IBNTAYMIYYAH728 Telegram 5340
[ترد زلة العالم السني ويحفظ له قدره]

قال الإمام إسحاق بن راهويه الحنظلي: وأمَّا العالمُ يفتي بالشيء يكون مخالفًا لما جاءَ من أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أو التابعين بإحسان لما يكون قد عزب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه، فإِنَّ على المتعلمين أَنْ يهجروا ذَلِكَ القولَ بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته، ولا يدخل على الراد ذَلِكَ نقض ما رد على من هو أعلم منه ليتبع في ذَلِكَ ما أمر؛ لما قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي اتِّبَاعَ زلة العالِم" ثم فسر النجاة من ذَلِكَ فقال: "أما العلم إذا زل فلا تتبعوا زَلَّتَه" فهذا يصدَّق ما وصفنا.

ولقد قال ابن المبارك، وجرى ذكر من يسأل الرأي في عصر سفيان فقال: ما رأت عيناي قط أعلم من سفيان، ثم ذكر لابن المبارك مسائل كثيرة قالها سفيان يخالفه، من ذَلِكَ رفع الأيدي في المكتوبات إذا ركع وإذا رفع رأسه، فقال: ما يمنع هؤلاء الذين لا يرفعون إلا الكسل؛ حتى أنه قال يومًا للشيخ: -يعني: أبا حنيفة- وذكر أنه من رفع يديه عند الركوع يريد أن يطير، فقال ابن المبارك: إذا كان إذا رفع عند الركوع يطير فإنه في الاستفتاح كذلك، أخبرني بذلك وكيع عنه حتى أنه قال: ما رأيت جوابًا أحسن من جواب ابن المبارك.

فلم يمنع عبد اللَّه ما قال في سفيان من أنه أعلم أهل الأرض أن يرد عليه خطأه؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويظن به الظن الحسن أنه قد فاته، وكذلك من اقتدى بابن المبارك يلزمه مثل ما لزمه.

"مسائل الكوسج" (3458)

—————

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية [مجموع الفتاوى (32 / 120)]:

«وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ [=الزواج من زانية] فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَحْتَاجَ إلَى كَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ فَإِنَّ الْإِيمَانَ وَالْقُرْآنَ يُحَرِّمُ مِثْلَ ذَلِكَ؛

لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَدْ أَبَاحَ مِثْلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ - الَّذِينَ لَا رَيْبَ فِي عِلْمِهِمْ وَدِينِهِمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَعُلُوِّ قَدْرِهِمْ - بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ تَأَوَّلُوهُ اُحْتِيجَ إلَى الْبَسْطِ فِي ذَلِكَ؛

وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ: يَكُونُ الْقَوْلُ ضَعِيفًا جِدًّا وَقَدْ اشْتَبَهَ أَمْرُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَسَادَاتِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ الْعِصْمَةَ عِنْدَ تَنَازُعِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي الرَّدِّ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَلَى الْهَوَى»

————-

وقال شيخ الإسلام [الرد على السبكي (2 / 939 - 940)]:

"وهب أنك وافقت كثيرا من أعيان العلماء في حكم مسألة، لكن أولئك لم يذكر لهم من النقول والبحوث المخالفة لقولهم ما قيل لك، ثم تكلفوا من رد الحق وإبطاله ما تكلفته، ولكن مثلك في ذلك مثل من ينصر طائفة من أعيان العلماء المشهورين في مسألة خفي عليه فيها الأدلة الشرعية، كأحاديث صحيحة في المسألة لو بلغتهم لم يعدلوا عنها، فجاء المتعصبون لهم يتكلفون لهم من رد الحق بالباطل ما نزه الله -تعالى- عنه أولئك الأئمة.

كمن يتكلف نصر قول أهل الكوفة في حل النبيذ المتنازع فيه، ...... ونحو ذلك من الأقوال التي دلت الأدلة الشرعية فيها على قول قال بعض العلماء خلافه، ولو ثبت عنده ما دلت عليه النصوص الشرعية لم يعدل عنه، لكن كان معذورا في عدوله عنه.

ثم من يتعصب لقوله إذا نصره وقد ظهرت الأدلة الشرعية بخلافه = احتاج أن يتكلف له من رد الحق الظاهر والاحتجاج بالباطل ما يظهر معه أنه خارج بذلك عن طريقة أهل العلم المتقدمين والسلف الماضين، وعما أوجبه الله -سبحانه وتعالى- على المسلمين حيث يقول تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾"ا.هـ

————-

قلت: تأمل ذكر شيخ الإسلام لهذه المسألة التي خالف فيها الأربعة -وإن كان نسبها لأصول الإمام أحمد-، مع ذلك ذكر أنه قد يظهر للمتأخر في بعض مسائل الفقه ما يوجب له العقوبة إن خالفه، فكيف بمسألة العلو التي وصفها ابن رشد الفيلسوف بأنها أظهر مسائل الشريعة؟!

.



tgoop.com/ibntaymiyyah728/5340
Create:
Last Update:

[ترد زلة العالم السني ويحفظ له قدره]

قال الإمام إسحاق بن راهويه الحنظلي: وأمَّا العالمُ يفتي بالشيء يكون مخالفًا لما جاءَ من أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أو التابعين بإحسان لما يكون قد عزب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه، فإِنَّ على المتعلمين أَنْ يهجروا ذَلِكَ القولَ بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته، ولا يدخل على الراد ذَلِكَ نقض ما رد على من هو أعلم منه ليتبع في ذَلِكَ ما أمر؛ لما قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي اتِّبَاعَ زلة العالِم" ثم فسر النجاة من ذَلِكَ فقال: "أما العلم إذا زل فلا تتبعوا زَلَّتَه" فهذا يصدَّق ما وصفنا.

ولقد قال ابن المبارك، وجرى ذكر من يسأل الرأي في عصر سفيان فقال: ما رأت عيناي قط أعلم من سفيان، ثم ذكر لابن المبارك مسائل كثيرة قالها سفيان يخالفه، من ذَلِكَ رفع الأيدي في المكتوبات إذا ركع وإذا رفع رأسه، فقال: ما يمنع هؤلاء الذين لا يرفعون إلا الكسل؛ حتى أنه قال يومًا للشيخ: -يعني: أبا حنيفة- وذكر أنه من رفع يديه عند الركوع يريد أن يطير، فقال ابن المبارك: إذا كان إذا رفع عند الركوع يطير فإنه في الاستفتاح كذلك، أخبرني بذلك وكيع عنه حتى أنه قال: ما رأيت جوابًا أحسن من جواب ابن المبارك.

فلم يمنع عبد اللَّه ما قال في سفيان من أنه أعلم أهل الأرض أن يرد عليه خطأه؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويظن به الظن الحسن أنه قد فاته، وكذلك من اقتدى بابن المبارك يلزمه مثل ما لزمه.

"مسائل الكوسج" (3458)

—————

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية [مجموع الفتاوى (32 / 120)]:

«وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ [=الزواج من زانية] فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَحْتَاجَ إلَى كَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ فَإِنَّ الْإِيمَانَ وَالْقُرْآنَ يُحَرِّمُ مِثْلَ ذَلِكَ؛

لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَدْ أَبَاحَ مِثْلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ - الَّذِينَ لَا رَيْبَ فِي عِلْمِهِمْ وَدِينِهِمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَعُلُوِّ قَدْرِهِمْ - بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ تَأَوَّلُوهُ اُحْتِيجَ إلَى الْبَسْطِ فِي ذَلِكَ؛

وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ: يَكُونُ الْقَوْلُ ضَعِيفًا جِدًّا وَقَدْ اشْتَبَهَ أَمْرُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَسَادَاتِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ الْعِصْمَةَ عِنْدَ تَنَازُعِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فِي الرَّدِّ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَلَى الْهَوَى»

————-

وقال شيخ الإسلام [الرد على السبكي (2 / 939 - 940)]:

"وهب أنك وافقت كثيرا من أعيان العلماء في حكم مسألة، لكن أولئك لم يذكر لهم من النقول والبحوث المخالفة لقولهم ما قيل لك، ثم تكلفوا من رد الحق وإبطاله ما تكلفته، ولكن مثلك في ذلك مثل من ينصر طائفة من أعيان العلماء المشهورين في مسألة خفي عليه فيها الأدلة الشرعية، كأحاديث صحيحة في المسألة لو بلغتهم لم يعدلوا عنها، فجاء المتعصبون لهم يتكلفون لهم من رد الحق بالباطل ما نزه الله -تعالى- عنه أولئك الأئمة.

كمن يتكلف نصر قول أهل الكوفة في حل النبيذ المتنازع فيه، ...... ونحو ذلك من الأقوال التي دلت الأدلة الشرعية فيها على قول قال بعض العلماء خلافه، ولو ثبت عنده ما دلت عليه النصوص الشرعية لم يعدل عنه، لكن كان معذورا في عدوله عنه.

ثم من يتعصب لقوله إذا نصره وقد ظهرت الأدلة الشرعية بخلافه = احتاج أن يتكلف له من رد الحق الظاهر والاحتجاج بالباطل ما يظهر معه أنه خارج بذلك عن طريقة أهل العلم المتقدمين والسلف الماضين، وعما أوجبه الله -سبحانه وتعالى- على المسلمين حيث يقول تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾"ا.هـ

————-

قلت: تأمل ذكر شيخ الإسلام لهذه المسألة التي خالف فيها الأربعة -وإن كان نسبها لأصول الإمام أحمد-، مع ذلك ذكر أنه قد يظهر للمتأخر في بعض مسائل الفقه ما يوجب له العقوبة إن خالفه، فكيف بمسألة العلو التي وصفها ابن رشد الفيلسوف بأنها أظهر مسائل الشريعة؟!

.

BY الفقير إلى رب البريات


Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/5340

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Your posting frequency depends on the topic of your channel. If you have a news channel, it’s OK to publish new content every day (or even every hour). For other industries, stick with 2-3 large posts a week. Choose quality over quantity. Remember that one high-quality post is better than five short publications of questionable value. Each account can create up to 10 public channels Telegram Channels requirements & features How to Create a Private or Public Channel on Telegram?
from us


Telegram الفقير إلى رب البريات
FROM American