IBNTAYMIYYAH728 Telegram 5601
مفهوم النصر بين الغلو المادي والتفريط الفلسفي

وهذا سؤال يتكرر طرحه في كل مصيبة تقع في بلاد الإسلام، تصديقا بوعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".

وتأمل كيف فسر أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) بترك الجهاد

فترك الجهاد سبب المذلة في الأصل لا أنه نتيجة لاستضعاف المسلمين؛ روي عن الفاروق عمر رضي الله عنه: " إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فمن يلتمس العز بغيره يذله الله".

وقال الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز بن مروان الأموي رحمه الله وقد كتب إلى منصور بن غالب:

"فإن الذنوب أخوف عندي على الناس من مكيدة عدوهم، وإنما نعادي عدونا وننصر عليهم بمعصيتهم ولولا ذلك لم تكن لنا قوة بهم لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم فلو استوينا نحن وهم في المعصية كانوا أفضل منا في القوة والعدد فإن لا ننصر عليهم بحقنا لا نغلبهم بقوتنا".

وليس في ذلك معارضة لأمر المسلمين بالصبر حال الاستضعاف، بل هذا المعروف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته بأمر الله عز وجل لهم (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول:

«وذكر غير ابن إسحاق أن اليهود حذرت وذلت وخافت من يوم قتل ابن الأشرف فلما أتى الله بأمره الذي وعده من ظهور الدين وعز المؤمنين أمر رسوله بالبراءة إلى المعاهدين وبقتال المشركين كافة وبقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

فكان ذلك عاقبة الصبر والتقوى اللذين أمرهم بهما في أول الأمر وكان إذ ذاك لا يؤخذ من أحد من اليهود الذين بالمدينة ولا غيرهم جزية.

وصارت تلك الآيات في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه فينتصر بما يقدر عليه من القلب ونحوه وصارت آية الصغار على المعاهدين في حق كل مؤمن قوي يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه وبهذه الآية ونحوها كان المسلمون يعملون في آخر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهده خلفائه الراشدين وكذلك هو إلى قيام الساعة لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمين على الحق ينصرون الله ورسوله النصر التام فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف ‌فليعمل ‌بآية ‌الصبر ‌والصفح ‌عمن ‌يؤذي ‌الله ‌ورسوله ‌من ‌الذين ‌أوتوا ‌الكتاب ‌والمشركين وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون

وكان حق أهل الإسلام أن ينصرهم المسلمون كل بحسب وسعه وطاقته وأن يقوموا بدفع المعتدي فضلا عن جهاد الطلب!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"ونصارى ملطية وأهل المشرق ويهودهم لو كان لهم ذمة وعهد من ملك مسلم يجاهدهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية كأهل المغرب واليمن لما لم يعاملوا أهل مصر والشام معاملة أهل العهد جاز لأهل مصر والشام غزوهم واستباحة دمهم ومالهم لأن أبا جندل وأبا نصير حاربا أهل مكة مع أن بينهم وبين النبي ﷺ عهدا، وهذا باتفاق الأئمة لأن العهد والذمة إنما يكون من الجانبين".

وعامة الدول المسلمة لا معاهدات بينها وبين اليهود، ولكبار العلماء فتاوى في تقرير معنى الصلح الشرعي خلافا لما يريد أصحاب الهوى.

ولكن الهوان آل بالمسلمين إلى تحقيق ما وعد به الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال:حب الحياة وكراهية الموت".

وهكذا ترى دلائل النبوة ماثلة أمامك عيانا واقعة كما أخبر بها صلى الله عليه وسلم.

غير أن المراد هاهنا فهم مسألة النصر على وجهها؛ فإن الناس فيها على طرفين ووسط،

فطرف يقول: بأن النصر لا يكون إلا مع حفظ الأموال والأنفس والثمرات كما هي قبل الحرب بلا نقص ولا ابتلاء، وهذا مضاد لوعد الله عز وجل بابتلائه عباده لينظر صبرهم!

وطرف يجعل النصر قائما بكل معانيه ولو دمرت ديار الإسلام وتقهقر عسكرهم وهجّر أهل البلاد من بلادهم وفعلت برجالهم ونسائهم الأفاعيل.

والحق الذي في كتاب الله وفي سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته الكرام خلاف الطريقتين.

تدبر كلام الله عز وجل في سورة آل عمران وهو يخاطب أهل الإسلام على ما أصابهم في غزوة أحد:

ذكر الله سبحانه وتعالى: "أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ"

وقال سبحانه: "وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ"

وقال سبحانه: "، فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ، لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ"

===



tgoop.com/ibntaymiyyah728/5601
Create:
Last Update:

مفهوم النصر بين الغلو المادي والتفريط الفلسفي

وهذا سؤال يتكرر طرحه في كل مصيبة تقع في بلاد الإسلام، تصديقا بوعد الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".

وتأمل كيف فسر أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) بترك الجهاد

فترك الجهاد سبب المذلة في الأصل لا أنه نتيجة لاستضعاف المسلمين؛ روي عن الفاروق عمر رضي الله عنه: " إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فمن يلتمس العز بغيره يذله الله".

وقال الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز بن مروان الأموي رحمه الله وقد كتب إلى منصور بن غالب:

"فإن الذنوب أخوف عندي على الناس من مكيدة عدوهم، وإنما نعادي عدونا وننصر عليهم بمعصيتهم ولولا ذلك لم تكن لنا قوة بهم لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم فلو استوينا نحن وهم في المعصية كانوا أفضل منا في القوة والعدد فإن لا ننصر عليهم بحقنا لا نغلبهم بقوتنا".

وليس في ذلك معارضة لأمر المسلمين بالصبر حال الاستضعاف، بل هذا المعروف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته بأمر الله عز وجل لهم (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول:

«وذكر غير ابن إسحاق أن اليهود حذرت وذلت وخافت من يوم قتل ابن الأشرف فلما أتى الله بأمره الذي وعده من ظهور الدين وعز المؤمنين أمر رسوله بالبراءة إلى المعاهدين وبقتال المشركين كافة وبقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

فكان ذلك عاقبة الصبر والتقوى اللذين أمرهم بهما في أول الأمر وكان إذ ذاك لا يؤخذ من أحد من اليهود الذين بالمدينة ولا غيرهم جزية.

وصارت تلك الآيات في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه فينتصر بما يقدر عليه من القلب ونحوه وصارت آية الصغار على المعاهدين في حق كل مؤمن قوي يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه وبهذه الآية ونحوها كان المسلمون يعملون في آخر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهده خلفائه الراشدين وكذلك هو إلى قيام الساعة لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمين على الحق ينصرون الله ورسوله النصر التام فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف ‌فليعمل ‌بآية ‌الصبر ‌والصفح ‌عمن ‌يؤذي ‌الله ‌ورسوله ‌من ‌الذين ‌أوتوا ‌الكتاب ‌والمشركين وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون

وكان حق أهل الإسلام أن ينصرهم المسلمون كل بحسب وسعه وطاقته وأن يقوموا بدفع المعتدي فضلا عن جهاد الطلب!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"ونصارى ملطية وأهل المشرق ويهودهم لو كان لهم ذمة وعهد من ملك مسلم يجاهدهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية كأهل المغرب واليمن لما لم يعاملوا أهل مصر والشام معاملة أهل العهد جاز لأهل مصر والشام غزوهم واستباحة دمهم ومالهم لأن أبا جندل وأبا نصير حاربا أهل مكة مع أن بينهم وبين النبي ﷺ عهدا، وهذا باتفاق الأئمة لأن العهد والذمة إنما يكون من الجانبين".

وعامة الدول المسلمة لا معاهدات بينها وبين اليهود، ولكبار العلماء فتاوى في تقرير معنى الصلح الشرعي خلافا لما يريد أصحاب الهوى.

ولكن الهوان آل بالمسلمين إلى تحقيق ما وعد به الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال:حب الحياة وكراهية الموت".

وهكذا ترى دلائل النبوة ماثلة أمامك عيانا واقعة كما أخبر بها صلى الله عليه وسلم.

غير أن المراد هاهنا فهم مسألة النصر على وجهها؛ فإن الناس فيها على طرفين ووسط،

فطرف يقول: بأن النصر لا يكون إلا مع حفظ الأموال والأنفس والثمرات كما هي قبل الحرب بلا نقص ولا ابتلاء، وهذا مضاد لوعد الله عز وجل بابتلائه عباده لينظر صبرهم!

وطرف يجعل النصر قائما بكل معانيه ولو دمرت ديار الإسلام وتقهقر عسكرهم وهجّر أهل البلاد من بلادهم وفعلت برجالهم ونسائهم الأفاعيل.

والحق الذي في كتاب الله وفي سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته الكرام خلاف الطريقتين.

تدبر كلام الله عز وجل في سورة آل عمران وهو يخاطب أهل الإسلام على ما أصابهم في غزوة أحد:

ذكر الله سبحانه وتعالى: "أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ"

وقال سبحانه: "وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ"

وقال سبحانه: "، فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ، لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا مَا أَصابَكُمْ"

===

BY الفقير إلى رب البريات


Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/5601

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Ng Man-ho, a 27-year-old computer technician, was convicted last month of seven counts of incitement charges after he made use of the 100,000-member Chinese-language channel that he runs and manages to post "seditious messages," which had been shut down since August 2020. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? How to Create a Private or Public Channel on Telegram? Write your hashtags in the language of your target audience. Telegram offers a powerful toolset that allows businesses to create and manage channels, groups, and bots to broadcast messages, engage in conversations, and offer reliable customer support via bots.
from us


Telegram الفقير إلى رب البريات
FROM American