KRONFOL0 Telegram 1446
نشيد الجحيم

انطفأَ النهارُ على الارض الاخرى،
حيث آملُ طُرقًا ونهاراتٍ اكثرَ قصرًا.
هناك تنطرح العتماتُ بنفسجيةً.
لم أكن هناك.. كنتُ أعبر الممرَّ الليليَّ السفليّ
منزلقًا على حافةِ الصخر الناتيء الزلق.
هو الجحيمُ نفسه ينفتح في عينيّ الفارغتين.
على الارض كنت ملقىً في حفل ساطع
وفي رقصة الاقنعة والمشاهد الوحشية
لم اكن اتذكر الحب أو أجد الصداقة.
أين هو رفيقي؟ أين انت يا بياتريشه؟
وحيدًا أتقدم، وقد أضعتُ الطريقَ القويم،
في الدوائر السفلية.. كما تشاء التقاليد،
لأغرق في الرعب والظلمة.
المجرى يحمل جثثَ النسوة والصحاب،
هنا أو هناك يتلامع ثدي أو نظرة متوسّلة،
ونادرًا ما تنبعثُ من شفةً ما
استغاثةُ رحمةٍ أو نداءٌ رخيم: هنا تموت الكلمات
ويُضيّقُ على الرأسِ، دونما معنى،
بطوقِ الألمِ الحديدي المثلّم.
وأنت، من تغنى قديمًا برقةٍ،
اجدني منبوذًا، فاقدًا أيما حق.
الخطى كلها ساعيةٌ الى هاويةٍ لا أملَ في عودةٍ منها
وأنا في اثرهم. وفي الشقوق الصخرية
فوقَ رغوةِ المجرى الناصعة
هي ذي صالة لا نهايةَ لها تمتدّ أمامي:
فأرى ورودًا عبقة وأشراك صبار،
أرى ظلمةً في اعماق المرايا
وبصيصًا باهتًا آتيًا من صبيحاتٍ نائية
ينطرحُ ذهبيًا خافتًا على وثنٍ متهاوٍ،
وانفاسنا تختنقُ متضايقةً.
ان هذه الصالة لتذكرني بعالمنا المرعب
حيث كنتُ أتسكّعُ أعمى كما في خرافةٍ وحشية
حيث ادركتني آخر مأدبة تقام.
هناك أُلقيتْ الاقنعةُ منكشفةً
هناك.. أغرى الزوجة فاسقٌ هرم
فباغتهما ضوءٌ وقحٌ.. في عناقٍ شنيع.
غير أن قبلة الصباح الباردة
ألقت بحمرتها على اطار النافذة
وأضحى الهدوء ورديًا غريبًا.
في مثل هذه الساعة يحلُّ رقادنا في المواطن الرغيد،
وهنا، ليس غير، يبدو خداعنا الارضي عاجزًا
فأتطلع، وقد اقلقتني الهواجس،
في اعماق المرايا عبر الضبابِ الصباحي.
ومن أنسجةِ العنكبوت القاتمة
يخرج فتى في اتجاهي. ان قامته مشدودة
وفي عروة بدلته السوداء
تتراءى وردة ذابلة
اكثر شحوبًا من شفةٍ على وجهِ ميت،
وعلى اصبعه.. علامةٌ القران الخفيّ:
تلتمع حجرًا كريمًا مدّببًا.
فاتطلع في قلقٍ غامض
الى تقاطيعِ وجههِ الذاوي
واتساءلُ مختنقَ النبرةِ:
(بأيةِ جريرةٍ اراك تعاني
شريدًا في دوائرَ لا عودةَ منها؟)
فتضطرب قسماته الدقيقة
وفمه المحترق يبتلع الهواء في شراهة
ويجيئني صوته في اعماق فراغ:
(الا اعرف.. انني مقضيٌّ عليّ بعذاب لا رحمةَ فيه
لقاءَ تهالكي تحت نيرِ الرغبةِ القاتمة
في عالمنا الارضي المرير.
كنتُ أشبهَ بالصبية الساقطة المهانة
أبحثُ عن النسيان في فرحةِ الخمر
مع الظلمة الهابطة على مدينتنا كل يوم،
حاملًا بدني الموشومَ بالشؤم
وقد اوهنني النغمُ المائج المخبول..
ثم دقت ساعة القصاص اخيرًا.
من اغوار حلم بديعٍ لا نظير له
خطرتْ لي باهرةً، وضيئةً:
قلت هي ذي الزوجة الفاتنة!
هكذا ادركتُ الغبطةَ الاولى
وقد التقيتُها، هي الفريدة المستهينة بتملقِ الرجال
في ضبابِ نشوقٍ عابرة
في رنينِ القدحِ الليليّ الواهي.
فأغرقتُ نفسي في حدقتي عينيها
واطلقت، لاول مرة، صيحة متأججة.
هكذا حلّت هذه اللحظةُ سريعًا، دون توقّع،
وكانت الظلمةُ حالكةً، والمساءُ طويلًا ضبابيًا
ولاحت، غريبة، في السماء النيازك.
كان حجر الخاتم هذا ملطخًا بالدماء،
فارتشفتُ الدم من اكتافها الأرجة
وكانت رشفتي خانقةً في مثل طعم القار.
انما لا تعلن هذه الروايةَ الغريبة
عن حلم غامض طويل..
من اغوار الليالي وضباب الهاوية
تعالي الينا أنين الاقبية
وارتفعت، صافرةً فوقنا، ألسنةُ النار
لتحرقَ ازمنةً عابثةً لم يكتمل مسارُها.
وها نحن قد دفعَ بنا اعصارٌ ما الى العالم السفلي
متراصّين باغلالٍ لا انتهاء لطولها.
تلك هي.. مكبلة ابدًا باطيافها الموحشة
وقد قُضيَ عليها أن تعانيَ الألمَ وتتذكّر المأدبةَ
كلما انحنى الخفّاشُ الهائلُ، متلهفًا مع الليلِ،
على اكتافها الملساءِ، الشبيهةِ بالأطلس.
غير أن قدري.. اتراني احسبه مريعًا؟
مع مقدم الفجر المريض البارد
وهو يملأ الجحيمَ باشعتهِ اللامباليةِ
أتسكّعُ من صالةٍ الى صالةٍ، لأُنفّذَ الأمرَ،
طريدَ هذه الرغبةِ الكئيبةِ الازليةِ..
فلتتذكرْ يا شاعري وتُشفقْ:
كلَّ فجرٍ، حيث تغفو في غرفتها المظلمةِ البعيدةِ
متنفّسةً بقوةٍ وحرارةٍ،
عليَّ أن انحنيَ عليها، والهًا آسفًا،
وأغزرَ خاتمي المدبّبَ في كتفها الناصع.)

-الكساندر بلوك
-ترجمة حسب الشيخ جعفر
.



tgoop.com/kronfol0/1446
Create:
Last Update:

نشيد الجحيم

انطفأَ النهارُ على الارض الاخرى،
حيث آملُ طُرقًا ونهاراتٍ اكثرَ قصرًا.
هناك تنطرح العتماتُ بنفسجيةً.
لم أكن هناك.. كنتُ أعبر الممرَّ الليليَّ السفليّ
منزلقًا على حافةِ الصخر الناتيء الزلق.
هو الجحيمُ نفسه ينفتح في عينيّ الفارغتين.
على الارض كنت ملقىً في حفل ساطع
وفي رقصة الاقنعة والمشاهد الوحشية
لم اكن اتذكر الحب أو أجد الصداقة.
أين هو رفيقي؟ أين انت يا بياتريشه؟
وحيدًا أتقدم، وقد أضعتُ الطريقَ القويم،
في الدوائر السفلية.. كما تشاء التقاليد،
لأغرق في الرعب والظلمة.
المجرى يحمل جثثَ النسوة والصحاب،
هنا أو هناك يتلامع ثدي أو نظرة متوسّلة،
ونادرًا ما تنبعثُ من شفةً ما
استغاثةُ رحمةٍ أو نداءٌ رخيم: هنا تموت الكلمات
ويُضيّقُ على الرأسِ، دونما معنى،
بطوقِ الألمِ الحديدي المثلّم.
وأنت، من تغنى قديمًا برقةٍ،
اجدني منبوذًا، فاقدًا أيما حق.
الخطى كلها ساعيةٌ الى هاويةٍ لا أملَ في عودةٍ منها
وأنا في اثرهم. وفي الشقوق الصخرية
فوقَ رغوةِ المجرى الناصعة
هي ذي صالة لا نهايةَ لها تمتدّ أمامي:
فأرى ورودًا عبقة وأشراك صبار،
أرى ظلمةً في اعماق المرايا
وبصيصًا باهتًا آتيًا من صبيحاتٍ نائية
ينطرحُ ذهبيًا خافتًا على وثنٍ متهاوٍ،
وانفاسنا تختنقُ متضايقةً.
ان هذه الصالة لتذكرني بعالمنا المرعب
حيث كنتُ أتسكّعُ أعمى كما في خرافةٍ وحشية
حيث ادركتني آخر مأدبة تقام.
هناك أُلقيتْ الاقنعةُ منكشفةً
هناك.. أغرى الزوجة فاسقٌ هرم
فباغتهما ضوءٌ وقحٌ.. في عناقٍ شنيع.
غير أن قبلة الصباح الباردة
ألقت بحمرتها على اطار النافذة
وأضحى الهدوء ورديًا غريبًا.
في مثل هذه الساعة يحلُّ رقادنا في المواطن الرغيد،
وهنا، ليس غير، يبدو خداعنا الارضي عاجزًا
فأتطلع، وقد اقلقتني الهواجس،
في اعماق المرايا عبر الضبابِ الصباحي.
ومن أنسجةِ العنكبوت القاتمة
يخرج فتى في اتجاهي. ان قامته مشدودة
وفي عروة بدلته السوداء
تتراءى وردة ذابلة
اكثر شحوبًا من شفةٍ على وجهِ ميت،
وعلى اصبعه.. علامةٌ القران الخفيّ:
تلتمع حجرًا كريمًا مدّببًا.
فاتطلع في قلقٍ غامض
الى تقاطيعِ وجههِ الذاوي
واتساءلُ مختنقَ النبرةِ:
(بأيةِ جريرةٍ اراك تعاني
شريدًا في دوائرَ لا عودةَ منها؟)
فتضطرب قسماته الدقيقة
وفمه المحترق يبتلع الهواء في شراهة
ويجيئني صوته في اعماق فراغ:
(الا اعرف.. انني مقضيٌّ عليّ بعذاب لا رحمةَ فيه
لقاءَ تهالكي تحت نيرِ الرغبةِ القاتمة
في عالمنا الارضي المرير.
كنتُ أشبهَ بالصبية الساقطة المهانة
أبحثُ عن النسيان في فرحةِ الخمر
مع الظلمة الهابطة على مدينتنا كل يوم،
حاملًا بدني الموشومَ بالشؤم
وقد اوهنني النغمُ المائج المخبول..
ثم دقت ساعة القصاص اخيرًا.
من اغوار حلم بديعٍ لا نظير له
خطرتْ لي باهرةً، وضيئةً:
قلت هي ذي الزوجة الفاتنة!
هكذا ادركتُ الغبطةَ الاولى
وقد التقيتُها، هي الفريدة المستهينة بتملقِ الرجال
في ضبابِ نشوقٍ عابرة
في رنينِ القدحِ الليليّ الواهي.
فأغرقتُ نفسي في حدقتي عينيها
واطلقت، لاول مرة، صيحة متأججة.
هكذا حلّت هذه اللحظةُ سريعًا، دون توقّع،
وكانت الظلمةُ حالكةً، والمساءُ طويلًا ضبابيًا
ولاحت، غريبة، في السماء النيازك.
كان حجر الخاتم هذا ملطخًا بالدماء،
فارتشفتُ الدم من اكتافها الأرجة
وكانت رشفتي خانقةً في مثل طعم القار.
انما لا تعلن هذه الروايةَ الغريبة
عن حلم غامض طويل..
من اغوار الليالي وضباب الهاوية
تعالي الينا أنين الاقبية
وارتفعت، صافرةً فوقنا، ألسنةُ النار
لتحرقَ ازمنةً عابثةً لم يكتمل مسارُها.
وها نحن قد دفعَ بنا اعصارٌ ما الى العالم السفلي
متراصّين باغلالٍ لا انتهاء لطولها.
تلك هي.. مكبلة ابدًا باطيافها الموحشة
وقد قُضيَ عليها أن تعانيَ الألمَ وتتذكّر المأدبةَ
كلما انحنى الخفّاشُ الهائلُ، متلهفًا مع الليلِ،
على اكتافها الملساءِ، الشبيهةِ بالأطلس.
غير أن قدري.. اتراني احسبه مريعًا؟
مع مقدم الفجر المريض البارد
وهو يملأ الجحيمَ باشعتهِ اللامباليةِ
أتسكّعُ من صالةٍ الى صالةٍ، لأُنفّذَ الأمرَ،
طريدَ هذه الرغبةِ الكئيبةِ الازليةِ..
فلتتذكرْ يا شاعري وتُشفقْ:
كلَّ فجرٍ، حيث تغفو في غرفتها المظلمةِ البعيدةِ
متنفّسةً بقوةٍ وحرارةٍ،
عليَّ أن انحنيَ عليها، والهًا آسفًا،
وأغزرَ خاتمي المدبّبَ في كتفها الناصع.)

-الكساندر بلوك
-ترجمة حسب الشيخ جعفر
.

BY قرنفل | kronfol


Share with your friend now:
tgoop.com/kronfol0/1446

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Avoid compound hashtags that consist of several words. If you have a hashtag like #marketingnewsinusa, split it into smaller hashtags: “#marketing, #news, #usa. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? The administrator of a telegram group, "Suck Channel," was sentenced to six years and six months in prison for seven counts of incitement yesterday. So far, more than a dozen different members have contributed to the group, posting voice notes of themselves screaming, yelling, groaning, and wailing in various pitches and rhythms. Each account can create up to 10 public channels
from us


Telegram قرنفل | kronfol
FROM American