قاعدة:

‏"لا يوجدُ قبيحٌ إلا من جاهلٍ بقُبْحِهِ، أو من محتاجٍ إليه.
والبهائمُ لما شَمِلَها الجهْلُ، وعمَّها الفقْرُ، رأيتَها تأتي بالقبائح؛ كالوِقَاعِ من غير سَتْرٍ، وأكلِ مالِ زيدٍ وعمرٍو".

‏"وإذا كان الستر مندوبًا إليه؛ ينبغي أن تكون الشهادةُ به خلافُ الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه؛ لأنها في رتبة النَّدْبِ في جانب الفعل، وكراهة التنزيه في جانب الترك، وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يَعْتَدِ الزنا ولم يتهتَّك به، أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتُّك به، بل بعضهم ربما افتخر به؛ فيجب كون الشهادة به أولى من تركها؛ لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش بالخطابات المفيدة لذلك ... بخلاف من زنى مرةً أو مرارًا مُتَسَتِّرًا متخوِّفًا مُتندِّمًا عليه؛ فإنه محلُّ استحبابِ سَتْرِ الشاهدِ".

(فتح القدير للكمال بن الهمام الحنفي -رحمه الله-، ٥/ ٢١٤-٢١٥)

‏سوء الظنِّ بالمؤمنين أرضٌ، غِراسُها التجسُّس، وثمرته الغيبة.

لا يشدِّد المرء في باب إلا بمقدار ما يفرِّط في غيره وإن كان أعظم منه، ولهذا لم أعجب من متنسِّكةٍ تخشى لو صنَّفَ أحدهم متنًا في الاعتقاد أن يُدخل فيه مسائل الإسبال والأخذ من اللحية ونحوها، لكنك إذا اطلعت عليه من كُوَّةِ فروض العبادات، وحقوق النكاح، ومآخذ الأموال، ومداخل الأعراض؛ وجدتَ تساهلًا وشذوذًا باسم التيسير ورفع الحرج، وتخوُّضًا وتلاعبًا باسم الحاجة والضرورة، وتشهيرًا وبهتانًا باسم النصيحة وإنكار المنكر.

شاهدت مقطعًا لشيخ جليل -في تخصص غير الفقه- يشرح فيه صفةَ الوضوء، والحق أن عدمَ نشره أولى؛ فلم يزِد الشيخ بعد كلمة يسيرة عن مرات الوضوء والتحذير من الوسوسة على أن توضأ وضوءًا في العامة من يُحسن خيرًا منه، بل إن وضوءَه لا يخلو عن تقصير يُفضي إلى البطلان، ووقوع فيما هو مكروه باتفاق الفقهاء.

وإذا قُرِنَ فعلُه هذا بعدم بيانه مراتبَ الوضوء، والتحريض على الأكمل منها وبيانه مفصَّلًا، وبيان القدر المفروض الذي يجوز الاقتصار عليه، بل يجب أو يُندب عند مثل خوف خروج الوقت أو فوات الجماعة أو قلة الماء .. زال العجب.

ولا أرى لمثل هذا التهاون سببًا غير استخفاف طائفة من الشيوخ بما ذكره الفقهاء من تفصيلات وسنن وآداب يستكمل الآخذ بها وضوءَه، ويحفظه من البطلان، بدعوى خلوِّها عن الدليل، ووالله إنها من الدليل وإلى الدليل وفي الدليل لمن فقِه ونصح لنفسه وللمسلمين، ومن نظر في الوارد في فضل شعيرة الوضوء لم يستغرب هذه العناية من الفقهاء، وعظُم أسفه على من أفرغ هذه الشعيرة من روحها التعبُّدية، وساواها -بحاله لا بمقاله- بغيرها من الأغسال العادية، وجعل التحذير من التكلُّف والوسوسة سبيلًا إلى الاستهانة العملية بهذه العبادة.

والذي أحبِّه لنفسي ولمن شاء أن يسمع مقالتي: أن يُطلب هذا الباب من أهله وهم الفقهاء، ومن كان متمذهبًا فليطلب ملاحظة وضوء فقهاء مذهبه وإتقانه أولًا، ثم ملاحظة خلاف المذاهب طلبًا للاحتياط للعبادة، والتماس أكمل الوجوه لفعل هذه العبادة، إن شاء أن يلتمس بركتها في نفسه، وأثرها في عمله.

وليُعلَم أن العمل إذا تساوى الناس في المطالبة به والإتيان به واعتياده .. نقص ذلك من قدرِه وأثره عند من لا يميز، فيطلب الإحسان والإتقان والكمال في غيره، وإن كان هذا العمل هو شطر الإيمان وعلامته الأولى، وشرط لصحة بعض العبادات ومكمِّل لثواب بعضها الآخر، والله الموفِّق من شاء من خلقه سبحانه.

استعيذوا بالله من استغراق الأحمق في لحظته وعمله الذي لا يُحسِن غيرَه، إذا ظنَّ الخيرَ كلَّه مُودَعٌ فيها وفيه، فبالَغ في عيب المقصِّر، والنعي على التارِك، وإن عَلِمَه مرابطًا في ثغرٍ أعظمَ، أو حبيسَ عذرٍ يُرجى له معه الأجر تامًّا.

أخي #طالب_العلم، إذا قرَّر العالِمُ قولًا واستدلَّ له بما يفيد إطباق السلف عليه مع مخالفة الجُلِّ أو نقلِ إجماعٍ مقابلٍ؛ فإن الحكمة تقتضي -في هذا المقام بالذات- عند ذكره أن تنقله عنه مع نسبته إليه، وأنت متسع الصدر للبحث والاستدراك ومقابلة النقول طلبًا للحق وإحياءً للعلم وهضمًا للنفس، لا أن تنقله مقرِّرًا مظهِرًا أنه من أبناء بحثك وبنات فكرك، فإذا استفتح أحدٌ باب النقد والاستدراك غُلِبتَ على مزيد البحث والنظر بالانتصار لنفسك في صورة الانتصار لخالص الحق ومحض الصواب، فلا أنت أصبت العلم ولا سلمت من الإثم.

‏كونك رجلًا يصح منه النكاح والولد لا يقضي لك بأن كلَّ امرأةٍ تلقاها في الطريق هي زوجك، أو كلَّ ولد تراه يلعب في الحديقة هو ابنك.

وكذلك كونك صاحبَ حسابٍ في هذه المنصة لا يقضي بقبول تعليقك على كل مسألة في أي باب من أي علم، ولستَ تعوِّل في هذا الخوض على غير ثلاثين أو أربعين سنة من التردد بين البيت والعمل والاستراحة تحسبها كافية لحذق أسرار العلوم، والإشراف على معاقد التخصصات.

املك زمام نفسك لئلا تنفلت منك في غير ميدانها، فوالله إن تحقير الرجال وتجريحهم ليَنالُها وإن استترت بألف اسم مستعار، ما دامت نفس مخلوقٍ حي له عقل وشعور.

هل أدلك #يا_بني على باب للاعتذار والإحسان لا يفضي بك إلى المداهنة، ولا يحول بينك وبين قول الحق، ولا يقهرك على ابتذال النفس؟

ذلك هو الدعاء لمن تخاف أنك أسأت إليه وأنتَ تريد كفَّه عن مهلكة الخوض في الذي لا يحسنه، ولمن تخشى أنك كدَّرتَ خاطره وأنت مضطر صيانةً للعلم والدين، ولمن كان التباعد منه أسلم وتودُّ لو استمر العهد ودام الوصل، ولمن لا تطيق حمل مؤونته وقضاء حاجته، ولمن لا تحتمل ثقله روحك المنهَكة، ونحو هؤلاء.

فتعاهدهم بدعاء الغائب معتذرًا ومداويًا لما تخشى وقوعه من علل التقصير والإساءة، واستمر على بيان الحق، وبذل النصح، والكف عما لا تطيقه من الوصل والبذل.

المطلوب منك #يا_بني أن تترقَّى من الرتبة التي أنت فيها إذا تأهلتَ لما فوقها، وليس استعجال الهروب منها لتهبط أخيرًا إلى مرتبة أدنى منها، واعتبر بمن هربوا من تقليد منضبطٍ يأخذ بهم في تدرُّجه إلى ما فوقه من النظر والاختيار إلى تقليدٍ أبقاهم في سجِن واحدٍ أو طائفة من الشيوخ لا يخرجون منه وإن كانت مفاتحه بأيديهم؛ لأنهم دخلوه هاربين من غيره لائذين به.

‏ما الذي يجب على كل مسلم تعلُّمه من علم الشرع؟

قال في (العُباب، ٤١٤/٣):

‎#فقه_الشافعية

‏وفي زمن الحروب والتهديدات ومحاولات التخويف والإرجاف، قولوا: "حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا".

‏أسرع القيود انكسارًا ‎#يا_بني هما قيدا الضرورة والحاجة، فإن المرء يُحجم عن العمل -كالدَّيْن مثلًا- يراه إنما يكون للضرورة أو الحاجة، فإذا تكرر إقدامه نزلت الضرورة منزلة العادة، وجرت الحاجة مجرى الطبيعة، فلا ينفك عنه كعدم انفكاكه عن الطعام والشراب والنوم ونحوها.

قلت هذا لك لما سألتني عن مثال الرجل الذي ظل ينتظر خمس دقائق ليعكس الطريق العام بدعوى حاجته إلى تعجُّل الوصول، مع أنه لو سلك الطريق النظامي لما زاد تأخُّره عن دقيقة واحدة، لكنه انقلاب الضرورة والحاجة إلى العادة والطبيعة.

في "تفسير السمعاني":

"روي أن عمر -رضي الله عنه- قال لبعض العرب: ما الحرَجة عندكم؟ قال: هي شجرة ملتفَّة، لا يصل الماء إليها، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿يجعل صدرَه ضيِّقًا حرَجًا﴾ أي: يضيِّق مسلكه بحيث لا تصل إليه الهداية.

﴿ويسلموا تسليما﴾ ومعنى الآية: لا يكمل إيمانهم حتى يرضوا بحكمك، وينقادوا لك، قيل: هذه أبلغ آية في كتاب الله تعالى في الوعيد".

قاعدة:

"الخطيب [ومثله الداعية والمربي ونحوهما] لا غنى له عن معرفة أضداد الفضائل أيضًا؛ إذ قد يدعوه الحال إلى بيانها: إما لذمِّ ما تشتمل عليه وتؤثره، وإما لمعرفة ما فيها من منافع قليلة لئلَّا يبهته بها من يريد التضليل بترويجها، فإذا كان عالمًا بتفاصيلها لم يعسر عليه تفنيد من يضلِّل بها. وفي ذلك أيضًا عونٌ على الدفاع عن مرتكب هفوة وصاحب فلتة.

وقد يكون الشيء نافعًا في وقتٍ وضدُّه نافعًا في آخر، كالشجاعة وقت الحرب والأناة وقت السلام". (جمهرة مقالات ورسائل ابن عاشور، ١٣٤٣/٣)

○ تذكير بدرس "قطر الندى" لابن هشام - رحمه الله-
◇ بشرح شيخنا أ.د أحمد بن عبداللطيف العرفج -حفظه الله-

° غدًا الثلاثاء الساعة العاشرة صباحًا بإذن الله بتوقيت مكة.

• وهو الدرس الأول.

¤ يرسل رابط الدرس قبيل موعده على قناة مركز الإمام المزني:

https://www.tgoop.com/almozaniindo

قول العلامة ساجقلي زاده -رحمه الله- هذا في (ترتيب العلوم، ص١٩٥) ينبغي أن يكون قانونًا وضابطًا في تعلم اللغات الأجنبية، بحيث يجمع الدارس لها بين رعاية الحاجة لتعلمها، وترك المبالغة المخرِجة عن المقصود إلى التزيُّن والتصنُّع والتعلُّق!

📢 إعلان جمعية ربانيون 📚
بفضل الله وتوفيقه، تعلن جمعية ربانيون للتعليم والثقافة، في وقف الأسوة بإسطنبول عن انطلاق برنامجها العلمي الجديد ضمن سلسلة الدروس الأسبوعية عن بُعد:

🎓 دروس في أصول الفقه
بشرح العلّامة المربي الشيخ إسماعيل المجدوب - حفظه الله - لكتابه:
«صفحات ميسّرة من علم أصول الفقه»

🔹 موعد الانطلاق: يوم السبت
🗓️ 10 محرم 1447 هـ الموافق 2025/07/05م
🔹 الساعة: 9:30 مساءً بتوقيت مكة المكرمة وإسطنبول

💠 مزايا البرنامج:

📖 دراسة الكتاب تحت إشراف مؤلفه مباشرةً بالسماع والمناقشة.

📜منح شهادة حضور معتمدة من جمعية ربانيون.

📘تزويد المشاركين بنسخة من الكتاب .


🔖 الدعوة عامة لطلبة العلم والباحثين والمهتمين بعلوم الشريعة.

📥 التسجيل : ✍️ عبر الرابط التالي:

https://chat.whatsapp.com/LPLaIE5PK0E48l02gkTw21

نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا المجلس العلمي المبارك، وأن يجعله في ميزان حسنات القائمين عليه والمشاركين فيه.

‏هذا الحديث مما ينبغي للمسلم أن يديم تأمُّلَه التماسًا لأثرِه في كفِّ نفسه عن الاسترسال في محادثة النساء ومراسلتهن لغير حاجة تقدَّر بقدْرِها.

وليتأمل قول الطيبي في (الكاشف عن حقائق السنن، ٥٣٩/٢): "(كتب) يحتمل أن يراد به أثبت، أي أثبت فيه الشهوة والميل إلى النساء". فهو أمر ثابت في جِبِلَّتِه لا يستطيع دفعه، ولا تُسلَّم له دعوى البراءة منه.

وقول الوزير ابن هبيرة في (الإفصاح، ٤٢/٦): "والأولى للمسلم كفُّ أطرافِه عن ما يتطرَّق إليه تكذيب الفرج أو تصديقه".

من المنتقيات الشعرية الصالحة للحفظ والإفراد والشرح، المودَعة في بطون الكتب بحيث يغفل عنها كثير من الطلبة، ما تجده في: (الحيوان للجاحظ، ٣/ ٤٥-٥٩)، وخاتمة (جوامع الآداب للقاسمي، ص٢٥٢-٢٨٠).

رحم الله امرءًا زاد غيرهما لينفع غيره!