IBNTAYMIYYAH728 Telegram 5567
[نقد التمدرس النظامي وحصر النجاح بطرائق محدودة]

قال ابن القيم رحمه الله [تحفة المودود ص٣٥٣ - ٣٥٤]:

"ومما ينبغي أن يعتمد: حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها؛ فيعلم أنه مخلوق له؛ فلا يحمله على غير ما كان مأذونا فيه شرعا. فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيأ له.

فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعيا، فهذه من علامات قبوله وتهيئه للعلم، فلينقشه في لوح قلبه ما دام خاليا، فإنه يتمكن فيه ويستقر، ويزكو معه.

وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه، وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي، واللعب بالرمح، وأنه لا نفاذ له في العلم، ولم يخلق له= مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين.

وإن رآه بخلاف ذلك، وأنه لم يخلق لذلك، ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع، مستعدا لها، قابلا لها، وهي صناعة مباحة نافعة للناس= فليمكنه منها.

هذا كله بعد تعليمه ما يحتاج إليه في دينه، فإن ذلك ميسر على كل أحد؛ لتقوم حجة الله على العبد، فإن له على عباده الحجة البالغة، كما له عليهم النعمة السابغة، والله أعلم."

وكتب أبو عائشة سامي الهوايري سدده الله:

نقد مسلك قولبة الملتزم تأثرا بالصورة النمطية!

يتم في كثير من الأعمال السينيمائية رسم صورة نمطية عن شخصية الملتزم، فيُوضع في قالب واحد [=ساذج، يتقعر بالفصحى، كثير التكلف، بعيد عن أي شكل من أشكال التبسم...إلخ].

فيأتي رد فعل معاكس من طرف كثير من المنتسبين للديانة عن طريق الإتيان بشخصية عُرفت بالالتزام مع شيء من التفوق في بعض المجالات العلمية الدنيوية [=طب، هندسة...إلخ] أو حتى الإتيان بصور مشايخ ودعاة على وجوههم بهاء في مقارنة بصورة "الممثل" لدور الملتزم ذي الوجه المُكفهر!.

وفي زعمي أن مسلك أصحاب الديانة مسلك خاطئ أيضا ويُعبِّر عن حالة خضوع لذات الإشكال الذي وقع فيه أصحاب الأعمال السينيمائية وهو عملية قولبة الملتزم في قالب واحد!

والواقع أن كلا المسلكين أخذا كثيرا من الملتزمين إلى دهاليز الوساوس!

فتجد الملتزم المتأثر بقولبة الأعمال السينيمائية، دائم التكلف في معاكستها ولو كان من سجيته بعض ما صُوِّر من حاله في هذه الأعمال، ففي الملتزمين من ليس في سجيته كثرة التبسم ومنهم من فعلا عليه شيء من رثاثة الهيئة ومنهم من هو أسمر البشرة وفيهم من هو أعور ومنهم ومنهم!

كما تجد الملتزم المتأثر بالـ "قولبة المضادة" أيضا دائم السعي وراء تلك الصورة التي لا يُمكن بأي حال أن يكون عليها كل ملتزم، فمن الملتزمين من هو صاحب حرفة أو تجارة ومنهم من في وجهه دمامة...إلخ!

وبعضهم أدت به هذه الحالة إلى التوسع في أنواع المباحات حتى يُبعدوا عن أنفسهم ألقاب "التشدد" حتى ظهرت شعارات من ضرب [الالتزام ابتعاد عن المحرمات لا عن الحياة] ثم هو يأتي من أنواع المباحات ما لا يأتيه العوام أنفسهم وهذا يكون بابا للمحرمات كما هو معلوم!

ومخالطة الناس تحتاج مداراة ونصح وتغافل مع عدم مس المرء لدينه لذلك في صحيح البخاري: قال ابن مسعود رضي اللّٰه عنه: «خالط الناس، ودينك لا تكلمنه [= لا تجرحنَّه]».

والتحقيق أن قولبة أي صنف من أصناف البشر في هكذا قوالب هو خطأ ابتداءًا.

لذلك استنكر شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على الشاذلي صنيع كثير ممن كتب في التصوف والسلوك محاولة تعميم تجربته في الناس، فقال:

«كثير من المصنفين والمتكلمين في منازل السائرين إلى الله، ومنهاج القاصدين إليه، وطريق السالكين إليه، يذكر كل منهم عدد المنازل وترتيبها بحسب سيره هو، أو ما علمه هو من أحوال السالكين، ولا يكون ذلك صفة كل سالك، بل كثير من السالكين لهم طرق أخرى وترتيب آخر وعدد آخر. وكثير منهم لا يكون سلوكهم بترتيب معين وعدد معين، ولهذا تجد شيخ الإسلام الأنصاري في «منازل السائرين» يصف ترتيبا وعددا، وتجد أبا بكر الطرطوشي يصف في كتابه ترتيبا آخر، وتجد أبا طالب المكي يذكر نوعا ثالثا، وتجد غيرهم يذكر أمرا آخر.

وهذا كما أن أهل النظر والاستدلال من السالكين طريق العلم تجد لكل منهم من ترتيب المقدمات العلمية التي يستدل بها طريقا غير طريق الآخر. ثم كل من هؤلاء وهؤلاء أصحاب المقدمات المرتبة علما وعملا في كلامهم ما هو صواب وما هو خطأ، فما وافق الكتاب والسنة من ذلك كله فهو صواب، وما خالف ذلك فهو خطأ.

وهذا موضع اشتبه على كثير من أهل العلم والعبادة، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. ولهذا أمر الله المسلم أن يقول في كل صلاة: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع».

وإن كان إنكار شيخ الإسلام هنا في أمر السلوك وما يتصل بعلاقة العبد بربه، فإنه من باب أولى أن تُنكر قولبة العباد في أمور دنياهم بل وفي أمور لا يملكون فيها يدا من جنس هيئة وجوههم وخِلقتهم!

.



tgoop.com/ibntaymiyyah728/5567
Create:
Last Update:

[نقد التمدرس النظامي وحصر النجاح بطرائق محدودة]

قال ابن القيم رحمه الله [تحفة المودود ص٣٥٣ - ٣٥٤]:

"ومما ينبغي أن يعتمد: حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها؛ فيعلم أنه مخلوق له؛ فلا يحمله على غير ما كان مأذونا فيه شرعا. فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيأ له.

فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعيا، فهذه من علامات قبوله وتهيئه للعلم، فلينقشه في لوح قلبه ما دام خاليا، فإنه يتمكن فيه ويستقر، ويزكو معه.

وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه، وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي، واللعب بالرمح، وأنه لا نفاذ له في العلم، ولم يخلق له= مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين.

وإن رآه بخلاف ذلك، وأنه لم يخلق لذلك، ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع، مستعدا لها، قابلا لها، وهي صناعة مباحة نافعة للناس= فليمكنه منها.

هذا كله بعد تعليمه ما يحتاج إليه في دينه، فإن ذلك ميسر على كل أحد؛ لتقوم حجة الله على العبد، فإن له على عباده الحجة البالغة، كما له عليهم النعمة السابغة، والله أعلم."

وكتب أبو عائشة سامي الهوايري سدده الله:

نقد مسلك قولبة الملتزم تأثرا بالصورة النمطية!

يتم في كثير من الأعمال السينيمائية رسم صورة نمطية عن شخصية الملتزم، فيُوضع في قالب واحد [=ساذج، يتقعر بالفصحى، كثير التكلف، بعيد عن أي شكل من أشكال التبسم...إلخ].

فيأتي رد فعل معاكس من طرف كثير من المنتسبين للديانة عن طريق الإتيان بشخصية عُرفت بالالتزام مع شيء من التفوق في بعض المجالات العلمية الدنيوية [=طب، هندسة...إلخ] أو حتى الإتيان بصور مشايخ ودعاة على وجوههم بهاء في مقارنة بصورة "الممثل" لدور الملتزم ذي الوجه المُكفهر!.

وفي زعمي أن مسلك أصحاب الديانة مسلك خاطئ أيضا ويُعبِّر عن حالة خضوع لذات الإشكال الذي وقع فيه أصحاب الأعمال السينيمائية وهو عملية قولبة الملتزم في قالب واحد!

والواقع أن كلا المسلكين أخذا كثيرا من الملتزمين إلى دهاليز الوساوس!

فتجد الملتزم المتأثر بقولبة الأعمال السينيمائية، دائم التكلف في معاكستها ولو كان من سجيته بعض ما صُوِّر من حاله في هذه الأعمال، ففي الملتزمين من ليس في سجيته كثرة التبسم ومنهم من فعلا عليه شيء من رثاثة الهيئة ومنهم من هو أسمر البشرة وفيهم من هو أعور ومنهم ومنهم!

كما تجد الملتزم المتأثر بالـ "قولبة المضادة" أيضا دائم السعي وراء تلك الصورة التي لا يُمكن بأي حال أن يكون عليها كل ملتزم، فمن الملتزمين من هو صاحب حرفة أو تجارة ومنهم من في وجهه دمامة...إلخ!

وبعضهم أدت به هذه الحالة إلى التوسع في أنواع المباحات حتى يُبعدوا عن أنفسهم ألقاب "التشدد" حتى ظهرت شعارات من ضرب [الالتزام ابتعاد عن المحرمات لا عن الحياة] ثم هو يأتي من أنواع المباحات ما لا يأتيه العوام أنفسهم وهذا يكون بابا للمحرمات كما هو معلوم!

ومخالطة الناس تحتاج مداراة ونصح وتغافل مع عدم مس المرء لدينه لذلك في صحيح البخاري: قال ابن مسعود رضي اللّٰه عنه: «خالط الناس، ودينك لا تكلمنه [= لا تجرحنَّه]».

والتحقيق أن قولبة أي صنف من أصناف البشر في هكذا قوالب هو خطأ ابتداءًا.

لذلك استنكر شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على الشاذلي صنيع كثير ممن كتب في التصوف والسلوك محاولة تعميم تجربته في الناس، فقال:

«كثير من المصنفين والمتكلمين في منازل السائرين إلى الله، ومنهاج القاصدين إليه، وطريق السالكين إليه، يذكر كل منهم عدد المنازل وترتيبها بحسب سيره هو، أو ما علمه هو من أحوال السالكين، ولا يكون ذلك صفة كل سالك، بل كثير من السالكين لهم طرق أخرى وترتيب آخر وعدد آخر. وكثير منهم لا يكون سلوكهم بترتيب معين وعدد معين، ولهذا تجد شيخ الإسلام الأنصاري في «منازل السائرين» يصف ترتيبا وعددا، وتجد أبا بكر الطرطوشي يصف في كتابه ترتيبا آخر، وتجد أبا طالب المكي يذكر نوعا ثالثا، وتجد غيرهم يذكر أمرا آخر.

وهذا كما أن أهل النظر والاستدلال من السالكين طريق العلم تجد لكل منهم من ترتيب المقدمات العلمية التي يستدل بها طريقا غير طريق الآخر. ثم كل من هؤلاء وهؤلاء أصحاب المقدمات المرتبة علما وعملا في كلامهم ما هو صواب وما هو خطأ، فما وافق الكتاب والسنة من ذلك كله فهو صواب، وما خالف ذلك فهو خطأ.

وهذا موضع اشتبه على كثير من أهل العلم والعبادة، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. ولهذا أمر الله المسلم أن يقول في كل صلاة: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع».

وإن كان إنكار شيخ الإسلام هنا في أمر السلوك وما يتصل بعلاقة العبد بربه، فإنه من باب أولى أن تُنكر قولبة العباد في أمور دنياهم بل وفي أمور لا يملكون فيها يدا من جنس هيئة وجوههم وخِلقتهم!

.

BY الفقير إلى رب البريات


Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/5567

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The initiatives announced by Perekopsky include monitoring the content in groups. According to the executive, posts identified as lacking context or as containing false information will be flagged as a potential source of disinformation. The content is then forwarded to Telegram's fact-checking channels for analysis and subsequent publication of verified information. SUCK Channel Telegram A few years ago, you had to use a special bot to run a poll on Telegram. Now you can easily do that yourself in two clicks. Hit the Menu icon and select “Create Poll.” Write your question and add up to 10 options. Running polls is a powerful strategy for getting feedback from your audience. If you’re considering the possibility of modifying your channel in any way, be sure to ask your subscribers’ opinions first. Administrators The best encrypted messaging apps
from us


Telegram الفقير إلى رب البريات
FROM American