tgoop.com/fadak946/6083
Last Update:
ذكر القرآن الكريم أن المخلفين وهم مجموعة من المنافقين تركوا الجهاد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفرحوا بتخلفهم عن نصرته، وذكر الله تعالى حالهم بقوله: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ} (التوبة: ٨١).
وجاء في كتب التفسير: (أنّ هؤلاء قد ظنوا بأنّهم قد حققوا نصرًا بتخلفهم وتخذيلهم المسلمين وصرف أنظارهم عن مسألة الجهاد، وضحكوا لذلك وقهقهوا بملء أفواههم، وهذا هو حال المنافقين في كل عصر وزمن) [الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ج ٦ ص ١٤٧].
ويذكرنا حال هؤلاء المنافقين ببعض المحسوبين على التشيع الذين فرحوا أكثر من إسرائيل حين توقفت الحرب بدعوى أنّهم كانوا محقين في تثبيطهم لعزيمة المؤمنين وإشاعة الفتنة بينهم واستعمال بعض الروايات من قبيل (أحلاس البيوت) ونسبة المجاهدين إلى الزيدية للنيل منهم!
كما أن الصهاينة بعظمة غرورهم وتكبرهم لم يجمعوا على أن توقف الحرب آلت لصالح إسرائيل ولم تشكل نصرًا لهم، بينما هؤلاء (المخلفون) يجمعون على أن النصر كان من صالح العدو، وأن الحزب لم يحقق أيًا من أهدافه نسبة لما قدمه من التضحيات.
وقد تكتب عنهم بما فيه الكفاية، أنقل هنا ما كتبته سابقًا بعنوان: (دور المنافقين بعد انتهاء المعارك) إذ جاء فيه ما نصه:
عادة لم تنخرم من الزمن السالف حتّى الزمن الحاضر وهو (تعيير) الـ(منافق) للـ(مجاهد) بعد انتهاء (المعركة) التي لم يشارك بها، ومن الطبيعي أن في كل قتال وجهاد (خسارة وربح) إذ هذا هو نتيجة القتال الذي عبر عنه القرآن الكريم بأنّه {هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (البقرة: ٢١٦).
وحين تحصل بعض الخسائر يأتي دور المنافق التشنيعي، ونبدأ أولاً بالتاريخ الذي ذكره القرآن الكريم لحالة هؤلاء:
فقد قال زمرة من المنافقين في حرب أحد: {لو أطاعونا ما قتلوا} (آل عمران: ١٦٨)، إذ ظنوا أن القعود من حكمتهم ورجاحة عقلهم، فرد عليهم الله تبارك وتعالى بقوله: {فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} (آل عمران: ١٦٨)، بمعنى أن الموت يصيب القاعد والمجاهد، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره.
وكان للإمام الحسين (عليه السلام) أخ دعاه معه للخروج ولم يخرج ذكر ابن عنبة: (ولما بلغه قتل أخيه الحسين (عليه السلام) خرج في معصفرات له وجلس بفناء داره وقال: أنا الغلام الحازم ولو أخرج معهم لذهبت في المعركة وقتلت) [عمدة الطالب ص ٣٦٢].
ومعنى (أنا الغلام الحازم) أنّه يقصد أن رأيه كان في عدم الخروج أصوب من رأي الإمام الحسين (عليه السلام) وأنّه اعتبر القتل الحاصل لشهداء كربلاء ومن أيد الإمام الحسين (عليه السلام) خسارة تفاداها برجاحة عقله!
مع أن القتل في سبيل الله مواجهة الظلم من الفوز الكبير، وقد قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران: ١٦٩)، وقال جل شأنه: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران: ١٨٥).