tgoop.com/kazal10/13669
Last Update:
ذات الله؟!!.
أذلّتهم المعصية، وجعلتهم ينتظرون قرار الشيطان فيهم، وقام الشيطان يقطع ذهولهم ويقول: لن أفتك بكم، ولكن سأشارككم في حصنكم!، فكادوا يرقصون طريبًا من الفرح، لكنه قطع عليهم فرحهم قائلاً: إن شركتي ليست على التحديد، ولكن على الشيوع، بمعنى أني لن أجعل جزءًا من الحصن لي وجزءًا لكم، ولكن نتشارك في كل جزءٍ فيه مناصفةً، فلي في كل بيت وسيارة ومتاع النصف، ولكم كذلك، أما الأفراد الذين ما زالوا يحرسون ثغورهم فلن أخوض حربًا معهم؛ لأنهم على استعداد بالقتال بحيث لا أصل إلى واحدٍ منهم إلا إذا قتل منا نفرًا، فهؤلاء لا سلطان لي عليهم إلا من المناوشات الخفيفة!.
ولم يملك القوم إلا الموافقة على هذه الشركة المجحفة، لكنها أهون في نظرهم من الطرد التام، وبدأت معالم هذه الشركة تظهر في الأموال والأولاد وعموم التصرفات.
فالمال مثلاً نصفه ينفق في رضا الرحمن، ونصفه في سبيل الشيطان، وقد يأتي من حلال، وهذا حقُّ الرحمن، لكنه ينفق في حرام، وهذا نصيب الشيطان.
الولد مسلم على دين الرحمن، لكن تربيته على مبادئ الشيطان، فالذي ينظر في هويته يقول: إنه مسلم، والذي ينظر في أفعاله يقول: إنه شيطان!.
تجد الواحد فيهم يصلي امتثالاً لأمر الرحمن، لكن لا يجعل
صلاته في المسجد تماشيًا مع رغبة الشيطان.
والذي يصلي في المسجد اتباعًا لحق الرحمن تجده لا يخشع في صلاته، أو لا يستفيد منها في ميدان حياته؛ فتجده يماطل في المعاملات المالية، أو يعق والديه، أو يظلم زوجته وأولاده، أو يشرب الدخان، أو يقطع الأرحام، أو يحضر المسلسلات والأفلام، وينظر إلى الحرام، وربما صافح النساء، وحادث الفتيات، وكان من ينتهك محارم اللّٰه في الخلوات.
وبالجملة؛ فإنه يجتهد في إنجاز حقوق اللّٰه من الصلاة وطلب العلم والجهاد وغير ذلك من العبادات، لكنه يلتزم بالعقود التي أبرمها مع الشيطان، بحيث من ينظر إلى صفاته في الجانب الأول يشهد له بالخيرية والفضل، ومن ينظر إلى خصاله في الجانب الآخر يعتقد أنه من شرار الخلق، اجتمعت شخصيتان متقابلتان متعاكستان في جثةٍ واحدة!.
والآن بعد أن اطلعت على طرفٍ من السياسة الشيطانية في غواية الناس ناشدتك الله؛ هل هناك مكر صادر عن مخلوق أعظم من هذا المكر؟! هل هناك استدراج أنكد من هذا الاستدراج؟! هل هناك ازدواجية أشأم من هذه الازدواجية التي تفرزها هذه السياسة؟!.
وبعد، فإنَّ مجملَ هذا المشهد التمثيلي ما هو إلا محاولةُ تقريبٍ ميسر للإجمال الوارد في أيات الإسراء:
{ وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَیۡهِم بِخَیۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا یَعِدُهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ إِلَّا غُرُورًا ،إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنࣱۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِیلࣰا }
[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: ٦٤-٦٥].
بالله عليك أعد تلاوة الآيتين مستحضرًا المشهد العسكري الفائت، ومتأملاً روعة التعبير وعظمة التصوير!.
إنَّ الآية الأولى تقول: استفز الشيطان العباد الصالحين من أماكنهم بصوت الشهوات والغناء ، واستدرجهم به من حصنهم إلى العراء، حتى إذا صاروا ببعدٍ عنه وعن اسلحتهم اجلب عليهم بقواته الراكبة والراجلة، وأخذ يملي عليهم شروط عقد الشركة معهم، ويعدهم بأن لهم النصرة على من أرادهم بسوء وشر.
ولعل أشد الوعود هو إغراء الوعد بالعفو والمغفرة بعد الذنب والخطيئة، وهي الثغرة التي يدخل منها الشيطان على كثير من القلوب التي يعز عليه غزوها من ناحية المجاهرة بالمعصية والمكابرة، فيتلطف حينئذ إلى تلك النفوس المتحرجة، ويزين لها الخطيئة وهو يلوح لها بسعة الرحمة الإلهية، وشمول العفو والمغفرة؛ لئلا تتحسس من الذنب والمعصية، ومن أدلة ذلك قول إخوة يوسف: { ٱقۡتُلُوا۟ یُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضࣰا یَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِیكُمۡ وَتَكُونُوا۟ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمࣰا صَـٰلِحِینَ }
[سُورَةُ يُوسُفَ: ٩]، ومنها قوله تعالى عن بني إسرائيل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا ٱلْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا ٱلْأَدَنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُلَنَا [الأعراف: ١٦٩].
لكن فئة من الناس لم يكن للشيطان فيهم نصيب، ولا له عليهم سلطان، وهم الذين تناولتهم الآية الثانية، أولئك الذين حفظوا أمر اللّٰه في أنفسهم فحفظهم اللّٰه يوم اللقاء، مكرُ اللّٰه لهم أعظمُ من مكر الشيطان وحزبه بهم، أولئك ذخائر اللّٰه الذين تحدث عنهم الرافعي فقال وأحسن القول: إن عباد اللّٰه الصَّالحين في تاريخ الشياطين كأسماء المواقع التي تنهزم فيها جيوش المقاتلين.
[فصل سياسة الشيطان في غواية الانسان من كتاب تحصيل المرام في علاج مشكلة الشهوات والنظر إلى الحرام للشيخ محمد بن محمد الأسطل ص ٢٠-٢٥]
BY كُن ذا أثَر • 🦋
Share with your friend now:
tgoop.com/kazal10/13669