tgoop.com/feqh_DrARAB/664
Last Update:
|| مع شيخي العالم الأصولي معالي د. أحمد سير المباركي
دخل علينا شيخنا د. عثمان المرشد (رحمه الله) القاعة ونحن طلبة في مرحلة البكالوريوس بجامعة أم القرى وأخرج من حقيبته جملة من كتب أصول الفقه لمراجعة مسألة أصولية، وكان من ضمن هذه الكتب كتاب (العدة في أصول الفقه لأبي يعلى) وقام د. عثمان يبرز مكانة وأهمية الكتاب ثم أثنى على محققه (د. أحمد بن علي سير المباركي) وذكر أنه زميل له، تلك هي لحظة سماع اسمه رحمه الله للمرة الأولى.
مضت الأيام وذهبت لزيارة شيخي الفقيه د. أحمد السهلي(أمد الله في عمره على الطاعة والصحة)، فصليت صلاة العشاء بجانب منزل الشيخ في جامع الأمير أحمد بالطائف، وكان عن يساري في الصف شيخ وقور أبيض اللون أشقر شعر اللحية ثم بعده في الصف الشيخ د.أحمد السهلي، وبعد الصلاة سلمت على د.أحمد السهلي ثم قام يُعرّفني بمن هو بيننا فإذا هو د. أحمد سير المباركي -وكان قرينه وزميله في الدراسة والطلب- وكانت هي أول رؤية له، وتذكرت حينها ثناء الشيخ د. عثمان المرشد عليه.
من ذلك الوقت بدأت الصلة بيننا وأخذت رقمه وأخذ رقمي، ومضت سنة فإذا باتصال من الشيخ أحمد المباركي يطلب مني أن أبحث له على سكن مناسب له في الطائف خلال فترة الصيف حينما كان يأتي مع سماحة المفتي ومشايخ الإفتاء في الصيف، إذ كان حينها عضوا في اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، ثم أصبحتُ بعدها في كل عام أجد له السكن الملائم له ولعائلته رحمه الله.
استثمرتُ هذه الصلة بشيخنا ووجدت متسعا من وقته لأقرأ عليه بعض كتب الأصول، فقرأت عليه تخريج الفروع على الأصول للأسنوي/ تخريج الفروع على الأصول للزنجاني/ شرح الكوكب المنير لابن النجار الحنبلي/ ومواضع من كتاب العدة في أصول الفقه لأبي يعلى الحنبلي (وهو من تحقيق شيخنا).
أصيب شيخنا رحمه الله بمرض في حلقه وأصبح يجد صعوبة في الكلام، وطال معه المرض، وتذكرت أن أحد زملائنا أصيب بمرض في صوته وتعالج منه، فذكرت ذلك للشيخ رحمه الله وقال لي اسأل عن المستشفى وخذ لي موعدا، فأخذت له موعدا في مركز المساعدية التابع لمستشفى الملك فهد بجده، وذهبتُ به بسيارتي، وحينما دخلنا على الطبيب وفحص الشيخ قال له عندك إلتهاب شديد في الحبال الصوتية؛ ومن العلاج الامتناع عن الكلام تماما لفترة من الزمن والابتعاد عن البخور والقهوة والشاهي، فقال الشيخ رحمه الله وهو يتبسّم: وظيفتنا هي الكلام.
ومن المواقف أنْ قُدم له طلب إقامة محاضرة في ميسان بالحارث، فقال لي الشيخ إذا لم تذهب معي فلن أذهب، فذهبت به بسيارتي وكان جُلّ الطريق حديث معه لا يُمل -وكان رحمه الله يتمتع بأخلاق عالية وسماحة نفس- كانت المحاضرة في مخيم دعوي بين المغرب والعشاء، وحينما أذن العشاء ذهبنا للصلاة في المسجد المجاور وبعد الصلاة قام أحد الدعاة الوعاظ يُلقي كلمة عن أهمية صلاة الجماعة وأن فلان منذ أربعين سنة لم تفته صلاة الجماعة، وفلانا فاتته صلاة الجماعة فنذر لله صيام كذا وكذا.. الخ.
التقينا مع هذا الداعية على طعام العشاء الذي أقيم على شرف الشيخ رحمه الله، وتناقشتُ مع ذلك الداعية حول أسلوبه الذي لا يُناسب مقام العوام في مسجد طريق في قرية، فتداخل شيخنا بتأصيل هذه المسألة وأن أفعال السلف يُستدل لها ولا يُستدل بها، فكأن كلام الشيخ أحمد لم يرق لهذا الداعية، فقام يسأل معالي الشيخ د. أحمد المباركي عن عمله؟ فأجاب معالي الشيخ: بأنه موظف في الإفتاء بكل تواضع، فظن هذا الداعية أن الشيخ موظف إداري في الإفتاء -أو أنه يعلم لكنه يتظاهر بالجهل- فغفر الله للداعية ورحم الله شيخنا.
وكنتُ أقيم مناسبة في كل عام خلال موسم الصيف أدعو فيها الكثير من مشايخنا الأفاضل وكان الشيخ رحمه الله من أبرز الحضور؛ ومن الحضور ( د. محمد العروسي، د. عابد السفياني، د. أحمد بن حميد، د. حاتم العوني، د. أحمد السهلي، الشيخ عبدالرحمن التويجري، وآخرون)
وأذكر أنّ ذات مرة كان عندي ورقة علمية في مؤتمر، ونُقل للشيخ رحمه الله ملخص ورقتي، فطلب مني زيارته، وعند زيارته تناقشنا حول الورقة العلمية وقال من سبقك بهذا القول؟ فقلتُ له: الإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله، ثم طلب مني إرسال نسخة من البحث، وكانت نوع وشاية بيني وبين شيخنا رحمه الله.
وأختم بهذا الموقف.. رزقتُ بمولودة وهي ابنتي البكر ، وصليتُ مع الشيخ رحمه الله صلاة العشاء وبعد الصلاة ونحن في الطريق إلى منزله بشرتُه بأني رزقت بمولودة، فبارك ثم قال ماذا سميتها؟ قلت: (رزان) فأنشد مباشرة:
حَصانٌ رَزانٌ ما تُزِنُّ بِريبَةٍ
وَتُصبِحُ غَرثى مِن لُحومِ الغَوافِلِ
فكانت أول مرة أسمع بهذا البيت من شيخنا، وهو قول حسان رضي الله عنه في وصف وذِكْر محاسن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وإن لم تخنّي الذاكرة أن الشيخ بعدها رزق بابنة وسماها رزان.
اللهم اغفر له وارحمه وارفع درجته وأسكنه فسيح جنتك
الطائف
17 رجب 1446 هـ
أ.د. عبدالعزيز عرب
https://www.tgoop.com/feqh_DrARAB
BY مطارحات فقهية 📚
Share with your friend now:
tgoop.com/feqh_DrARAB/664