LNMCIL1 Telegram 1962
هل تبرج الزوجة نشوز يُبيح عقوبتها؟

هنا مسألة قلَّما تُطرق في كتب الفقهاء الأوائل بهذه الصيغة، وهي مسألة وجود امرأة متبرجة (يعني تتزين للخروج أمام الأجانب كما تتزين أمام زوجها والمحارم)، وسبب ندرة الكلام في هذا أنه ما كان حاضراً قديماً كحضوره اليوم.

ما يصنع الرجل مع هذه المرأة؟ وهل فعلها هذا يعدُّ نشوزاً يُبيح عقوبتها وإسقاط نفقتها إن بقيت على ذمته، أم ليس له سوى النصح والدعاء كما يقول البعض؟

وقبل الدخول في هذا ينبَّه أن على المتعيِّن عليه مفارقتها والارتباط بامرأة صيِّنة، فقد قال إبراهيم لابنه إسماعيل: «غيِّر عتبةَ بابك» أي طلِّق امرأتك، في أقل من هذا، غير أن البحث فيمن تمسَّك بالمرأة أو كان في مفارقته لها مشقة شديدة ويريد ما دون الطلاق.

أشبه شيء بمسألتنا ما ورد في عدد من كتب الحنفية كما في «المحيط البرهاني»: "ولو كشفت وجهها لغير محرم فقد قيل: هذه جناية، وقد قيل: هذه ليست بجناية، والتكلم ورفع الصوت مع غير المحرم جناية بلا خلاف".

قولهم: "جناية" يعني أمر يُبيح العقوبة.

وجاء في «الدر المختار»: "شتمته ولو بنحو يا حمار، أو ادعت عليه، أو مزقت ثيابه، أو كلمته ليسمعها أجنبي، أو كشفت وجهها لغير محرم".

والتبرج أشد من مجرد كشف الوجه، وهل هذا من مفاريد الحنفية أهل الرأي؟

الجواب: إنه تفريع على أمر متفق عليه بين الفقهاء من كل المذاهب.

جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: "يسقط حق الزوجة في القسم بإسقاطها ويسقط بالنشوز كما تسقط به النفقة.. وذلك باتفاق الفقهاء، ومن النشوز أن تخرج بغير إذنه أو تمنعه من التمتع بها".

يقصدون أن الرجل إن كان معدداً فلا بد أن يقسم بين زوجاته بالعدل، فإن كانت إحداهن ناشزاً سقط قسمها، ومن صور النشوز المتفق عليها: خروجها بغير إذنه، وما الفرق بين خروجها بغير إذنه وخروجها على هيئة لا يرضاها من التبرج، بل قد تخرج المرأة بغير إذن الزوج ولا يكون في خروجها ريبة، بل قد تفعل خيراً أو تصل الرحم، ولكن خروجها متبرجة فيه إثم متحقق، فهو أولى بالذكر، ومن فقه مقاتل أنه فسر قوله تعالى: {ولا تبرجن} بقوله: "الأمر بالعفة ولزوم البيت" فإن التبرج إنما يكون مع كثرة الخروج من البيت فنُهي عن كثرته لئلَّا يقع التبرج، فعُلِم أن التبرج أشد من مجرد الخروج.

قال ابن تيمية كما في «الفتاوى الكبرى» [3/153]: "وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله مستحقة العقوبة".

ولا أعلم فقيهاً يخالف في هذا المعنى.

والناشز نفقتها ساقطة في قول عامة العلماء.

وأما التعزير المذكور في كلام بعض الفقهاء فيراد به الضرب غير المبرِّح، وهذه الإجراءات من ضمن التعزير.

وقد فرَّق فقهاء الشافعية، فقالوا ما يتعلق بحق الرجل له عقوبته به، وما يتعلق بحق الله عز وجل وحده فهذا ليس له أن يعزِّر به.

وخروج المرأة متبرجة متعلق بحقه، إذ ذلك يثير غيرته ويعيَّر به بين الناس.

ومنعها من التبرج من عموم القوامة، وفيه مراعاة لحقِّ الله عز وجل أيضاً، وما أعظم تلك الآثام التي تلحق بالمتبرجة، فكل من رآها أثمت به.

وقد قال تعالى: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب] وفي الحديث: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة» وذكر منهم: «ومبتغٍ في الإسلام سنةَ الجاهلية» فتدخل المتبرجة في ذلك.

وقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} [الأحزاب].

وكل رجل مأمور أن يوصل هذا الأمر إلى نسائه من المسلمات، فقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة.



tgoop.com/lnmcil1/1962
Create:
Last Update:

هل تبرج الزوجة نشوز يُبيح عقوبتها؟

هنا مسألة قلَّما تُطرق في كتب الفقهاء الأوائل بهذه الصيغة، وهي مسألة وجود امرأة متبرجة (يعني تتزين للخروج أمام الأجانب كما تتزين أمام زوجها والمحارم)، وسبب ندرة الكلام في هذا أنه ما كان حاضراً قديماً كحضوره اليوم.

ما يصنع الرجل مع هذه المرأة؟ وهل فعلها هذا يعدُّ نشوزاً يُبيح عقوبتها وإسقاط نفقتها إن بقيت على ذمته، أم ليس له سوى النصح والدعاء كما يقول البعض؟

وقبل الدخول في هذا ينبَّه أن على المتعيِّن عليه مفارقتها والارتباط بامرأة صيِّنة، فقد قال إبراهيم لابنه إسماعيل: «غيِّر عتبةَ بابك» أي طلِّق امرأتك، في أقل من هذا، غير أن البحث فيمن تمسَّك بالمرأة أو كان في مفارقته لها مشقة شديدة ويريد ما دون الطلاق.

أشبه شيء بمسألتنا ما ورد في عدد من كتب الحنفية كما في «المحيط البرهاني»: "ولو كشفت وجهها لغير محرم فقد قيل: هذه جناية، وقد قيل: هذه ليست بجناية، والتكلم ورفع الصوت مع غير المحرم جناية بلا خلاف".

قولهم: "جناية" يعني أمر يُبيح العقوبة.

وجاء في «الدر المختار»: "شتمته ولو بنحو يا حمار، أو ادعت عليه، أو مزقت ثيابه، أو كلمته ليسمعها أجنبي، أو كشفت وجهها لغير محرم".

والتبرج أشد من مجرد كشف الوجه، وهل هذا من مفاريد الحنفية أهل الرأي؟

الجواب: إنه تفريع على أمر متفق عليه بين الفقهاء من كل المذاهب.

جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: "يسقط حق الزوجة في القسم بإسقاطها ويسقط بالنشوز كما تسقط به النفقة.. وذلك باتفاق الفقهاء، ومن النشوز أن تخرج بغير إذنه أو تمنعه من التمتع بها".

يقصدون أن الرجل إن كان معدداً فلا بد أن يقسم بين زوجاته بالعدل، فإن كانت إحداهن ناشزاً سقط قسمها، ومن صور النشوز المتفق عليها: خروجها بغير إذنه، وما الفرق بين خروجها بغير إذنه وخروجها على هيئة لا يرضاها من التبرج، بل قد تخرج المرأة بغير إذن الزوج ولا يكون في خروجها ريبة، بل قد تفعل خيراً أو تصل الرحم، ولكن خروجها متبرجة فيه إثم متحقق، فهو أولى بالذكر، ومن فقه مقاتل أنه فسر قوله تعالى: {ولا تبرجن} بقوله: "الأمر بالعفة ولزوم البيت" فإن التبرج إنما يكون مع كثرة الخروج من البيت فنُهي عن كثرته لئلَّا يقع التبرج، فعُلِم أن التبرج أشد من مجرد الخروج.

قال ابن تيمية كما في «الفتاوى الكبرى» [3/153]: "وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله مستحقة العقوبة".

ولا أعلم فقيهاً يخالف في هذا المعنى.

والناشز نفقتها ساقطة في قول عامة العلماء.

وأما التعزير المذكور في كلام بعض الفقهاء فيراد به الضرب غير المبرِّح، وهذه الإجراءات من ضمن التعزير.

وقد فرَّق فقهاء الشافعية، فقالوا ما يتعلق بحق الرجل له عقوبته به، وما يتعلق بحق الله عز وجل وحده فهذا ليس له أن يعزِّر به.

وخروج المرأة متبرجة متعلق بحقه، إذ ذلك يثير غيرته ويعيَّر به بين الناس.

ومنعها من التبرج من عموم القوامة، وفيه مراعاة لحقِّ الله عز وجل أيضاً، وما أعظم تلك الآثام التي تلحق بالمتبرجة، فكل من رآها أثمت به.

وقد قال تعالى: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب] وفي الحديث: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة» وذكر منهم: «ومبتغٍ في الإسلام سنةَ الجاهلية» فتدخل المتبرجة في ذلك.

وقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} [الأحزاب].

وكل رجل مأمور أن يوصل هذا الأمر إلى نسائه من المسلمات، فقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة.

BY عمر بن إسماعيل | فوائد


Share with your friend now:
tgoop.com/lnmcil1/1962

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Members can post their voice notes of themselves screaming. Interestingly, the group doesn’t allow to post anything else which might lead to an instant ban. As of now, there are more than 330 members in the group. 1What is Telegram Channels? A new window will come up. Enter your channel name and bio. (See the character limits above.) Click “Create.” With the sharp downturn in the crypto market, yelling has become a coping mechanism for many crypto traders. This screaming therapy became popular after the surge of Goblintown Ethereum NFTs at the end of May or early June. Here, holders made incoherent groaning sounds in late-night Twitter spaces. They also role-played as urine-loving Goblin creatures. As of Thursday, the SUCK Channel had 34,146 subscribers, with only one message dated August 28, 2020. It was an announcement stating that police had removed all posts on the channel because its content “contravenes the laws of Hong Kong.”
from us


Telegram عمر بن إسماعيل | فوائد
FROM American