Notice: file_put_contents(): Write of 2612 bytes failed with errno=28 No space left on device in /var/www/tgoop/post.php on line 50

Warning: file_put_contents(): Only 8192 of 10804 bytes written, possibly out of free disk space in /var/www/tgoop/post.php on line 50
محمد بن محمد الأسطل@mastal P.3089
MASTAL Telegram 3089
بما أن الاعتكاف في مساجد قطاعنا الحبيب أصبح متعذرًا (لا يمكن الإتيان به أصلًا) أو متعسرًا (يمكن الإتيان به بمشقة شديدة)، فكيف يمكن أن نحيي هذه السُّنة في ظل هذه الظروف؟

يبين ابن القيم في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" مقصود الاعتكاف الأعظم، فيقول: "وشرع لهم الاعتكاف، الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الانشغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره، وحبه، والإقبال عليه من هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، فيصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكير في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله، بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور، حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه".

وحينئذ، إذا تعذرت أو تعسرت الوسيلة الأصلية لتحقيق هذا المقصد، فالسبيل يكمن في الانتقال إلى وسائل بديلة تعمل على تحقيقه. وهذه الوسائل البديلة تقوم على فكرة القيام بأعمال الاعتكاف خارج المسجد، تحقيقًا لمقاصد الاعتكاف ما أمكن.

وتتمثل أعمال الاعتكاف في التفرغ لطاعة الله، والاشتغال بذكره ودعائه، والانقطاع عن الناس إن لم يحتاجوك لأمر ضروري –خاصة في مثل هذه الظروف– وتلاوة القرآن، والإكثار من النوافل، وتجنب ما لا يعنيك من أحاديث الدنيا قدر المستطاع، ولا بأس بقليل من الحديث المباح مع الأهل وغيرهم لمصلحة، ومعاشرة جلسائك بالمعروف، كما لو كانوا رفقاءك في المعتكَف؛ فإن ما لا يُدرك كله، لا يُترك جُلّه، والميسور لا يسقط بالمعسور.

وإني لأدرك –وأنا شاهد على معاناة الحياة الرهيبة– أن تحقيق هذا القدر ليس سهلًا، خاصة مع الضرورة الملحة للسعي في قضاء حوائج الناس، وهي من أعظم الواجبات في هذا الوقت، والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية: من تعبئة المياه، وتوفير الطعام الذي يوشك على النفاد من الأسواق، وشحن البطاريات لإضاءة اللِّدَّات (LEDs = Light Emitting Diodes)، وجمع الخشب والكراتين لطهي الطعام، وغيرها من وجوه المعاناة التي لا تنتهي.

وفوق هذا كله، يُعدّ المرء محظوظًا إن لم يُجبَر على النزوح من مكان إقامته، أو لم تهدده أوامر العدو بالإخلاء. ثم تأتي قسوة الظروف داخل الخيام، حيث تتكدس العائلة كلها في خيمة واحدة، ويشتد الشحّ في المصاحف، حتى إن عدة خيام لا تكاد تجد مصحفًا، ومن لم يكن حافظًا وأراد ختم القرآن في العشر الأواخر، سيُعْيِيه حتى توفير إضاءة بسيطة أو شحن هاتفه.

فَأْوُوا إِلَى طاعة ربكم يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا. والمأمول من الرب الكريم أن يكتب لنا أجر الاعتكاف وأن يرزقنا بركاته وآثاره التربوية.



tgoop.com/mastal/3089
Create:
Last Update:

بما أن الاعتكاف في مساجد قطاعنا الحبيب أصبح متعذرًا (لا يمكن الإتيان به أصلًا) أو متعسرًا (يمكن الإتيان به بمشقة شديدة)، فكيف يمكن أن نحيي هذه السُّنة في ظل هذه الظروف؟

يبين ابن القيم في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" مقصود الاعتكاف الأعظم، فيقول: "وشرع لهم الاعتكاف، الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الانشغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره، وحبه، والإقبال عليه من هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، فيصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكير في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله، بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور، حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه".

وحينئذ، إذا تعذرت أو تعسرت الوسيلة الأصلية لتحقيق هذا المقصد، فالسبيل يكمن في الانتقال إلى وسائل بديلة تعمل على تحقيقه. وهذه الوسائل البديلة تقوم على فكرة القيام بأعمال الاعتكاف خارج المسجد، تحقيقًا لمقاصد الاعتكاف ما أمكن.

وتتمثل أعمال الاعتكاف في التفرغ لطاعة الله، والاشتغال بذكره ودعائه، والانقطاع عن الناس إن لم يحتاجوك لأمر ضروري –خاصة في مثل هذه الظروف– وتلاوة القرآن، والإكثار من النوافل، وتجنب ما لا يعنيك من أحاديث الدنيا قدر المستطاع، ولا بأس بقليل من الحديث المباح مع الأهل وغيرهم لمصلحة، ومعاشرة جلسائك بالمعروف، كما لو كانوا رفقاءك في المعتكَف؛ فإن ما لا يُدرك كله، لا يُترك جُلّه، والميسور لا يسقط بالمعسور.

وإني لأدرك –وأنا شاهد على معاناة الحياة الرهيبة– أن تحقيق هذا القدر ليس سهلًا، خاصة مع الضرورة الملحة للسعي في قضاء حوائج الناس، وهي من أعظم الواجبات في هذا الوقت، والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية: من تعبئة المياه، وتوفير الطعام الذي يوشك على النفاد من الأسواق، وشحن البطاريات لإضاءة اللِّدَّات (LEDs = Light Emitting Diodes)، وجمع الخشب والكراتين لطهي الطعام، وغيرها من وجوه المعاناة التي لا تنتهي.

وفوق هذا كله، يُعدّ المرء محظوظًا إن لم يُجبَر على النزوح من مكان إقامته، أو لم تهدده أوامر العدو بالإخلاء. ثم تأتي قسوة الظروف داخل الخيام، حيث تتكدس العائلة كلها في خيمة واحدة، ويشتد الشحّ في المصاحف، حتى إن عدة خيام لا تكاد تجد مصحفًا، ومن لم يكن حافظًا وأراد ختم القرآن في العشر الأواخر، سيُعْيِيه حتى توفير إضاءة بسيطة أو شحن هاتفه.

فَأْوُوا إِلَى طاعة ربكم يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا. والمأمول من الرب الكريم أن يكتب لنا أجر الاعتكاف وأن يرزقنا بركاته وآثاره التربوية.

BY محمد بن محمد الأسطل


Share with your friend now:
tgoop.com/mastal/3089

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

More>> How to Create a Private or Public Channel on Telegram? ZDNET RECOMMENDS According to media reports, the privacy watchdog was considering “blacklisting” some online platforms that have repeatedly posted doxxing information, with sources saying most messages were shared on Telegram. To edit your name or bio, click the Menu icon and select “Manage Channel.”
from us


Telegram محمد بن محمد الأسطل
FROM American