخباراتية في ليلة وضحاها.
رأيتم بأعينكم جنود الاحتلال يفرون كالجرذان، وآخرين يتساقطون كالبط بين أيدينا، رأيتم بأسنا وعزتنا، ومع ذلك بقيتم على حالكم: مشاهدين خانعين صامتين.
حملنا المعركة على كاهلنا وحدنا، لا نقاسمكم الماء ولا الطعام، رغم قلة حيلتنا وقلة زادنا، أبناؤنا لا يقفون في طوابير الإغاثة، ولا يسجلون أسماءهم بين المستحقين، لأننا اخترنا أن نكون في الميدان، بعيدًا عن مظاهر العجز التي أنتم فيها. نحن لا نطلب تصفيقكم، ولا ننتظر إعجابكم بشجاعة رجالنا، لكنكم حتى هذا سئمتموه، فانتقلتم إلى طور المنظّرين والمجادلين، تتحدثون بلسان العدو بيننا، تشككون في جدوى مقاومتنا، وتتناقلون اتهاماته وكأنها الحق الذي لا جدال فيه.
أربعمائة وخمسون يومًا مضت ونحن نقاتل نيابة عن الأمة، ندافع عن مسرى نبينا ﷺ، وعن القدس، وعن أرضٍ أضعتموها وشرفٍ بعتموه.
ومع ذلك، لا نجد منكم إلا النقد، والسهام التي تطعن ظهورنا من الخلف.
ألم تسألوا أنفسكم يومًا: لولا مقاومتنا، هل كان لكم موطئ قدم بين الأمم؟
هل كان لكم عزٌ أو مكانة في عيون أعدائكم؟
لكننا، رغم ذلك كله، لا نندم على قرارنا، نحن نعلم أن الله اصطفانا، وأنه وعدنا بالنصر والتحرير، وأن الشهداء الذين رحلوا هم من أهل الفتح الحقيقي، فقط نعلم أنكم، أيها المتخاذلون، لن تكونوا بيننا عندما تشرق شمس التحرير.
سنرى تلك اللحظات الصادقة وحدنا، لأنها ليست لمن خانوا، ولا لمن صمتوا، بل لمن حملوا الراية بدمائهم وأرواحهم، دون أن يلتفتوا إلى قلوب أصابها العمى والخذلان.