tgoop.com/hadith505/4386
Last Update:
-
مِن أكثر ما تساهل الناس فيه في هذا
العصر مع أنه من كبائر الذنوب:
"غلول العمال"، وهو أن يأخذ الإنسان
من الأموال العامة ما ليس له، أو يُسخِّر
أدوات وظيفته أو نفوذه لنفع نفسه
وقرابته، لا لخدمة النـاس وهو
ما أجلس على كرسيه إلا لأجلهم، وهذا
من الظلم العظيم، الذي يجـرّ المجتمع
إلى فساد عريض، وصاحبه متوعد
بالعقوبة الشديدة في الكتاب والسنة.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبـيُّ ﷺ:
«مَنِ استَعمَلناه منكم» أي: جَعَلناه
عامِلًا وواليًا «على عملٍ» مِن أعمالِ
الدِّيـنِ، كأخذِ الزَّكاةِ والفَيءِ والخَراجِ،
أو أعمالِ الدُّنيا ممَّا يُبِيحُ له جمعَ
ما أمَرَ به الشَّرعُ مِن أموالٍ، فأَخفَى
علينا مِن هذه الأموالِ ما يُساوي
«مِخيَطًا»، أي: إِبرةً «فمـا فَوقَهُ»، أي:
شيئًا يكونُ فَوقَه في الصِّغَرِ أو الكِبَرِ؛
كان ذلك الكِتمانُ «غُلولًا»، أي: خيانةً.
وأصلُ الغُلولِ: هو ما سُرِق وأُخِذ مِن
الغَنيمةِ قبلَ أن تُقسَمَ، وفي حُكمِه
الأموالُ العامَّةُ الَّتي تُعتبَـرُ مِلكًا للأُمَّةِ
إذا أخَذَ منها ما لا يَستحِقُّ، ولذلك فإنَّ
هذا الَّذي كَتَم وغَلَّ يَأْتي بِما غَلَّ يومَ
القيامـةِ، تَفضِيحًا له، يُحاسَبُ عليه
ويُعذَّبُ به.
وأخبَرَ الصَّحابيُّ عَديُّ بـنُ عَميرةَ
رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا أسوَدَ مِنَ
الأنصارِ -وهُم أهلُ المدينـةِ- قام إلى
النَّبيِّ ﷺ، وقولُه: «كأَنِّي أنظُرُ إليهِ»
تأكيدٌ لحالِ تَذكُّرِه الموقفَ وفِعلَ
النَّبـيِّ ﷺ وما حَدَّثهم به، فقال هذا
الرَّجلُ: «يا رسولَ الله، اقبَل عنِّي
عَمَلَك» أي: اعزِلني مِن هذا العمـلِ الَّذي
تَولَّيتُـه وكلِّف به غيري، وقد طلَبَ
الرَّجلُ ذلك تَورُّعًا وخَوفًا على نفسِه أن
يَدخُلَ في هذا الوعيدِ.
فقال له ﷺ: «وما لكَ؟» أيُّ عُذرٍ لكَ
أيُّها الرَّجلُ في رَدِّ عَمَلي علَيَّ
وانخلاعِكَ منه، وما السَّببُ في
استقالتِكَ؟ فذكَرَ الرَّجلُ للنَّبيِّ ﷺ
ما حَدَّث وما أنذَرَ به عُمَّالَه من الوَعيدِ،
وهو لا يَخلُو مِن الزَّلَلِ، فقال ﷺ: «وأنا
أَقُولُه الآنَ» في هذا الزَّمـنِ الحاضرِ،
يعني أنا ثابتٌ على ما سَبَق مِنَ القولِ:
«مَنِ استَعمَلناه منكم» أي: جعَلنـاهُ
عاملًا على عمَلٍ، «فليَجِئْ بقَليلِه
وكثيرِه» أي: بقَليلِ ما أخَذَ وكَثيرِه،
وهذا يدُلُّ على أنَّه لا يُباحُ له أن يَقتطِعَ
منه شيئًا لنفسِه ولا لغيرِه، لا أُجرةً ولا
غيرَها، إلَّا أن يَأذَنَ له الإمامُ الَّذي تَلزَمُه
طاعتُه، فما أُعطِيَ مِن ذلك العملِ أُجرةَ
عَملِه، فله أن يَأخُذَه، وما مُنِع مِن أخذِه
امتَنَع عنه وترَكَه، وهذا تَأكيدٌ لِمَا قَبلَـه.
العامل لربما يترك في محل يبيع فيه،
ويأخذ كثيرًا من المال، واللـه ﷻ يراه،
ويكتب عمله، ثم ماذا؟
ثم هو يكثر على نفسـه من العذاب
والأغلال يوم القيامة، فما يضيع شيء؛
من أخذ في الدنيا شيئًا بغير حقه فإنه
سيدفع ثمنه غاليًا في الغد، نسأل الله
أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته
عن معصيته، وبفضله عمن سواه.
-
BY #انشـر_سُنَّــة
Share with your friend now:
tgoop.com/hadith505/4386