GLODENAGENONPERVERT Telegram 218
Forwarded from Groundless Ground
برزت الليبرالية كنظام فكري وسياسي واقتصادي يدّعي تحرير الإنسان، لكنها في حقيقة الأمر أعادت تشكيل مفهوم الحرية بصورة مشوهة تخدم مصالح النظام الرأسمالي، فبدلاً من أن تكون الحرية تعبيراً عن الإرادة الواعية والمسؤولة، أصبحت مرادفة للرغبة العمياء والنزوات العابرة، وهذا التحول لم يكن عفوياً، بل كان نتيجة عملية ممنهجة لربط الحرية بالاستهلاك، وتحويل الإنسان من "أنا أفكر إذا أنا موجود" إلى "أنا أستهلك إذا أنا موجود".
هربرت ماركوزه في كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد"، وصف كيف تم اختزال الإنسان في بعده الاستهلاكي، وكيف أصبح الفرد أسير رغبات مصطنعة تُفرض عليه من الخارج، هذه العملية تتم عبر آليات يلعب فيها الإشهار الدور المحوري، فالإعلان لم يعد مجرد وسيلة لتسويق المنتجات، بل أصبح أداة لصياغة الوعي وتشكيل الهوية. يخلق حاجات وهمية، ويربط تحقيق الذات بامتلاك السلع، محولاً الوجود الإنساني إلى سلسلة من عمليات الشراء والاستهلاك.
جيل دولوز كذلك في إشارته أن الرأسمالية تعمل على "نزع الإقليمية" عن الرغبة، أي تحريرها من سياقها الاجتماعي والثقافي، لتعيد توجيهها نحو الاستهلاك، وبهذا، تصبح الحرية في النظام الليبرالي الرأسمالي مجرد وهم، إذ يتم استبدال القيود التقليدية بقيود جديدة، أكثر خفاءا وأشد تأثيراً، فبدلاً من تحقيق الحرية الحقيقية، أنتجت الحداثة الليبرالية شكلاً جديداً من العبودية، حيث يصبح الفرد عبداً لرغباته المصطنعة وللنظام الاقتصادي الذي يغذيها.
كان أنطونيو غرامشي محقا في كلامه عن الهيمنة الثقافية أنها أفضل أنواع السيطرة بدل السيطرة العسكرية العارية، فالليبرالية المعاصرة لا تكتفي بالسيطرة عبر القوة المادية أو الاقتصادية، بل تسعى لخلق "إجماع" ثقافي يجعل هيمنتها مقبولة ومستساغة، بل ومرغوبة من قبل الأفراد أنفسهم!
نحن الآن أمام واقع يتم فيه تشكيل الوعي والرغبة بشكل استباقي، ليس فقط لتلبية حاجات السوق، بل لخلق نمط حياة كامل يتوافق مع متطلبات النظام الرأسمالي، قدرة النظام الليبرالي على صناعة الرغبات وإعادة صياغة الحاجات، حتى قبل إنتاج السلع نفسها، هي من أنجح آليات السيطرة التي لا ينتبه لها الناس.
الأمر بسيط: التحكم في النمط المعيشي ورغبات الشباب المعاصرين، بتحديدها وتشكيلها عبر التعرض المستمر لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي.
نحن إذا أمام نظام هيمنة لم تشهد البشرية مثله، نظام يعمل على ثلاث مستويات:
- اقتصادياً عبر تحويل كل شيء إلى سلعة.
- ثقافياً عبر إعادة تشكيل القيم والمعايير.
- نفسياً عبر التلاعب بالرغبات والتطلعات.
هذا النظام يخلق وهم الحرية والاختيار، بينما هو في الحقيقة يقيد الفرد داخل دائرة ضيقة من الخيارات المحددة سلفاً.



tgoop.com/glodenagenonpervert/218
Create:
Last Update:

برزت الليبرالية كنظام فكري وسياسي واقتصادي يدّعي تحرير الإنسان، لكنها في حقيقة الأمر أعادت تشكيل مفهوم الحرية بصورة مشوهة تخدم مصالح النظام الرأسمالي، فبدلاً من أن تكون الحرية تعبيراً عن الإرادة الواعية والمسؤولة، أصبحت مرادفة للرغبة العمياء والنزوات العابرة، وهذا التحول لم يكن عفوياً، بل كان نتيجة عملية ممنهجة لربط الحرية بالاستهلاك، وتحويل الإنسان من "أنا أفكر إذا أنا موجود" إلى "أنا أستهلك إذا أنا موجود".
هربرت ماركوزه في كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد"، وصف كيف تم اختزال الإنسان في بعده الاستهلاكي، وكيف أصبح الفرد أسير رغبات مصطنعة تُفرض عليه من الخارج، هذه العملية تتم عبر آليات يلعب فيها الإشهار الدور المحوري، فالإعلان لم يعد مجرد وسيلة لتسويق المنتجات، بل أصبح أداة لصياغة الوعي وتشكيل الهوية. يخلق حاجات وهمية، ويربط تحقيق الذات بامتلاك السلع، محولاً الوجود الإنساني إلى سلسلة من عمليات الشراء والاستهلاك.
جيل دولوز كذلك في إشارته أن الرأسمالية تعمل على "نزع الإقليمية" عن الرغبة، أي تحريرها من سياقها الاجتماعي والثقافي، لتعيد توجيهها نحو الاستهلاك، وبهذا، تصبح الحرية في النظام الليبرالي الرأسمالي مجرد وهم، إذ يتم استبدال القيود التقليدية بقيود جديدة، أكثر خفاءا وأشد تأثيراً، فبدلاً من تحقيق الحرية الحقيقية، أنتجت الحداثة الليبرالية شكلاً جديداً من العبودية، حيث يصبح الفرد عبداً لرغباته المصطنعة وللنظام الاقتصادي الذي يغذيها.
كان أنطونيو غرامشي محقا في كلامه عن الهيمنة الثقافية أنها أفضل أنواع السيطرة بدل السيطرة العسكرية العارية، فالليبرالية المعاصرة لا تكتفي بالسيطرة عبر القوة المادية أو الاقتصادية، بل تسعى لخلق "إجماع" ثقافي يجعل هيمنتها مقبولة ومستساغة، بل ومرغوبة من قبل الأفراد أنفسهم!
نحن الآن أمام واقع يتم فيه تشكيل الوعي والرغبة بشكل استباقي، ليس فقط لتلبية حاجات السوق، بل لخلق نمط حياة كامل يتوافق مع متطلبات النظام الرأسمالي، قدرة النظام الليبرالي على صناعة الرغبات وإعادة صياغة الحاجات، حتى قبل إنتاج السلع نفسها، هي من أنجح آليات السيطرة التي لا ينتبه لها الناس.
الأمر بسيط: التحكم في النمط المعيشي ورغبات الشباب المعاصرين، بتحديدها وتشكيلها عبر التعرض المستمر لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي.
نحن إذا أمام نظام هيمنة لم تشهد البشرية مثله، نظام يعمل على ثلاث مستويات:
- اقتصادياً عبر تحويل كل شيء إلى سلعة.
- ثقافياً عبر إعادة تشكيل القيم والمعايير.
- نفسياً عبر التلاعب بالرغبات والتطلعات.
هذا النظام يخلق وهم الحرية والاختيار، بينما هو في الحقيقة يقيد الفرد داخل دائرة ضيقة من الخيارات المحددة سلفاً.

BY Groundless Ground


Share with your friend now:
tgoop.com/glodenagenonpervert/218

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Matt Hussey, editorial director of NEAR Protocol (and former editor-in-chief of Decrypt) responded to the news of the Telegram group with “#meIRL.” Co-founder of NFT renting protocol Rentable World emiliano.eth shared the group Tuesday morning on Twitter, calling out the "degenerate" community, or crypto obsessives that engage in high-risk trading. In 2018, Telegram’s audience reached 200 million people, with 500,000 new users joining the messenger every day. It was launched for iOS on 14 August 2013 and Android on 20 October 2013. Just as the Bitcoin turmoil continues, crypto traders have taken to Telegram to voice their feelings. Crypto investors can reduce their anxiety about losses by joining the “Bear Market Screaming Therapy Group” on Telegram. How to Create a Private or Public Channel on Telegram?
from us


Telegram Groundless Ground
FROM American