tgoop.com/ibntaymiyyah728/4577
Last Update:
(لطائف في دعاء نبي الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم صلوات الله)
قال الإمام عبد الرحمن ابن أبي حاتم في تفسيره:
«حَدَّثَنَا أَبِي ثنا أَبُو الثَّلْجِ، ثنا سُنَيْدٌ قَالَ:
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: إِنَّمَا يُوَفَّقُ مِنَ الدُّعَاءِ لِلِمَقْدُورِ،
أَمَا تَرَى يُوسُفَ قَالَ: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ فَلَمَّا قَالَ: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَكَشَفَ لَهُ عَنِ الصَّخْرَةِ، فَقَالَ: مَا تَرَى؟
قَالَ: أَرَى نَمْلَةً تَقْضِمُ قَالَ: يَقُولُ: أَنَا لَمْ أَنَسَ هَذِهِ أَنْسَاكَ؟ أَنَا حَبَسْتُكَ، أَنْتَ قُلْتَ: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ لأُطِيلَنَّ حَبْسَكَ»
وقال الإمام أبو أحمد الكرجي القصاب:
«ومنها: أن قول يوسف، صلى الله عليه وسلم: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)
وإبلاء الله - جل وعلا - إياه اتعاظ لغيره أن لا يختار على سؤال العافية شيئا، وقد روي عن معاذ بن جبل أن النبي، صلى الله عليه وسلم، مر برجل وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر، فقال: "سألت الله البلاء، فاسأل الله العافية"،
وأنه صلى الله عليه وسلم، عاد رجلا قد صار مثل الفرخ، فقال: "ما كنت في داعيا به؟" فقال: كنت أقول: اللهم ما كنت معذبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقد صرت كما ترى، فقال: "ألا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
وروي في بعض الأخبار: أن يوسف، صلى الله عليه وسلم، لو سأل العافية ولم يسأل السجن لأعطي»
قلت: وفي هذه الآثار فوائد جليلة:
أولاها: الرد على الجبرية والقدرية في شأن الدعاء، فإن الجبرية قبحهم الله أنكروا أن يكون للدعاء أثر في تحصيل المطلوب، وزعموا أنه من حيث هذه الجهة لا فائدة فيه! ذكر ذلك الرازي عن قومه الأشعرية في مواطن كثيرة
والقدرية أصلهم أن الله عز وجل لا يقدر على هداية فلان وإضلال فلان وما شابه، إذ عجّزوه تعالى وتقدس عما يقول الظالمون علوا كبيرا عن أن يكون له قدرة على أفعال خلقه!
وأهل السنة رضي الله عنهم يقولون: المقدور مكتوب معلوم لله عز وجل أزلا، والدعاء كذلك سبب مكتوب معلوم وقوعه وأنه لو لم يكن لما حصل الفرج، فهداهم الله عز وجل لأعدل الأقوال.
ثانيها: أن البلاء موكل بالمنطق، وأن السائل ينبغي له أن يسأل الله عز وجل العافية، فإن كان يوسف عليه صلوات الله وهو المتعفف المظلوم قد ابتلي بالسجن لما لم يدع بالفرج، فأيش تظن حال كثير من الناس ممن يدعو على نفسه وأهله وولده ويدعو على خلق الله؟! فاللهم غفرا
ثالثها: أن الله عز وجل له الحكمة البالغة في كل أفعاله كما له الكمال المطلق في كل أسمائه وصفاته جل وعز اسمه، فلا تحسبن الله عز وجل غافلا عما هو واقع عليك ... ولا تحسبنه قدر عليك رزقك أو أمرضك أو أخر زواجك وما شابه ذلك إلا لحكمة بالغة، فله الحمد على كل حال.
والشأن كل الشأن فيما تصنعه اليوم ... وقد علمت بأن الله عز وجل لا يكلف نفسا إلا وسعها، فلم يكلفك إلا ما تطيق، فالصبر الصبر!
.
BY الفقير إلى رب البريات
Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/4577