tgoop.com/fadak946/1837
Last Update:
#شرارات (٢) :
أود هنا أن أتكلم عن منابر المرجئة، والمرجئة هم فرقة من المسلمين يعتقدون أنّ صفة الإيمان لا تعني أكثر من الأقرار باللسان فقط وإن لم يخالطها العمل، ولا ترى أرتكاب الذنوب سببًا لانتفاء الإيمان.
وهذه الظاهرة وجدت في بعض المنابر وقد ادعى كثير منهم أنّ حبّ الإمام الحسين (عليه السلام) وإقامة الشعائر سبب لدخول الإنسان الجنان وإن كان سلوكه معوجًا في حياته ومقترفًا للآثام في غير شهر محرم الحرام.
وهكذا دعوات - بكل تأكيد - يتأثر بها الشباب لكونها توفر لهم غطاء يريح ضمائرهم عن التفكير بذنوبهم ومعاصيهم لما يبرر لهم هؤلاء من أنّ كل الذنوب لا أثر لها بمجرد أن تلطم صدرك!
يقول الشيخ جعفر السبحاني عن فكرة الإرجاء: (لقد شعر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بخطورة الموقف، وعلموا بأنّ إشاعة هذه الفكرة عند المسلمين عامة، والشيعة خاصة، سترجعهم إلى الجاهلية، فقاموا بتحذير الشيعة وأولادهم من خطر المرجئة فقالوا: (بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة).
وحصيلة الكلام: ان فكرة الإرجاء وإن كانت تضر بالمجتمع عامّة ولكن الإمام خص منه الشباب لكونهم سريعي التقبل لهذه الفكرة، لما فيها من إعطاء الضوء الأخضر لهم لاقتراف الذنوب والانحلال الأخلاقي والانكباب على الشهوات مع كونهم مؤمنين.
ولو صحّ ما تدعيه المرجئة من الإيمان والمعرفة القلبية، والمحبة لإله العالم، لوجب أن تكون لتلك المحبة القلبية مظاهر في الحياة، فإنها رائدة الإنسان وراسمة حياته، والإنسان أسير الحب وسجين العشق، فلو كان عارفاً بالله، محباً له، لاتبع أوامره ونواهيه، وتجنب ما يُسخطه وعمل بما يرضيه، فما معنى هذه المحبة للخالق التي ليس لها أثر في حياة المحب؟!
ولقد وردت الإشارة إلى التأثير الذي يتركه الحب والود في نفس المحب في كلام الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: (ما أحبّ الله عزّ وجلّ من عصاه) ثم تمثل وقال:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا محالٌ في الفعال بديع
لو كان حبّك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع [رسائل ومقالات ج ٥ ص ٣١٥].
وإذا كان هكذا الأمر في دعوى حبّ الله تعالى فالأمر أيضًا كذلك في دعوى حب آل البيت (عليهم السلام) وقد صرحوا بذلك كما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) وهو يخاطب جابرًا:
(يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، أحسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه! فلو قال: إني أحب رسول الله، ورسول الله خير من علي، ثم لا يعمل بعمله ولا يتبع سنته، ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة.
أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له وأعملهم بطاعته، والله ما يتقرب إلى الله جل ثناؤه إلا بالطاعة، ما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، ولا تنال ولايتنا إلا بالورع والعمل) [الآمالي للصدوق ص ٧٢٥].
إذن فالمنبر الذي يمثل سيد الشهداء (عليه السلام) هو المنبر المتوازن الذي يعمل بوصية أمير المؤمنين (عليه السلام) القائلة: (ألا اُخبركم بالفقيه حق الفقيه؟
١ـ من لم يُقنِّط النّاسَ من رحمة الله.
٢ـ ولم يُؤَمِّنهُم من عذاب الله.
٣ـ ولم يُرَخِّص لَهُم في مَعاصِي الله) [أصول الكافي ج ١ ص ٣٦].
أما التكلم عن العشق الإلهي والحبّ والحنان فقط من دون موازنتها بالصفات الإلهية الأخرى كالجبار والمنتقم وغيرها فهو أمر يؤدي إلى الأمر نفسه الذي أدت إليه مؤلفة كتاب (قواعد العشق الأربعون) التي تكلمت كثيرًا في كتابها عن العشق الإلهي وبالتالي صارت من المؤيدين للمثلية!!
قال تعالى في كتابه الحكيم: {نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ} (الحجر: ٤٩ ـ ٥٠).
BY الدفاع عن الحوزة العلمية
Share with your friend now:
tgoop.com/fadak946/1837