Telegram Web
قال الحسن: الرِّضا عزيزٌ، ولكن الصبر معولُ المؤمن.

قال ابن رجب الحنبلي :
والفرق بين الرضا والصبر:

أنَّ الصَّبر : كفُّ النَّفس وحبسُها عن التسخط مع وجود الألم، وتمنِّي زوال ذلك، وكفُّ الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع.

والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمنِّي زوال ذلك المؤلم، وإنْ وجدَ الإحساسُ بالألم، لكن الرضا يخفِّفُه لما يباشر القلبَ من رَوح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرِّضا، فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.

[جامع العلوم والحِكَم (ص/457) لابن رجب]
فإنما يراد من صحبة الأخيار= صلاح الأعمال والأحوال والاقتداء بهم في ذلك، والانتقال من الغفلة إِلَى اليقظة، ومن البطالة إِلَى العمل، ومن التخليط إِلَى التكسب، والقول والفعل إِلَى الورع، ومعرفة عيوب النفس وآفاتها واحتقارها، فأما من صحبهم وافتخر بصحبتهم وادعى بذلك الدعاوى العريضة وهو مصر عَلَى غفلته وكسله وبطالته، فهو منقطع عن الله من حيث ظن الوصول إِلَيْهِ، كذلك المبالغة في تعظيمِ الشيوخ وتنزيلهم منزلة الأنبياء هو مما نهي عنه.

[مجموع الرسائل (252/1) لابن رجب]
ذكر ابن رجب رحمه الله أحوال بعض الصالحين والعارفين.. ثُمَّ قال:

هذه أحوالٌ لا يعرفُها إلاّ من ذاقها..
لا يعرف الوجدَ إلا مَن يُكابده
ولا الصبابةَ إلا مَن يعانيها

فأمّا من ليس عندهُ منها خبر، فرُبَّما لامَ أهلَها..
يا عاذل المُشتاق دعه فإنّه
لديه من الزفرات غير حشاكا
لو كان قلبك قلبه ما لمته
حاشاك مما عنده حاشاكا

[مجموع الرسائل (132/1) لابن رجب]
[ الذكر عند النوم وعند الاستيقاظ ]

"فيستصحبُ الذكر في يقظته حتى ينامَ عليه، ثم يبدأُ به عندَ استيقاظه، وذلك من دلائل صدقِ المحبة، كما قال بعضهم:

وآخِرُ شيءٍ أنت في كلِّ هَجعةٍ … وأوَّل شيءٍ أنتَ وقتَ هُبُوبي

وذكرك في قلبي بنومٍ ويقظةٍ … تجافى من اللّين اللبيب جنوب"

‏[جامع العلوم والحكم (ص/944) لابن رجب]
عن أبي موسى عن النبي ﷺ قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا) وشبك أصابعه.

هذا التشبيك من النبي ﷺ في هذا الحديث كان لمصلحة وفائدة، لم يكن عبثا؛ فإنه لما شبه شد المؤمنين بعضهم بعضا بالبنيان، كان ذلك تشبيها بالقول، ثم أوضحه بالفعل، فشبك أصابعه بعضها في بعض؛ ليتأكد بذلك المثال الذي ضربه لهم بقوله، ويزداد بيانا وظهورا.

ويفهم من تشبيكه: أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض، فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى أصل واحد ورجل واحد، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى أصل واحد، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح، وأخوة الإيمان.

وهذا كقوله ﷺ في حديث النعمان بن بشير: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالحمى والسهر) خرجاه في الصحيحين.

وفي رواية: (المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

[فتح الباري (419/3) لابن رجب]
إنَّ القناعة من يحلل بساحتها •• لم ينل في ظلِّها همًّا يؤرِّقُهُ

[مجموع الرسائل (66/1) لابن رجب]
من أعظم ما حصل به الذل من مخالفة أمر الرسول ﷺ ترك ما كان عليه من مجاهدة أعداء الله؛ فمن سلك سبيل الرسول ﷺ في الجهاد عز، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه ذل.. «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَتَبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ مِنْ رِقَابِكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»..
فمن ترك ما كان عليه النبي ﷺ من الجهاد مع قدرته واشتغل عنه بتحصيل الدُّنْيَا من وجوهها المباحة حصل له من الذل، فكيف إذا اشتغل عن الجهاد بجمع الدُّنْيَا من وجوهها المحرمة؟!

[مجموع الرسائل (249/1) لابن رجب]
قَالَ [ابن الجوزي]: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ [ابن هبيرة]:
كُنْتُ جَالِسًا فِي سَطْحٍ أُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ، فَرَأَيْتُ كَاتِبًا يَكْتُبُ فِي قِرْطَاسٍ أَبْيَضَ بِمِدَادٍ أَسْوَدَ مَا أَذْكُرُهُ، وَكُلَّمَا قُلْتُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ"، كَتَبَ الكَاتِبُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ"، فَقُلْتُ لِنَفْسِي: افْتَحْ عَيْنَكَ وَانْظُرْ بِهَا، فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ، فَخَطَفَ عَنْ يَمِيْنِي، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ ثَوْبِهِ، وَهُوَ شَدِيْدُ البَيَاضِ فِيْهِ صَقَالَةٌ.

[ذيل طبقات الحنابلة (159/2) لابن رجب]
"اللَّهُمَّ زِيِّنَا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ"

أما زينة الإيمان، فالإيمان قول وعمل ونية.

فزينة الإيمان تشمل زينة القلب بتحقق الإيمان له.

وزينة اللسان بأقوال الإيمان.

وزينة الجوارح بأعمال الإيمان.

[مجموع الرسائل (183/1) لابن رجب]
قال الحسن في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيل يُحِبُّ الجَمَالَ" قال: يحب أن يُتَجَمَّلَ له بالطاعة.

[مجموع الرسائل (184/1) لابن رجب]
ما أحسنَ قول بعض العارفينَ -وقد سُئلَ عن الصوفيّ- فقال: الصوفيّ

من لبسَ الصُّوفَ علَى الصَّفا
وسَلَكَ طريقَ المُصطفى

وذاق الهوى بعدَ الجفا
وكانت الدُّنيا منهُ خلفَ القَفَا

[مجموع الرسائل (80/1) لابن رجب]
فأمّا الرضا بالقضاء: فهو من علامات المُخبتين الصادقين في المحبّة، فمتى امتلأت القلوب بمحبّة مولاها رضيت بكلِّ ما يقضيه عليها من مؤلم ومُلائم.

[مجموع الرسائل (113/1) لابن رجب]
‏ من دعاء النبي ﷺ :
"وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعَدَ الْقَضَاءِ"

قال الحافظ ابن رجب :

وإنَّما قال ﷺ: "الرضا بعد القضاء"
لأنّ ذلك هو الرضا حقيقة.

وأما الرضا بالقضاء قبل وقوعه
فهو عزمٌ عَلَى الرضا,
وقد تنفسخ العزائم عند وقوع الحقائق.

ومع هذا فلا ينبغي أن يستعجل العبدُ البلاءَ؛ بل يسأل الله العافية؛ فإنْ نزل البلاء تلقَّاه بالرضا.

[مجموع الرسائل (113/1) لابن رجب]
من كلام الحافظ عبدالغني المقدسي صاحب "عمدة الأحكام":

أبلغ مَا سأل العبد ربه ثلاثة أشياء:
رضوان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ،
والنظر إِلَى وجهه الكريم،
والفردوس الأعلى.

[ذيل طبقات الحنابلة (20/3) لابن رجب]
كان الفضيل يقول: تزينت لهم بالصوف فلم ترهم يرفعون بك رأسًا، تزينت لهم بالقرآن، ولم تزل تتزين لهم بشيء بعد شيء كلّ ذلك لحب الدُّنْيَا.

ومراده: توبيخ من يُزيِّن ظاهره بالأعمال وباطنه خالٍ منها.

ومن زيَّن للَّه جوارحه بالأعمال وقلبه بحقيقة الإيمان، زيَّنه اللَّه في الدُّنْيَا والآخرة.

[مجموع الرسائل (148/1) لابن رجب]
(أفضل الصدقة تعليم جاهل أو إيقاظ غافل)

[مجموع الرسائل (186/1) لابن رجب]
يُقال: إنَّ من كانت معصيته في شهوة فإنّه يُرجى له، ومن كانت معصيته في كِبْر لم يُرج.

[مجموع الرسائل (205/1) لابن رجب]
حقيقةُ الإسلام: الاستسلام لله تعالى والانقياد لطاعته، وأمَّا الإسلام الخاص فهو دين محمد ﷺ، ومنذ بعث الله مُحمّداً ﷺ لم يقبل من أحد ديناً غير دينه، وهو الإسلام الخاص وبقية الأديان كفراً؛ لما تضمّن اتباعها من الكفر بدين محمد ﷺ والمعصية لله في الأمر باتّباعه.

[مجموع الرسائل (194/1) لابن رجب]
سألَ أبو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إِبْرَاهِيم المقدسي الحافظ [عبدالغني المقدسي]، فَقال: هَؤُلاءِ المشايخ يُحكى عَنْهُم من الكرامات مَا لا يحكى عَنِ الْعُلَمَاء، إيش السبب فِي هَذَا؟

فَقَالَ: اشتغال الْعُلَمَاء بالعلم كرامات كثيرة.

[ذيل طبقات الحنابلة (21/3) لابن رجب]
قال الضياء المقدسي:
‏"كان الموفق ابن قدامة لا يكاد يناظر أحدًا، إلا وهو يتبسّم"
فسمعت بعض الناس يقول:
‏"هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسّمه".

[ذيل طبقات الحنابلة (288/3) لابن رجب]
2025/07/13 11:07:53
Back to Top
HTML Embed Code: