FIQHAL3LAQAT Telegram 1109
لا ينبغي للفتاة التي تُخطَب أن تُخبِر خطيبها بما كان لها من علاقاتٍ سابقة، مهما كانت هذه العلاقات سيئة، ولا هو من حقه شرعا ولا عُرفا أن يَستفصل منها عن هذه الأمور، ولا يجب عليها إخبارُه بشيء منها ولا تأثم إن أخفَت عليه شيئا من ذلك؛

إذ لا يصح أن تكون العلاقة بينهما بأثر رجعي؛ وإنما كل واحد منهما مسؤول عن الوفاء لصاحبه من يوم تبدأ العلاقة الجديدة بينهما، وما قبل ذلك لا يُسأل عنه الشخص نفسه، نعم من حقه أن يستشير فيها من يعرفها ثم له القرار، لكن نصْب المحاكمة للشخص نفسه وتقريره بأفعاله ليس من حقه.

وكذلك إن كان للفتاة علاقة سابقة ولو مُحرَّمة واطَّلع عليها أحدٌ من أهلها فيجب عليه أن يَستر ولا يُخبِر الخاطب بشيء، خصوصا إذا كان المسؤول عنه قد انصلح حاله واعتدَل أمرُه.

في موطّأ الإمام مالك- رضي الله عنه-: أن رجلا خطَب إلى رجلٍ أخته، فذكر له أخوها أنها قد كانت أحدَثت ( يعني وقعَت في علاقة الزنا ) فبلغ ذلك عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فضرَبه أو كاد يَضربه، ثم قال: ما لك وللخَبر !.

قال الزُرقاني في شرح الحديث:
( مالك وللخبر ) يعني: أيُّ غرضٍ لك في إخبار الخاطب بذلك !! فيجب على الوليّ سترُه عليها؛ لأن الفواحش يجب على الإنسان سترها على نفسه وعلى غيره.

وفي" كشف المُغطّى " للطاهر ابن عاشور قال في تعليقه على هذا الحديث السابق:

"كان هذ الرجل قد ظنَّ أن إخبار الخاطب بأن مخطوبته قد أحدثَت هو أمرٌ مشروع، وأن كتمانه ضربٌ من الغشِّ للخاطب، وكان مخطئًا في ظنه ذلك، وإخباره بذلك غير مشروع؛ فلذلك ضرَبه عمر، وإن كان عمر لم يضربه وإنما هَمّ بذلك ثم لم يضرب فربما لأنه عذَره بأنه لم يُرد إلا خيرا.

ووجه الفقه في هذا كلّه: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمَر بستر المسلم فيما زلَّ فيه من المعاصي، فقال: مَن ستر مسلمًا ستره الله في الدّنيا والآخرة، وفي الحديث الآخر: أنه زجَر الذي أخبَره بزنا رجل مسلم فقال له:" هلّا سترتَه بردائك ! " وغير ذلك من الآثار، فحصَل العلم بأن من مقاصد الشّريعة السترَ على المسلمين في المعاصي ما لم يخشَ ضرٌّ على الأمّة، لأنَّ في السّتر مصالح كثيرة:
- منها: إبعاد المقترٍف عن استخفاف النّاس به وكراهيتهم له.

- ومنها: أن في التسميع بالعاصي - أي التشهير به - مظنّة قصْد التشويه به، فيحدُث من ذلك سوء نيّة للمشهّر به.
- ومنها: أن إشاعة المعاصي تُسهّل أمرَها على مُتجنّبها؛ إذ النّقائص تسهُل بكثرة مرتكبيها، يقول مَن تنزع نفسُه إليها: إن له نظائر وأسوةً في غيره؛ فبإشاعتها تُوقَظ عيون الدعارة والفساد.

ومنها: أن مَن حصَلت له المعصية على وجْه الفلتة إذا ستر أمره بقيَ له وِقاية مروءته، فلعلّه لا يُعاود تلك المعصية، فإذا افتضَح أمرُه زال ذلك الاتّقاء، فقال: أنا الغريق فما خَوفي من البللِ!!.

ومنها: أن التشهير يُحدِث عداوة بين المشهِّر والمشهَّر به، وذلك ينافي مقصد الإسلام من دوام الألفة والمحبة بين المسلمين.

فلأجل ذلك كلِّه وغيره أدَّب عمر من شهَّر بأخته؛ إذ لا منفعة للخاطب في إعلامه بما أحدثتْه مخطوبتُه، فإنّه ذنبٌ مضى، وليس هو عيْبًا في الخِلقة يجب الإعلام به لتجنُّب التغرير بالخاطب، كعيوب الأبدان والأخلاق مِن مرضٍ أو جنون أو نحو ذلك مما يمنع حُسْن المُعاشرة.

على أنَّ الإخبار بمثل ذلك يُوجِب انكفافَ الرجال عن تزوُّج المرأة؛ ولذلك قال له عُمَر: ما لك وللخبر؟! أي: ليس لك مع هذا الخبر اتصالٌ واختصاص، يعني لا داعي إلى ذلك ولا فائدة."

- سامي معوض

#الخطبة



tgoop.com/fiqhal3laqat/1109
Create:
Last Update:

لا ينبغي للفتاة التي تُخطَب أن تُخبِر خطيبها بما كان لها من علاقاتٍ سابقة، مهما كانت هذه العلاقات سيئة، ولا هو من حقه شرعا ولا عُرفا أن يَستفصل منها عن هذه الأمور، ولا يجب عليها إخبارُه بشيء منها ولا تأثم إن أخفَت عليه شيئا من ذلك؛

إذ لا يصح أن تكون العلاقة بينهما بأثر رجعي؛ وإنما كل واحد منهما مسؤول عن الوفاء لصاحبه من يوم تبدأ العلاقة الجديدة بينهما، وما قبل ذلك لا يُسأل عنه الشخص نفسه، نعم من حقه أن يستشير فيها من يعرفها ثم له القرار، لكن نصْب المحاكمة للشخص نفسه وتقريره بأفعاله ليس من حقه.

وكذلك إن كان للفتاة علاقة سابقة ولو مُحرَّمة واطَّلع عليها أحدٌ من أهلها فيجب عليه أن يَستر ولا يُخبِر الخاطب بشيء، خصوصا إذا كان المسؤول عنه قد انصلح حاله واعتدَل أمرُه.

في موطّأ الإمام مالك- رضي الله عنه-: أن رجلا خطَب إلى رجلٍ أخته، فذكر له أخوها أنها قد كانت أحدَثت ( يعني وقعَت في علاقة الزنا ) فبلغ ذلك عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فضرَبه أو كاد يَضربه، ثم قال: ما لك وللخَبر !.

قال الزُرقاني في شرح الحديث:
( مالك وللخبر ) يعني: أيُّ غرضٍ لك في إخبار الخاطب بذلك !! فيجب على الوليّ سترُه عليها؛ لأن الفواحش يجب على الإنسان سترها على نفسه وعلى غيره.

وفي" كشف المُغطّى " للطاهر ابن عاشور قال في تعليقه على هذا الحديث السابق:

"كان هذ الرجل قد ظنَّ أن إخبار الخاطب بأن مخطوبته قد أحدثَت هو أمرٌ مشروع، وأن كتمانه ضربٌ من الغشِّ للخاطب، وكان مخطئًا في ظنه ذلك، وإخباره بذلك غير مشروع؛ فلذلك ضرَبه عمر، وإن كان عمر لم يضربه وإنما هَمّ بذلك ثم لم يضرب فربما لأنه عذَره بأنه لم يُرد إلا خيرا.

ووجه الفقه في هذا كلّه: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمَر بستر المسلم فيما زلَّ فيه من المعاصي، فقال: مَن ستر مسلمًا ستره الله في الدّنيا والآخرة، وفي الحديث الآخر: أنه زجَر الذي أخبَره بزنا رجل مسلم فقال له:" هلّا سترتَه بردائك ! " وغير ذلك من الآثار، فحصَل العلم بأن من مقاصد الشّريعة السترَ على المسلمين في المعاصي ما لم يخشَ ضرٌّ على الأمّة، لأنَّ في السّتر مصالح كثيرة:
- منها: إبعاد المقترٍف عن استخفاف النّاس به وكراهيتهم له.

- ومنها: أن في التسميع بالعاصي - أي التشهير به - مظنّة قصْد التشويه به، فيحدُث من ذلك سوء نيّة للمشهّر به.
- ومنها: أن إشاعة المعاصي تُسهّل أمرَها على مُتجنّبها؛ إذ النّقائص تسهُل بكثرة مرتكبيها، يقول مَن تنزع نفسُه إليها: إن له نظائر وأسوةً في غيره؛ فبإشاعتها تُوقَظ عيون الدعارة والفساد.

ومنها: أن مَن حصَلت له المعصية على وجْه الفلتة إذا ستر أمره بقيَ له وِقاية مروءته، فلعلّه لا يُعاود تلك المعصية، فإذا افتضَح أمرُه زال ذلك الاتّقاء، فقال: أنا الغريق فما خَوفي من البللِ!!.

ومنها: أن التشهير يُحدِث عداوة بين المشهِّر والمشهَّر به، وذلك ينافي مقصد الإسلام من دوام الألفة والمحبة بين المسلمين.

فلأجل ذلك كلِّه وغيره أدَّب عمر من شهَّر بأخته؛ إذ لا منفعة للخاطب في إعلامه بما أحدثتْه مخطوبتُه، فإنّه ذنبٌ مضى، وليس هو عيْبًا في الخِلقة يجب الإعلام به لتجنُّب التغرير بالخاطب، كعيوب الأبدان والأخلاق مِن مرضٍ أو جنون أو نحو ذلك مما يمنع حُسْن المُعاشرة.

على أنَّ الإخبار بمثل ذلك يُوجِب انكفافَ الرجال عن تزوُّج المرأة؛ ولذلك قال له عُمَر: ما لك وللخبر؟! أي: ليس لك مع هذا الخبر اتصالٌ واختصاص، يعني لا داعي إلى ذلك ولا فائدة."

- سامي معوض

#الخطبة

BY فقه العلاقات


Share with your friend now:
tgoop.com/fiqhal3laqat/1109

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Hashtags Today, we will address Telegram channels and how to use them for maximum benefit. Earlier, crypto enthusiasts had created a self-described “meme app” dubbed “gm” app wherein users would greet each other with “gm” or “good morning” messages. However, in September 2021, the gm app was down after a hacker reportedly gained access to the user data. Unlimited number of subscribers per channel Concise
from us


Telegram فقه العلاقات
FROM American