tgoop.com/ibntaymiyyah728/5612
Last Update:
===
4. في قوله سبحانه: " وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
فبين سبحانه حال أصفيائه من خلقه، وذكر جل وعلا أنهم دائمو الاستغفار، كاظمون للغيظ عافون عن الناس، محسنون صابرون محتسبون، ثابتون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم، ولم يكن فعل الذنب منهم إلا طائف من الشيطان فلما تذكروا أبصروا، وقد أخبر الله عز وجل أن عاقبتهم نزع ما في صدورهم من غل، وأنهم إخوان على سرر متقابلين، وهذه النفوس الزكية لا تحتمل تضييع الأعمار في توافه المنازعات، وليس عمل الواحد فيهم إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى، ولسوف يرضى!
5. في قوله سبحانه: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"
فلا يستطيع مبتدع أن يسكن بين أظهرهم، بل حيثما وجدوا انتفى الخبث، وزالت الشرور، وعم الأمن، وحكّم شرع الله عز وجل في النفوس وظهر ذلك على أحوالهم، وعرفوا بثمارهم وآثارهم، فهم أنشط الناس في الذب عن السنة وأهلها، والدعوة إلى التوحيد والصبر على الأذى فيه، ونصروا المظلوم فيهم فأخذوا حقه، ونصروا الظالم فيهم فأخذوا على يديه، وهم أبعد الناس عن المحدثات صغارها وكبارها، وإذا اختلفوا ردوا الأمر إلى علمائهم وأهل الذكر منهم، ولم يستقلوا بفهومهم.
فلم يكن فيهم الظلم العظيم بالشرك وشعبه والتعطيل ومذاهبه، ولم يكن فيهم الظلم المتعدي إلا والحق قد بلغ صاحبه وانتصر له من المظلوم بالدلائل والبينات وشهادة العدول الثقات.
بل يتمثلون قول الله عز وجل: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" فهم يحيون بالله ولله متوكلين على الله يدفعون أقدار الله بأحكام الله!
بل إنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم قديمهم و حديثهم مع اختلاف بلدانهم و زمانهم و تباعد ما بينهم و سكون كل واحد منهم قطرا من الأمصار وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة و نمط واحد يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد و نقلهم واحد لا ترى بينهم اختلافا و تفرقا في شيء ما و إن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم و نقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء من قلب واحد و جرى على لسان واحد.
و هل على الحق دليل أبين من هذا؟
6. في قوله سبحانه: "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا"
فالمصلحون على ضد ذلك؛ فدينهم ظاهر ليس فيه تقية وخفاء وباطنية، ولم يكونوا من السفهاء الذين استنكفوا أن يؤمنوا كما آمن الناس، ولم يكتموا أمرهم يستخفون بدين عن المسلمين، ولم يوالوا ويعادوا على عقائد في السر وأنكروا ذلك في العلانية، ولم يخترعوا دينا ينسب إليهم، بل إذا تتبعت كلامهم وجدته بحروفه ومعانيه عمن سبق من سلفهم الصالحين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
.
BY الفقير إلى رب البريات
Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/5612