tgoop.com/dr_naelgazy/6551
Last Update:
أن تتعب بعد كل هذا الطريق الطويل في المعركة الضرورية فهذا شيء طبيعي لا يجادل فيه عاقل؛ وكلنا في ذات التعب والهمّ سواء، وليست المحنة في فئة دون فئة !!
وأن تتمنى زوال هذا الابتلاء الكبير فهذا نداء الفطرة فيك.
وأن تطالب بضرورة توقف شلال الدم فهذا كذلك مطلب مشروع، ولا خلاف فيه.
لكنّ الذي لن يكون مُتفهّماً أو مقبولاً أو صحيحاً: أن ترمي باللوم في استمرار هذا الابتلاء على إخوانك المجاهدين الذي قدموا في معركة "الكرامة" خيرة قادتهم وأبنائهم وعائلاتهم، ونالهم الجوع والعطش والخوف أضعاف أضعاف أضعاف ما أصابك.
فأنت لست محروماً من التسجيل في كلّ قافلة إغاثة؛ وهم في المقابل ممنوع عليهم ذلك.
أنت تعيش نوعاً من الأمان في أهلك وعيالك، وهم لـ17 شهراً لم يحظوا ببعض بعض ما أنت فيه، وكثيرهم يتمنى ألو لمح طيف أبنائه، وكثيرهم يمضي لله ولم يعانق أبناءه أو يقبلهم.
أنت تفكر في أمنك الشخصي؛ وهم يفكرون في أمنك قبل أمنهم الشخصي.
أنت تعيش ضغط الواقع المعيشي مع قسوته؛ وهم يعيشون وأهليهم ذات الضغط مع زيادة الضغط الأمني والعسكري.
انهاء الحرب مطلبٌ يماطل فيها الاحتلال وليست المقاومة، والضغط الذي يجب أن يمارس لا على إخوانك، وإنما على العدو المتسبب في هذه المعاناة من قبل الطوفان وأثنائه. وأبرز الضغوط: هو إظهار الصبر والتجلّد والالتفاف حول أبنائكم، وصدّ مكرهم الخطير الرامي لزعزعة الجبهة الداخلية، وتعزيز شروخ الشقاق التي يحاول تعميقها ذوو الأجندات المشبوهة.
المفاوض في معركته العنيدة لا يفاوض على ترف المطالب؛ ولا عن حظّ من حظوظ الدنيا التي لم يلتفتوا لها؛ ولو التفتوا لدنياهم لكانوا في أوسع حال لا أضيقه وهم يربطون على بطونهم حجارة من الجوع مع أهليهم !!
نحن مأمورون بالصبر واليقين بحتمية الغلبة في هذه المعركة وإنْ اشتدت علينا الظروف، وخنقنا خذلان أمتنا وأبناء جلدتنا، ونحن للفرج أقرب، ولن يُخلف الله وعده، ولكنَّ الفرج مقرون بالصبر الجميل.
قال -صلى الله عليه وسلم- "ما أُعْطِيَ أحدٌ عطاءً هو خيرٌ وأوسَعُ مِنَ الصَّبرِ".
وإننا لن نبلغَ درجةَ الإمامةِ في الدين إلا على جناحيْ: الصبـر واليقيـن.
قال الله ﴿وَجَعَلنا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدونَ بِأَمرِنا لَمّا صَبَروا وَكانوا بِآياتِنا يوقِنونَ﴾ [السجدة: 24]