tgoop.com/ebn_rjb/1238
Last Update:
" إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ".
ومعنى الحديث:
النهي عن التشديد في الدين بأن يحمل الإنسان نفسه من العبادة مالا يحتمله إلا بكلفة شديدة، وهذا هو المراد بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لن يشاد الدين أحد إلا غلبه " يعني: أن الدين لا يؤخذ بالمغالبة فمن شاد الدين غلبه وقطعه..
وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سددوا وقاربوا وأبشروا ":
التسديد: هو إصابة الغرض المقصود، وأصله من تسديد السهم إذا أصاب الغرض المرمى إليه ولم يخطه. والمقاربة: أن يقارب الغرض وإن لم يصبه؛ لكن يكون مجتهدا على الإصابة فيصيب تارة ويقارب تارة أخرى، أو تكون المقاربة لمن عجز عن الإصابة كما قال تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦] وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "..
وقيل:أراد التسديد: العمل بالسداد -وهو القصد والتوسط في العبادة- فلا يقصر فيما أمر به وولا يتحمل منها مالا يطيقه.
قال النضر بن شميل: السداد: القصد في الدين والسبيل، وكذلك المقاربة المراد بهما: التوسط بين التفريط والإفراط، فهما كلمتان بمعنى واحد.
وقيل: بل المراد بالتسديد: التوسط في الطاعات بالنسبة إلى الواجبات والمندوبات، وبالمقاربة: الاقتصار على الواجبات. وقيل فيهما غير ذلك.
وقوله " أبشروا " يعني: أن من قصد المراد فليبشر..
وقوله" واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة "
يعني: أن هذه الأوقات الثلاثة أوقات العمل والسير إلى الله، وهي: أول النهار وآخره، وآخر الليل. فالغدوة: أول النهار، والروحة آخره، والدلجة:سير آخر الليل.
وفي " سنن أبي داود " عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سافرتم فعليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل ".
فسير آخر الليل محمود في سير الدنيا بالأبدان وفي سير القلوب إلى الله بالأعمال..
من دام على سيره إلى الله في هذه الأوقات الثلاثة مع الاقتصاد بلغ، ومن لم يقتصد؛ بل بالغ واجتهد فربما انقطع في الطريق ولم يبلغ..
قال الحسن: نفوسكم مطاياكم؛ فأصلحوا مطاياكم تبلغكم إلى ربكم عز وجل، والله أعلم.
[فتح الباري (149/1) لابن رجب]
BY لطائف ابن رجب
Share with your friend now:
tgoop.com/ebn_rjb/1238