IBNTAYMIYYAH728 Telegram 5616
من نفائس السبكي في ترجمته لشيخ الإسلام

قال علي بن عبدالكافي السبكي في آخر ترجمته لشيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه (ص ٢٧ - ٣١):

"ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ، قلنا: راح إلى الله تعالى، وهو أعلم به، عسى أن لا نَذْكُرَه، "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ".

فَحَدَثَ من أتباعه قوم لا خَلَاقَ لهم ، جُهّال -قد ضَلُّوا به تقليدًا يُضِلُّون الناس بما كان يقولُه- من غير علم ويتسلطون على الناس به، فيؤذونهم.

وهذا لو لم يكن يعرفُ شيئًا من حاله إلّا أنّ قضاةً الشريعة حكموا بحبسه وحبسوه حتى مات، فينبغي لمن لا يَعرِفُ حاله اتباع حكم قضاة الشرع وما تَقَلَّدُوه من أمره، ومنعوه من الفتوى في حياته، فكيف يعمل بقوله بعد وفاته؟!

وله من الأتباع عَوَامَ يُعَلِّمُونَه تقليدًا ، ويُطْرُونَه. فإذا عارضهم عامي آخَرُ قد عَصَمَهُ اللهُ مِن مِثل حالهم -بما يعتقده فيه من الفقهاء السالمين- تَسَلَّطُوا عليه، وحملوه إلى من ينتقم منه؛ لاعتقاده أنه تَكَلَّمَ في عالم، وليس ما قاله فيه إلّا بعض ما قاله قضاة الشريعة فيه، وحكموا فيه لسببه.

وإن كان الشخص عارفًا فينظر في كتبه، وما شحنها به، نسأل الله العافية.

فالكلام فيه -بما فيه- نصيحة في الدين، يُثاب المرء عليها ، ويجب التحذيرُ منه ، ومن أتباعه كفا الله المسلمين شرهم.

وأرجو -إن شاء الله- أن لا يكون الحامل لي على كتابة هذه الأحرف إلا النصيحة؛ فإنّي خَشِيتُ الاغترار بأتباعه، وبعد العهد بمعرفته، فقلتُ بعض ما أعرفه بطريق العدل والإنصاف مِن غَيْرِ إطراء ولا إجحاف ومَن يُنكر السفر لزيارة المصطفى كيف تكون حاله؟! ومن أعجب الأشياء وقوفي له على رد على الحكم بحبسه يَتَكَلَّمُ فيه على لفظة في فتواه.

وهذا الرجل عجيب ، يَتَكَلَّمُ للعامة الذين يُفتيهم ، ويَعِظُهم ، بكلامٍ لا يفهمون منه -ولا غَيْرُهم مِن أكثر الناس- إلا معنى، فإذا حُوقِقَ عليه أَخَذَ يَتَأَوَّلُه، ويكون قد أَدْرَجَ في كلامه شيئًا ليبقى له طريقا إلى التأويل.

وهذا ليس بيانا وهدى، بل تلبيسا وإضلالا؛ فإنَّ العوام إِنَّما يفهمون من المفتي والواعظ ظاهر قولهم ، وما نُصب المفتي والواعظ والمعلم إلا للبيان، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم: "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ".

فمطلوبُ الشرع البيان والعلماء ورثة للأنبياء المطلوب منهم، وهذا الرجل بالضّد من هذا عند إحجامه عن ظاهر كلامه، ونُزُوعِهِ إلى تأويله. فإن كان هذا مرادَه مِن الأوَّل، فلِمَ أَطْلَقَ كلامَهُ وحَمَلَ الناس على ظاهره؟

وإنْ لَمْ يَكُن مرادَه مِن الأَوَّل، وإِنَّما جَنَّحَ إليه عند المحاققة، فما هكذا كان شأن العلماء!

فالسلامة من هذا الرجل تركه بالكلية، وترك كلامه مهما أمكن.

ومَن عُلِمَ منه الفتوى بشيء مما انفرد به يُؤَدَّب ، ويُؤْخَذ على يديه، لِيَسْلَمَ الناسُ منه.

والله تعالى يحفظ دينه، وينصر مُعِينَهُ، بِمَنْهِ وَكَرَمِه."

أقول: انظر إلى ما في هذا النقل من النفائس:

فأولها: حسن احتجاج السبكي بأغلوطة علماء العصر وقضاة الشرع، ولو عرض هذا الاحتجاج على من يلهج بذكر المتأخرين لبهت وما عرف جوابا إلا الإحالة على متأخر يعظم الشاهدين للسبكي بالإمامة والتجديد.

وقس عليه فعل المعارضين للسنن والآثار الثابتة في ذم الرأي المحدث وأهله بأفعال المتأخرين وأحكامهم، أفكان كل أعداء عبدالغني المقدسي وابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب على ضلال وهم القضاة والعلماء والمفتون؟!

وثانيها: الشهادة لشيخ الإسلام بأنه عالم أمة حريص على نفع المسلمين وهدايتهم المتفقه والعامي.

وثالثها وهو أظرفها: طعن السبكي على الشيخ بالتأويل المزعوم، والشيخ دقيق وكلامه يجمع النظير إلى نظيره فيفهم مراده بما لا يعلمه السبكي البليد، والعجيب أن ينكر السبكي التأويل من الشيخ لكلامه ويستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم يبين للناس ما نزل إليهم، ثم السبكي وأشياخه يذهبون إلى تأويل آلاف الأدلة في علو الرب على عرشه، وأمثلهم طريقة من يجعل هذه النصوص على جهة التخييل!

ورابعها: ضرورة ترك ما اشتبه عليه العلماء والفقهاء و"الأجلة" المتأخرون، -وقد عزلوا ابن تيمية وحبسوه- والتمسك بما عليه المذاهب الأربعة (اقرأها بلكنة أزهري متقعر) وما ورثه الطرقية عن مشايخهم!

وخامسها: تنبيه السبكي على سلامة قصده، وأنه يخاف من ضلال المسلمين؛ ولم يسب ابن تيمية هاهنا خلافا لما صور جهال أصحابنا، فالسبكي على التحقيق منصف يتحرى ما عليه جماهير علماء السنة من الأشعرية والماتردية في ردودهم على النابتة الحشوية المجسمة!

وسادسها: تنبيه السبكي على تعصب العوام للشيخ، فإن كان باطلا فهو تكذيب للسبكي وقد أعاد ذكر ذلك مرارا وتكرارا، وعامة المتكلمين بأهوائهم في مسألة الأشعرية يجعلون السبكي مثالا على المعذور بحسن قصده وسعة علمه، وإن كان حقا فليس ذلك طعنا على الشيخ إذ لا يتحمل وزر المتعصبين، فعلام يطعن على المشايخ بأتباعهم؟!

فما أنتم فاعلون يا عبيد المتأخرين؟!

.



tgoop.com/ibntaymiyyah728/5616
Create:
Last Update:

من نفائس السبكي في ترجمته لشيخ الإسلام

قال علي بن عبدالكافي السبكي في آخر ترجمته لشيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه (ص ٢٧ - ٣١):

"ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ، قلنا: راح إلى الله تعالى، وهو أعلم به، عسى أن لا نَذْكُرَه، "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ".

فَحَدَثَ من أتباعه قوم لا خَلَاقَ لهم ، جُهّال -قد ضَلُّوا به تقليدًا يُضِلُّون الناس بما كان يقولُه- من غير علم ويتسلطون على الناس به، فيؤذونهم.

وهذا لو لم يكن يعرفُ شيئًا من حاله إلّا أنّ قضاةً الشريعة حكموا بحبسه وحبسوه حتى مات، فينبغي لمن لا يَعرِفُ حاله اتباع حكم قضاة الشرع وما تَقَلَّدُوه من أمره، ومنعوه من الفتوى في حياته، فكيف يعمل بقوله بعد وفاته؟!

وله من الأتباع عَوَامَ يُعَلِّمُونَه تقليدًا ، ويُطْرُونَه. فإذا عارضهم عامي آخَرُ قد عَصَمَهُ اللهُ مِن مِثل حالهم -بما يعتقده فيه من الفقهاء السالمين- تَسَلَّطُوا عليه، وحملوه إلى من ينتقم منه؛ لاعتقاده أنه تَكَلَّمَ في عالم، وليس ما قاله فيه إلّا بعض ما قاله قضاة الشريعة فيه، وحكموا فيه لسببه.

وإن كان الشخص عارفًا فينظر في كتبه، وما شحنها به، نسأل الله العافية.

فالكلام فيه -بما فيه- نصيحة في الدين، يُثاب المرء عليها ، ويجب التحذيرُ منه ، ومن أتباعه كفا الله المسلمين شرهم.

وأرجو -إن شاء الله- أن لا يكون الحامل لي على كتابة هذه الأحرف إلا النصيحة؛ فإنّي خَشِيتُ الاغترار بأتباعه، وبعد العهد بمعرفته، فقلتُ بعض ما أعرفه بطريق العدل والإنصاف مِن غَيْرِ إطراء ولا إجحاف ومَن يُنكر السفر لزيارة المصطفى كيف تكون حاله؟! ومن أعجب الأشياء وقوفي له على رد على الحكم بحبسه يَتَكَلَّمُ فيه على لفظة في فتواه.

وهذا الرجل عجيب ، يَتَكَلَّمُ للعامة الذين يُفتيهم ، ويَعِظُهم ، بكلامٍ لا يفهمون منه -ولا غَيْرُهم مِن أكثر الناس- إلا معنى، فإذا حُوقِقَ عليه أَخَذَ يَتَأَوَّلُه، ويكون قد أَدْرَجَ في كلامه شيئًا ليبقى له طريقا إلى التأويل.

وهذا ليس بيانا وهدى، بل تلبيسا وإضلالا؛ فإنَّ العوام إِنَّما يفهمون من المفتي والواعظ ظاهر قولهم ، وما نُصب المفتي والواعظ والمعلم إلا للبيان، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم: "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ".

فمطلوبُ الشرع البيان والعلماء ورثة للأنبياء المطلوب منهم، وهذا الرجل بالضّد من هذا عند إحجامه عن ظاهر كلامه، ونُزُوعِهِ إلى تأويله. فإن كان هذا مرادَه مِن الأوَّل، فلِمَ أَطْلَقَ كلامَهُ وحَمَلَ الناس على ظاهره؟

وإنْ لَمْ يَكُن مرادَه مِن الأَوَّل، وإِنَّما جَنَّحَ إليه عند المحاققة، فما هكذا كان شأن العلماء!

فالسلامة من هذا الرجل تركه بالكلية، وترك كلامه مهما أمكن.

ومَن عُلِمَ منه الفتوى بشيء مما انفرد به يُؤَدَّب ، ويُؤْخَذ على يديه، لِيَسْلَمَ الناسُ منه.

والله تعالى يحفظ دينه، وينصر مُعِينَهُ، بِمَنْهِ وَكَرَمِه."

أقول: انظر إلى ما في هذا النقل من النفائس:

فأولها: حسن احتجاج السبكي بأغلوطة علماء العصر وقضاة الشرع، ولو عرض هذا الاحتجاج على من يلهج بذكر المتأخرين لبهت وما عرف جوابا إلا الإحالة على متأخر يعظم الشاهدين للسبكي بالإمامة والتجديد.

وقس عليه فعل المعارضين للسنن والآثار الثابتة في ذم الرأي المحدث وأهله بأفعال المتأخرين وأحكامهم، أفكان كل أعداء عبدالغني المقدسي وابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب على ضلال وهم القضاة والعلماء والمفتون؟!

وثانيها: الشهادة لشيخ الإسلام بأنه عالم أمة حريص على نفع المسلمين وهدايتهم المتفقه والعامي.

وثالثها وهو أظرفها: طعن السبكي على الشيخ بالتأويل المزعوم، والشيخ دقيق وكلامه يجمع النظير إلى نظيره فيفهم مراده بما لا يعلمه السبكي البليد، والعجيب أن ينكر السبكي التأويل من الشيخ لكلامه ويستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم يبين للناس ما نزل إليهم، ثم السبكي وأشياخه يذهبون إلى تأويل آلاف الأدلة في علو الرب على عرشه، وأمثلهم طريقة من يجعل هذه النصوص على جهة التخييل!

ورابعها: ضرورة ترك ما اشتبه عليه العلماء والفقهاء و"الأجلة" المتأخرون، -وقد عزلوا ابن تيمية وحبسوه- والتمسك بما عليه المذاهب الأربعة (اقرأها بلكنة أزهري متقعر) وما ورثه الطرقية عن مشايخهم!

وخامسها: تنبيه السبكي على سلامة قصده، وأنه يخاف من ضلال المسلمين؛ ولم يسب ابن تيمية هاهنا خلافا لما صور جهال أصحابنا، فالسبكي على التحقيق منصف يتحرى ما عليه جماهير علماء السنة من الأشعرية والماتردية في ردودهم على النابتة الحشوية المجسمة!

وسادسها: تنبيه السبكي على تعصب العوام للشيخ، فإن كان باطلا فهو تكذيب للسبكي وقد أعاد ذكر ذلك مرارا وتكرارا، وعامة المتكلمين بأهوائهم في مسألة الأشعرية يجعلون السبكي مثالا على المعذور بحسن قصده وسعة علمه، وإن كان حقا فليس ذلك طعنا على الشيخ إذ لا يتحمل وزر المتعصبين، فعلام يطعن على المشايخ بأتباعهم؟!

فما أنتم فاعلون يا عبيد المتأخرين؟!

.

BY الفقير إلى رب البريات


Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/5616

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

With the administration mulling over limiting access to doxxing groups, a prominent Telegram doxxing group apparently went on a "revenge spree." Image: Telegram. Those being doxxed include outgoing Chief Executive Carrie Lam Cheng Yuet-ngor, Chung and police assistant commissioner Joe Chan Tung, who heads police's cyber security and technology crime bureau. It’s yet another bloodbath on Satoshi Street. As of press time, Bitcoin (BTC) and the broader cryptocurrency market have corrected another 10 percent amid a massive sell-off. Ethereum (EHT) is down a staggering 15 percent moving close to $1,000, down more than 42 percent on the weekly chart. The Standard Channel
from us


Telegram الفقير إلى رب البريات
FROM American