الفقير إلى رب البريات

من الذي يتجرأ على العلماء؟ - وقفة مع بحث (تحرير القول في حكم المنطق)

يقول الباحث [د. سلطان العميري] (ص 191)
نسب كثير من المتـأخرين والمعاصرين إلى ابن تيمية أنه ممن يقول بتحريم علم المنطق، وهذه النسبة غير صحيحة؛ فلم يصرح ابن تيمية بذلك مع كثرة اعتراضه على المنطق، ولا يوجد في كلامه ما يدل على إطلاق التحريم."


قلت: مع أن الباحث نقل عن درء التعارض (1/218) في بحثه ص205 قول شيخ الإسلام: "كثير مما ذكروه في المنطق يستلزم السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات"

وأغفل الباحث -ولعله تعمد البتر ليكذب على الشيخ فهذا الظن به- قول الشيخ في نفس الصفحة: "وهذا الكفر المتناقض وأمثاله هو سبب ما اشتهر بين المسلمين أن المنطق يجر إلى الزندقة، وقد يطعن في هذا من لم يفهم حقيقة المنطق وحقيقة لوازمه، ويظن أنه في نفسه لا يستلزم صحة الإسلام ولا فساده، ولا ثبوت حق ولا انتفاءه، وإنما هو آلة تعصم مراعاتها عن الخطأ في النظر، وليس الأمر كذلك، بل كثير مما ذكروه في المنطق يستلزم السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات، ويكون من قال بلوازمه ممن قال الله تعالى فيه: ﴿وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾"


قلت: فنقل الشيخ القولة المشهورة عن المسلمين [في نظره على الأقل] في كون المنطق مستلزما للزندقة، ولم يتعقبها ، بل برر أسبابها، وبيّن أن مدعي كون المنطق آلة تعصم الذهن عن الخطأ لم يفهم حقيقة المنطق

فحقيقة المنطق عند الشيخ تستلزم في نفس الأمر السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات، والمسلمون بلا نزاع يحرّمون هذا

ودعوى كون تحرير مذهب الشيخ لا يتأتى مع هذا النقل، ومع ما نقله عنه المنتسبون إلى العلم في القرون المتأخرة ما هو إلا تعنت بارد


لكن المقصود الأساس نقل الباحث (ص 205) قول الإمام أبي عبد الله ابن القيم رحمه الله: "وأما المنطق، فلو كان علما صحيحا كان غايته أن يكون كالمساحة والهندسة ونحوها، فكيف وباطله أضعاف حقه، وفساده وتناقض أصوله واختلاف مبانيه توجب مراعاتها للذهن أن يزيغ في فكره؟!"

ثم قال الباحث (ص 206): "قيل: هذا غير صحيح، وما ذكره ابن القيم لا دليل عليه، بل واقع حال المنطق يعارضه، فالمنطق علم قائم موجود بين أيدينا، ولو قمنا باستعراض قواعده ومسالكه لما وجدنا أكثره باطلا، بل سنجد أكثره على الاستقامة"


قلت: فعلى طريقة الباحث وشيعته في اللطم، فالباحث هنا متجرئ على مقام الأئمة، ويرى أنه يصح له النظر في واقع حال المنطق ونسبة الإمام العلم العلامة إلخ... إلى المجازفة في محك التدقيق والنظر الدقيق!

ثم مع ذلك بتر الباحث كلام شيخ الإسلام ليوهم أنه لا يطعن في حقيقة المنطق، وأن المنطق في أصله عند الشيخ وغيره آلة ذهنية تعصم الأفكار عن الخطأ!

وهذا يبيّن لك ما سلف، فإن هذا الكلام الساقط دليل على أن كل من رمى أهل السنة المتبعين للآثار بشيء عوقب بنقيض مقصوده

.

www.tgoop.com/ibntaymiyyah728/4239

1.2K viewsedited  Jun 13, 2022 at 02:54

من الذي يتجرأ على العلماء؟ - وقفة مع بحث (تحرير القول في حكم المنطق)

يقول الباحث [د. سلطان العميري] (ص 191)
نسب كثير من المتـأخرين والمعاصرين إلى ابن تيمية أنه ممن يقول بتحريم علم المنطق، وهذه النسبة غير صحيحة؛ فلم يصرح ابن تيمية بذلك مع كثرة اعتراضه على المنطق، ولا يوجد في كلامه ما يدل على إطلاق التحريم."


قلت: مع أن الباحث نقل عن درء التعارض (1/218) في بحثه ص205 قول شيخ الإسلام: "كثير مما ذكروه في المنطق يستلزم السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات"

وأغفل الباحث -ولعله تعمد البتر ليكذب على الشيخ فهذا الظن به- قول الشيخ في نفس الصفحة: "وهذا الكفر المتناقض وأمثاله هو سبب ما اشتهر بين المسلمين أن المنطق يجر إلى الزندقة، وقد يطعن في هذا من لم يفهم حقيقة المنطق وحقيقة لوازمه، ويظن أنه في نفسه لا يستلزم صحة الإسلام ولا فساده، ولا ثبوت حق ولا انتفاءه، وإنما هو آلة تعصم مراعاتها عن الخطأ في النظر، وليس الأمر كذلك، بل كثير مما ذكروه في المنطق يستلزم السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات، ويكون من قال بلوازمه ممن قال الله تعالى فيه: ﴿وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾"


قلت: فنقل الشيخ القولة المشهورة عن المسلمين [في نظره على الأقل] في كون المنطق مستلزما للزندقة، ولم يتعقبها ، بل برر أسبابها، وبيّن أن مدعي كون المنطق آلة تعصم الذهن عن الخطأ لم يفهم حقيقة المنطق

فحقيقة المنطق عند الشيخ تستلزم في نفس الأمر السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات، والمسلمون بلا نزاع يحرّمون هذا

ودعوى كون تحرير مذهب الشيخ لا يتأتى مع هذا النقل، ومع ما نقله عنه المنتسبون إلى العلم في القرون المتأخرة ما هو إلا تعنت بارد


لكن المقصود الأساس نقل الباحث (ص 205) قول الإمام أبي عبد الله ابن القيم رحمه الله: "وأما المنطق، فلو كان علما صحيحا كان غايته أن يكون كالمساحة والهندسة ونحوها، فكيف وباطله أضعاف حقه، وفساده وتناقض أصوله واختلاف مبانيه توجب مراعاتها للذهن أن يزيغ في فكره؟!"

ثم قال الباحث (ص 206): "قيل: هذا غير صحيح، وما ذكره ابن القيم لا دليل عليه، بل واقع حال المنطق يعارضه، فالمنطق علم قائم موجود بين أيدينا، ولو قمنا باستعراض قواعده ومسالكه لما وجدنا أكثره باطلا، بل سنجد أكثره على الاستقامة"


قلت: فعلى طريقة الباحث وشيعته في اللطم، فالباحث هنا متجرئ على مقام الأئمة، ويرى أنه يصح له النظر في واقع حال المنطق ونسبة الإمام العلم العلامة إلخ... إلى المجازفة في محك التدقيق والنظر الدقيق!

ثم مع ذلك بتر الباحث كلام شيخ الإسلام ليوهم أنه لا يطعن في حقيقة المنطق، وأن المنطق في أصله عند الشيخ وغيره آلة ذهنية تعصم الأفكار عن الخطأ!

وهذا يبيّن لك ما سلف، فإن هذا الكلام الساقط دليل على أن كل من رمى أهل السنة المتبعين للآثار بشيء عوقب بنقيض مقصوده

.

BY الفقير إلى رب البريات