tgoop.com/mahashawqi/1349
Last Update:
هل طيبة أحدهم في التعامل، تمثل كل جوانب شخصيته؟
هل طيبة القلب وحسن التعامل، ومراعاة مشاعر الآخرين وتفهم ظروفهم، تعني أن الطيبة هي الصفة الوحيدة التي يمتلكها هذا الانسان، ولا بمتلك سواها؟
هل يعني أن هذا الطيب لا يفكر ولا يتخذ قرار؟ أو يعني أن هذا الطيب لا يحسن تدارك المواقف؟
للطيبة أنواع، هناك من يولد بها وهناك من تكسبه الحياة إياها نتيجة لمواقف واحداث وتعامل مع شخصيات متنوعة؟ وهناك من يمثلها ويتبناها بغير طرقها الصحية بتنازل عن قيم او متطلبات ضرورية من حقوقه.
الطيبة صفة من ضمن صفات كثيرة اخرى متعددة، كقوة الشخصية وحسن اتخاذ القرار وإدارة الازمات وتجاوز المشكلات، وبوسع الإنسان الواحد أن يمتلك صفات كثيرة متعددة ومتنوعة.
هذا إنسان طيب لا يعني أنه لا يأخذ حقه، لا يعني أنه لا يحسن الرد وإقحام الاخر، لا يعني أنه ينتظر شفقة الاخرين، لا يعني أنه متنازل عن حقوقه وقيمه، لا يعني أنه قد سمح للاخرين بالتدخل في مساحته الخاصة والتحكم فيه.
ربما انتشار الطيبين الذين لا يمتلكون من الصفات إلا الطيبة هو من أوحى لنا بأن الطيب إنسان سامج متسامح لأبعد حد،
وذلك بالأساس ليس لأنه طيب، بل لأنه لا يملك صفة سوا أنه مستسلم، فظنه الجميع طيب، أو كثرة المنسلخين من قيمهم ومبادئهم ارضاءً للغير وحتى يقال عنه طيب، فما هذه بطيبة، بل هي مصيبة عظمى وانسلاخ هوية.
فلما جاء الطيب الذي بنى طيبته على علم وحكمة ظنه الآخرين مثل السابقين، وصدموا من ردات فعله في المواقف التي تتطلب الحزم والجد.
والغريب الذي قالته ابنة خالتي لي عندما جاءت تحدثني وتطلب موافقتي لإتمام مشروع معين، رفضت بقوة مع ذكر أسباب، قالت لي: صدمني ردك، لم اتوقع ان تكوني هكذا، نعم ردي كان صادم، لأنها ظنت أني طيبة للحد الذي فيه أتنازل عن حق من حقوقي باستسلام،لم احزن من ردها ذلك وتغير نظرتها، لأنها من الأساس لم تعرفني.
الطيب قد يكون كما يظنون ويكون أيضًا واعي، يعي متى يقدم طيبته، ومتى يأجلها أو يمنعها، حكيم متزن ذكي يدير المواقف بقوة ولطف، يحسن اختيار ألفاظه، وامتصاص غضب أصحابه، مشجع وداعم لمن حوله، وكذلك يحسن إقحام أعداءه بأدب واحترام بلا امتهان، ويستطيع صد أذية المتطفلين، طيب يعلم حقوقه فيطلبها ولا يتنازل عنها، طيب شجاع في قول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم.
وما أجمل الطيبة التي علمنا الله إياه، عندما قال تعالى في سورة النور
﴿الزّانِيَةُ وَالزّاني فَاجلِدوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مِائَةَ جَلدَةٍ وَلا تَأخُذكُم بِهِما رَأفَةٌ في دينِ اللَّهِ إِن كُنتُم تُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَليَشهَد عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ المُؤمِنينَ﴾ [An-Nūr: 2]
رغم رأفة الإسلام ويسره، رغم انه دين السلام والأمان، إلا ان الحق حق ولابد للإنسان أن يتحلى بصفة اخرى غير الطيبة بحسب احتياج الموقف.
الطيب في التعليم في التوجيه في التعامل، لكن عندما تنتهك الحقوق ويتم تجاوز الحدود فالأمر مختلف تماما.
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي وصف الله بأنه رحمة للعالمين، رغم ما امتلك من أخلاق وشمائل وصفاته وكان خلقه القرآن، إلا أن طيبته لم تمنعه أن يقيم حد أو يقوم اعوجاج او يواجه مخطئًا أو يصلح خطأ وينهر منكرًا وينهاه.
مها شوقي
#منك_أستمد_الحياة_يالله
BY منك أستمد الحياة يالله
Share with your friend now:
tgoop.com/mahashawqi/1349