ISLAMHIS1 Telegram 20227
الدولة الإسلامية: الإسلام لم يعرف الدولة الدينية (6)
مصطفى إنشاصي
في الحقيقة أن الإسلام لم يعرف الدولة الدينية في تاريخه كله وتلك الدولة هي من ابتكار المستشرقين الغربيين والمتغربين وتلامذتهم من أبناء الأمة الذين هُزموا أمام الثقافة والحضارة الغربية. إن الدولة الدينية التي يتحدث عنها العلمانيين ويتخوفون منها ويخوفون الشعب منها، سواء خوفاً حقيقياً لجهلهم بالإسلام وخصائص الدولة الإسلامية أو تشويها وعداءاً للإسلام، إنما هي نتاج الأزمة الانقلابية منهم على دينهم وتاريخهم الإسلامي الذي لم يكن فيه دولة دينية، وموقفهم ذاك عملية إسقاطية غير علمية ولا موضوعية لتجربة الغرب مع الدين والكنيسة على ديننا تأتي خارج السياق التاريخي الإسلامي، لأن الإسلام لم يعرف الدول الدينية التي تؤله الأشخاص، وأن الله تعالى انتقد نموذج دولة الكنيسة في العصور الوسطى الأوروبية، فقال تعالى: "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (التوبة: 31).
ولم تكن ربوبيتهم إلا أنهم شرعوا لهم من دون الله فرضوا به، قال عدي بن حاتم: أتيت رسولَ الله صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفي عُنُقي صليبٌ من ذهب, فقال: يا عديّ، اطرح هذا الوثنَ من عنقك! قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في " سورة براءة" فقرأ هذه الآية: "اتخذوا أحبارهم ورُهبانهم أربابًا من دون الله"، قال قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم .

لا عصمة لبشر في الإسلام
في الإسلام لا عصمة لا لنبي ولا رسول ولا أي إنسان مهما علت منزلته ومكانته عند الله تعالى، ورسولنا الكريم صلَ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نفسه الذي قال له الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ". (المائدة: 67) لم يكن معصوماً إلا من الخطأ في تبليغ الرسالة والأحكام التشريعية ومن القتل على يد أحد من البشر فقط، وباقي الأمور مثله مثل بقية البشر.
روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة وأنس بن مالك رضي الله عنهما أن رسول الله صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: إذا كان شيءٌ من أمرِ دنياكم فأنتم أعلمُ به، وإذا كان شيءٌ من أمرِ دينِكم فإليَّ ْ.
وروى أنس بن مالك، أنَّ النبيَّ صَلَّ اللَّهُ عليه وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ مَرَّ بقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقالَ: لو لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بهِمْ فَقالَ: ما لِنَخْلِكُمْ؟ قالوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ.

ولأنه صَلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يكن معصوماً إلا من الخطأ في تبليغ الرسالة والأحكام التشريعية ومن القتل على يد أحد من البشر فقط، وما دون ذلك فإنه مثل جميع البشر في صفاته البشرية، يُصيب ويخطئ، ويرضى ويغضب، ويسعد ويحزن … فإن الله تعالى لم يتوانَ عن مراجعته في أخطاءه الشخصية التي يتشارك فيها مع غيره من البشر مثل عتابه الشديد له:

في قصة عبد الله بن أم مكتوم، قال تعالى: "عَبَسَ وَتَوَلَّى. أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى. أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى. وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى. وَهُوَ يَخْشَى. فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى". (عبس: 1-10).

وفي قصة مولاه زيد بن حارثة وزوجه زينب بنت جحش قال تعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِىٓ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُ ". (الأحزاب: 37).

وفي حكم أسرى غزوة بدر وموافقة رأي عمر بن الخطاب عندما رأى قتل أسرى بدر وعدم أخذ الفدية منهم، فوافق رأي عمر حكم الله تعالى فنزل قوله تعالى: "مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ". (الأنفال: 67).

وليس ذلك الرأي فقط الذي رآه عمر واجتهد فيه وجاء موافقاً لِما أنزل الله تعالى ولكن هناك اجتهادات أخرى وافق فيها رأي عمر القرآن الكريم: قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ



tgoop.com/islamhis1/20227
Create:
Last Update:

الدولة الإسلامية: الإسلام لم يعرف الدولة الدينية (6)
مصطفى إنشاصي
في الحقيقة أن الإسلام لم يعرف الدولة الدينية في تاريخه كله وتلك الدولة هي من ابتكار المستشرقين الغربيين والمتغربين وتلامذتهم من أبناء الأمة الذين هُزموا أمام الثقافة والحضارة الغربية. إن الدولة الدينية التي يتحدث عنها العلمانيين ويتخوفون منها ويخوفون الشعب منها، سواء خوفاً حقيقياً لجهلهم بالإسلام وخصائص الدولة الإسلامية أو تشويها وعداءاً للإسلام، إنما هي نتاج الأزمة الانقلابية منهم على دينهم وتاريخهم الإسلامي الذي لم يكن فيه دولة دينية، وموقفهم ذاك عملية إسقاطية غير علمية ولا موضوعية لتجربة الغرب مع الدين والكنيسة على ديننا تأتي خارج السياق التاريخي الإسلامي، لأن الإسلام لم يعرف الدول الدينية التي تؤله الأشخاص، وأن الله تعالى انتقد نموذج دولة الكنيسة في العصور الوسطى الأوروبية، فقال تعالى: "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (التوبة: 31).
ولم تكن ربوبيتهم إلا أنهم شرعوا لهم من دون الله فرضوا به، قال عدي بن حاتم: أتيت رسولَ الله صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفي عُنُقي صليبٌ من ذهب, فقال: يا عديّ، اطرح هذا الوثنَ من عنقك! قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في " سورة براءة" فقرأ هذه الآية: "اتخذوا أحبارهم ورُهبانهم أربابًا من دون الله"، قال قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم .

لا عصمة لبشر في الإسلام
في الإسلام لا عصمة لا لنبي ولا رسول ولا أي إنسان مهما علت منزلته ومكانته عند الله تعالى، ورسولنا الكريم صلَ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نفسه الذي قال له الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ". (المائدة: 67) لم يكن معصوماً إلا من الخطأ في تبليغ الرسالة والأحكام التشريعية ومن القتل على يد أحد من البشر فقط، وباقي الأمور مثله مثل بقية البشر.
روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة وأنس بن مالك رضي الله عنهما أن رسول الله صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: إذا كان شيءٌ من أمرِ دنياكم فأنتم أعلمُ به، وإذا كان شيءٌ من أمرِ دينِكم فإليَّ ْ.
وروى أنس بن مالك، أنَّ النبيَّ صَلَّ اللَّهُ عليه وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ مَرَّ بقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقالَ: لو لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بهِمْ فَقالَ: ما لِنَخْلِكُمْ؟ قالوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ.

ولأنه صَلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يكن معصوماً إلا من الخطأ في تبليغ الرسالة والأحكام التشريعية ومن القتل على يد أحد من البشر فقط، وما دون ذلك فإنه مثل جميع البشر في صفاته البشرية، يُصيب ويخطئ، ويرضى ويغضب، ويسعد ويحزن … فإن الله تعالى لم يتوانَ عن مراجعته في أخطاءه الشخصية التي يتشارك فيها مع غيره من البشر مثل عتابه الشديد له:

في قصة عبد الله بن أم مكتوم، قال تعالى: "عَبَسَ وَتَوَلَّى. أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى. أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى. فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى. وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى. وَهُوَ يَخْشَى. فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى". (عبس: 1-10).

وفي قصة مولاه زيد بن حارثة وزوجه زينب بنت جحش قال تعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِىٓ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُ ". (الأحزاب: 37).

وفي حكم أسرى غزوة بدر وموافقة رأي عمر بن الخطاب عندما رأى قتل أسرى بدر وعدم أخذ الفدية منهم، فوافق رأي عمر حكم الله تعالى فنزل قوله تعالى: "مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ". (الأنفال: 67).

وليس ذلك الرأي فقط الذي رآه عمر واجتهد فيه وجاء موافقاً لِما أنزل الله تعالى ولكن هناك اجتهادات أخرى وافق فيها رأي عمر القرآن الكريم: قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ

BY التاريخ الذي لم ندرسه في مدارسنا


Share with your friend now:
tgoop.com/islamhis1/20227

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

The group’s featured image is of a Pepe frog yelling, often referred to as the “REEEEEEE” meme. Pepe the Frog was created back in 2005 by Matt Furie and has since become an internet symbol for meme culture and “degen” culture. 4How to customize a Telegram channel? You can invite up to 200 people from your contacts to join your channel as the next step. Select the users you want to add and click “Invite.” You can skip this step altogether. Click “Save” ; It’s easy to create a Telegram channel via desktop app or mobile app (for Android and iOS):
from us


Telegram التاريخ الذي لم ندرسه في مدارسنا
FROM American