IBNTAYMIYYAH728 Telegram 5656
لو قرئ قول الله عز وجل: "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"

لظن بعض حمقى المتسلفة أن في هذه الآية شبهة نفي الحكمة

وضيق العقل عن استيعاب موارد الكلام أعظم ما يبتلى به البليد إذا تكلف ما لا علم له به

فإن الاحتجاج على القدرية بعموم الخلق والمشيئة فيهم احتجاج صحيح لا محيد لهم عنه

ولذا تجد أول كلام ظهر للسلف في منازعة القدرية فيه التنبيه لهذا المعنى دون حذلقات المتكلفين

بل إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يثبتون هذا الأصل في نفس من استشكل مسألة القدر فإنه إذا تثبت عنده عموم مشيئة الله عز وجل وتصرفه في خلقه سهل بعدها إفهامه حكمة الله وأنه لا يفعل إلا لعلة فإنه لا يخالف في إثبات الحكمة سوى شراذم ممن اجتالته الشياطين عن فطرته وهو مضطر لإثباتها من حيث لا يشعر.

فروى الفريابي بإسناده عن ابن الديلمي أنه لقي سعد بن أبي وقاص، فقال له: إني شككت في بعض أمر القدر، فحدثني لعل الله عز وجل أن يجعل لي عندك فرجا، قال: نعم يا ابن أخي، أن الله عز وجل لو عذب أهل السماوات وأهل الأرض، عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم ولو أن لامرىء مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله عز وجل حتى ينفده، لم يؤمن بالقدر خيره وشره، ما يقبل منه،

ولا عليك أن تأتي عبد الله بن مسعود، فذهب عبد الله بن الديلمي إلى عبد الله بن مسعود، فقال له مثل مقالته لسعد، فقال له مثل ما قال له سعد، قال له ابن مسعود: ولا عليك أن تلقى أبي بن كعب فذهب ابن الديلمي إلى أبي بن كعب، فقال له مثل مقالته لابن مسعود، فقال له أبي مثل مقالة صاحبيه، فقال أبي: ولا عليك أن تلقى زيد بن ثابت،

فذهب ابن الديلمي إلى زيد بن ثابت، فقال له أما إني شككت في بعض القدر، فحدثني؛ لعل الله عز وجل أن يجعل لي عندك فيه فرجا

قال زيد: نعم يا ابن أخي، إني سمعت رسول الله ﷺ، يقول: «أن الله عز وجل لو عذب أهل السماء وأهل الأرض عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم، ولو أن لامرىء مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله عز وجل حتى ينفده، ولا يؤمن بالقدر خيره وشره دخل النار».

فانظر إلى اتفاق سادات الأولياء وقدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على جواب المستشكل عن القدر بتثبيت عموم تصرف الرب عز وجل في ملكه

ولو عرض جوابهم على بعض جهال زماننا لخرق ثيابه وقام ينوح وينعق زاعما أن في جواب النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته نفي الحكمة والتعليل وحاشاهم من ذلك!

فجاء العلماء بعد لما ظهرت بدعة الجبرية فقالوا:

"فهذا من بيان عدل الرب وإحسانه وتقصير الخلق عن واجب حقه؛ حتى الملائكة والأنبياء وغيرهم، وأنه لو عذبهم لم يكن ظالما لهم، فكيف بمن دونهم؟".

‏قال الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله: "جميع ما تلوته من هذه الآيات يدل العقلاء على أن الله عز وجل ختم على قلوب قوم، وطبع عليها، ولم يردها لعبادته وأرادها لمعصيته، فأعماها عن الحق فلم تبصره، وأصمها عن الحق فلم تسمعه، وأخزاها ولم يطهرها، يفعل بخلقه ما يريد لا يجوز لقائل أن يقول: لم فعل ذلك بهم؟ فمن قال ذلك، فقد عارض الله عز وجل في فعله، فضل عن طريق الحق". انتهى كلامه رحمه الله

وقال الإمام أبو عبدالله ابن بطة رحمه الله: "ولا ينبغي للمخلوقين أن يتفكروا فيه ولا يقولوا: لم فعل الله ذلك؟ ولا كيف صنع ذلك؟

وفرض على المؤمن أن يعلم أن ذلك عدل من فعل الله؛ لأن الخلق كله لله عز وجل والملك ملكه والعبيد عبيده يفعل بهم ما يشاء...."

وقال رئيس الحنابلة أبو الحسن البربهاري رحمه الله في شرح السنة:

"وإنما يظلم من يأخذ ما ليس له، والله له الخلق والأمر".

فجاء بعض سفهاء الأعاجم يستنكر كلمة البربهاري ويجعلها تأثرا وميلا للجبرية

وكذب والله سفيه القوم

قال الشيخ صالح الفوزان [شرح شرح السنة ط. الوطن ص١٧٦]:

"الظلم: هو أخذ حق الناس، وهل الناس لهم حق على الله؟

ليس لهم حق على الله، ولا أحد يوجب على الله شيئا، وإنما حق العباد على الله ألا يعذّب من لا يشرك به شيئا، هذا حق تفضل به سبحانه."

فانظر كيف جمع الشيخ كلمة البربهاري دون تحذلق بما يقرره أهل السنة قاطبة من أن الله عز وجل حرم الظلم على نفسه وهو مقدور له تعالى وتقدس عن العجز.

وبذلك تفهم وجه إيراد السلف والأئمة لكلمة إياس بن معاوية دون نكير فإن فيها الإشارة إلى أصل الأمر وسره

قال ابن أبي العز وأصله في الصواعق: "فإن قيل: فإذا لم يخلق ذلك في قلوبهم ولم يوفقوا له، ولا سبيل لهم إليه بأنفسهم، عاد السؤال؟ وكان منعهم منه ظلما، ولزمكم القول بأن العدل هو تصرف المالك في ملكه بما يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

قيل: لا يكون سبحانه بمنعهم من ذلك ظالما، وإنما يكون المانع ظالما إذا منع غيره حقا لذلك الغير عليه، وهذا هو الذي حرمه الرب على نفسه، وأوجب على نفسه خلافه. وأما إذا منع غيره ما ليس بحق له، بل هو محض فضله ومنته عليه - لم يكن ظالما بمنعه، فمنع الحق ظلم، ومنع الفضل والإحسان عدل."

===



tgoop.com/ibntaymiyyah728/5656
Create:
Last Update:

لو قرئ قول الله عز وجل: "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"

لظن بعض حمقى المتسلفة أن في هذه الآية شبهة نفي الحكمة

وضيق العقل عن استيعاب موارد الكلام أعظم ما يبتلى به البليد إذا تكلف ما لا علم له به

فإن الاحتجاج على القدرية بعموم الخلق والمشيئة فيهم احتجاج صحيح لا محيد لهم عنه

ولذا تجد أول كلام ظهر للسلف في منازعة القدرية فيه التنبيه لهذا المعنى دون حذلقات المتكلفين

بل إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يثبتون هذا الأصل في نفس من استشكل مسألة القدر فإنه إذا تثبت عنده عموم مشيئة الله عز وجل وتصرفه في خلقه سهل بعدها إفهامه حكمة الله وأنه لا يفعل إلا لعلة فإنه لا يخالف في إثبات الحكمة سوى شراذم ممن اجتالته الشياطين عن فطرته وهو مضطر لإثباتها من حيث لا يشعر.

فروى الفريابي بإسناده عن ابن الديلمي أنه لقي سعد بن أبي وقاص، فقال له: إني شككت في بعض أمر القدر، فحدثني لعل الله عز وجل أن يجعل لي عندك فرجا، قال: نعم يا ابن أخي، أن الله عز وجل لو عذب أهل السماوات وأهل الأرض، عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم ولو أن لامرىء مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله عز وجل حتى ينفده، لم يؤمن بالقدر خيره وشره، ما يقبل منه،

ولا عليك أن تأتي عبد الله بن مسعود، فذهب عبد الله بن الديلمي إلى عبد الله بن مسعود، فقال له مثل مقالته لسعد، فقال له مثل ما قال له سعد، قال له ابن مسعود: ولا عليك أن تلقى أبي بن كعب فذهب ابن الديلمي إلى أبي بن كعب، فقال له مثل مقالته لابن مسعود، فقال له أبي مثل مقالة صاحبيه، فقال أبي: ولا عليك أن تلقى زيد بن ثابت،

فذهب ابن الديلمي إلى زيد بن ثابت، فقال له أما إني شككت في بعض القدر، فحدثني؛ لعل الله عز وجل أن يجعل لي عندك فيه فرجا

قال زيد: نعم يا ابن أخي، إني سمعت رسول الله ﷺ، يقول: «أن الله عز وجل لو عذب أهل السماء وأهل الأرض عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم، ولو أن لامرىء مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله عز وجل حتى ينفده، ولا يؤمن بالقدر خيره وشره دخل النار».

فانظر إلى اتفاق سادات الأولياء وقدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على جواب المستشكل عن القدر بتثبيت عموم تصرف الرب عز وجل في ملكه

ولو عرض جوابهم على بعض جهال زماننا لخرق ثيابه وقام ينوح وينعق زاعما أن في جواب النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته نفي الحكمة والتعليل وحاشاهم من ذلك!

فجاء العلماء بعد لما ظهرت بدعة الجبرية فقالوا:

"فهذا من بيان عدل الرب وإحسانه وتقصير الخلق عن واجب حقه؛ حتى الملائكة والأنبياء وغيرهم، وأنه لو عذبهم لم يكن ظالما لهم، فكيف بمن دونهم؟".

‏قال الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله: "جميع ما تلوته من هذه الآيات يدل العقلاء على أن الله عز وجل ختم على قلوب قوم، وطبع عليها، ولم يردها لعبادته وأرادها لمعصيته، فأعماها عن الحق فلم تبصره، وأصمها عن الحق فلم تسمعه، وأخزاها ولم يطهرها، يفعل بخلقه ما يريد لا يجوز لقائل أن يقول: لم فعل ذلك بهم؟ فمن قال ذلك، فقد عارض الله عز وجل في فعله، فضل عن طريق الحق". انتهى كلامه رحمه الله

وقال الإمام أبو عبدالله ابن بطة رحمه الله: "ولا ينبغي للمخلوقين أن يتفكروا فيه ولا يقولوا: لم فعل الله ذلك؟ ولا كيف صنع ذلك؟

وفرض على المؤمن أن يعلم أن ذلك عدل من فعل الله؛ لأن الخلق كله لله عز وجل والملك ملكه والعبيد عبيده يفعل بهم ما يشاء...."

وقال رئيس الحنابلة أبو الحسن البربهاري رحمه الله في شرح السنة:

"وإنما يظلم من يأخذ ما ليس له، والله له الخلق والأمر".

فجاء بعض سفهاء الأعاجم يستنكر كلمة البربهاري ويجعلها تأثرا وميلا للجبرية

وكذب والله سفيه القوم

قال الشيخ صالح الفوزان [شرح شرح السنة ط. الوطن ص١٧٦]:

"الظلم: هو أخذ حق الناس، وهل الناس لهم حق على الله؟

ليس لهم حق على الله، ولا أحد يوجب على الله شيئا، وإنما حق العباد على الله ألا يعذّب من لا يشرك به شيئا، هذا حق تفضل به سبحانه."

فانظر كيف جمع الشيخ كلمة البربهاري دون تحذلق بما يقرره أهل السنة قاطبة من أن الله عز وجل حرم الظلم على نفسه وهو مقدور له تعالى وتقدس عن العجز.

وبذلك تفهم وجه إيراد السلف والأئمة لكلمة إياس بن معاوية دون نكير فإن فيها الإشارة إلى أصل الأمر وسره

قال ابن أبي العز وأصله في الصواعق: "فإن قيل: فإذا لم يخلق ذلك في قلوبهم ولم يوفقوا له، ولا سبيل لهم إليه بأنفسهم، عاد السؤال؟ وكان منعهم منه ظلما، ولزمكم القول بأن العدل هو تصرف المالك في ملكه بما يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

قيل: لا يكون سبحانه بمنعهم من ذلك ظالما، وإنما يكون المانع ظالما إذا منع غيره حقا لذلك الغير عليه، وهذا هو الذي حرمه الرب على نفسه، وأوجب على نفسه خلافه. وأما إذا منع غيره ما ليس بحق له، بل هو محض فضله ومنته عليه - لم يكن ظالما بمنعه، فمنع الحق ظلم، ومنع الفضل والإحسان عدل."

===

BY الفقير إلى رب البريات


Share with your friend now:
tgoop.com/ibntaymiyyah728/5656

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

While the character limit is 255, try to fit into 200 characters. This way, users will be able to take in your text fast and efficiently. Reveal the essence of your channel and provide contact information. For example, you can add a bot name, link to your pricing plans, etc. As five out of seven counts were serious, Hui sentenced Ng to six years and six months in jail. Done! Now you’re the proud owner of a Telegram channel. The next step is to set up and customize your channel. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? In the next window, choose the type of your channel. If you want your channel to be public, you need to develop a link for it. In the screenshot below, it’s ”/catmarketing.” If your selected link is unavailable, you’ll need to suggest another option.
from us


Telegram الفقير إلى رب البريات
FROM American