tgoop.com/iFurat9/1205
Last Update:
من أشد المواطن التي تكشف حقيقة الرضا وصدق التمثّل بـ "رضيت بالله ربًّا.." هو سلامة الصدر تجاه ما يجد العبد من نعم لدى الخلق ليست في يده، أن يرضى بالله قاسمًا ومدبّرًا ووكيلاً.
وإن أمراضُ القلوب شتّى لا سيما ما كان منها في جانب الاحتكاك بالخلق والنظر لما في أيديهم، واللبيب هو من جعل من التعامل مع الناس ميدانًا لتزكية نفسه؛ فالاحتكاك بالبشر من طبيعته أن تظهر فيه مزايا الخلق، فقد يلحظ العبد تحرك نفسه لأشياء هي في يد غيره، ويحس بوثبة نفسه الحارة لأشياء يملكها إنسان آخر، قد يحزن في مواطن ويفرح في أخرى، ويشعر بحرمانه وضعفه وتقصيره، وقد يكون جزءًا من هذه المشاعر طبيعيًا في النفس -ما لم يكن لها أثرًا ظاهرًا- والمؤمن يدفعها بالتعوذ من الشيطان؛ ولكن الغفلة الكلية عن رصد هذه المشاعر ودوافعها قد تتبعها غفلة تهلك بالعبد وتحجب عنه منارات سيره إلى خالقه؛ فهذه الحجب إن تكالبت في النفس تصير إلى أمراض قلبية دفينة، وتتمادى في بث أمراضها من بغض وتشفي وحسد على من حولها من المسلمين، ومن مصائب هذه الأمراض أن صاحبها لا يشعر بنفسه عندما يتسلط بها على غيره!
لذلك؛ مضمار مراقبة النفس مع الناس لا غنى عنه لمن رام إصلاح نفسه، فالنفس إن لم يرصد العبد تحركاتها وسكاناتها ستشكل له حجبًا عن طريق التزكية؛ فأول الطريق رصد هذه المشاعر وفهم دوافعها وأسبابها وعدم الاستجابة معها، ثم الوقفة الصادقة مع الخالق عز وجل لمعالجة الداء، والانطراح عند عتبة العبودية، مسلمًا نفسه لخالقها، شاكيًا نفسه التي بين جنبيه لمالكها.
BY قناة | فُـرات السُّلمي
Share with your friend now:
tgoop.com/iFurat9/1205