MENBER10 Telegram 1851
خطبة جمعة:
جبر الخواطر وتطييب النفوس

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فيا أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها رأس الأمر، ومفتاح الخير، وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى في محكم التنزيل:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].

أيها المؤمنون، حديثنا اليوم عن خلق عظيم من أخلاق الإسلام، وعن عبادة قلبية لها أثر عظيم في حياة الناس، إنها عبادة جبر الخواطر وتطييب النفوس، هذه العبادة التي تغيب عن كثير من الناس في خضم حياتهم اليومية، رغم أنها من أعظم القربات وأفضل الأعمال.

أيها الإخوة المؤمنون،
إن جبر الخواطر من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله، فقد أمر الله بها في كتابه الكريم، وجعلها من صفات عباده الصالحين. يقول الله تعالى: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75].
فهؤلاء المستضعفون الذين اشتد عليهم ظلم قومهم، ووقعوا في الضيق والحرج، سألوا الله جبر خواطرهم وتطييب نفوسهم، فجاءهم العون والنصرة من الله سبحانه وتعالى.

ولما ذكر الله قصة يوسف عليه السلام وما وقع عليه من كيد إخوته وظلمهم له، ختمها بقوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثم قال على لسان يوسف: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].
فكان يوسف عليه السلام جابراً لخواطر إخوته، وطيب نفوسهم بعد أن ظلموه، وغفر لهم، وهذا من أعظم صور الجبر والتسامح.

أيها المسلمون،
إن جبر الخواطر وتطييب النفوس ليس مقتصراً على الكبار أو الأغنياء، بل هو مطلوب من كل مؤمن ومؤمنة. ففي الحديث الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» [رواه مسلم].
هذا الحديث العظيم يوضح لنا أن جبر الخواطر وتطييب النفوس له أجر عظيم عند الله، وأنه طريق إلى رحمة الله وعونه.

ولقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على جبر الخواطر وتطييب النفوس، فقد كان يزور المرضى، ويعزي الحزانى، ويدخل السرور على قلوب الناس. روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان في بيته يخدم أهله، وكان يجيب دعوة المساكين، ويعود المرضى، ويتبع الجنائز، ويجلس مع الفقراء» [رواه مسلم].

أيها المؤمنون،
إن جبر الخواطر ليس فقط بالكلام الجميل أو العبارات الطيبة، بل قد يكون بالفعل والعمل، فإن الله يحب من عباده أن يرفعوا عن الآخرين ما يعانون منه من آلام أو مصاعب، وأن يدخلوا السرور والراحة على نفوسهم. ومن أعظم أمثلة ذلك، ما حدث مع الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد روي أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقال له: "إني أريد أن أبيع نفسي في سبيل الله، فهل لي من نصيحة؟" فقال له عبد الله بن عمر: "أترك البيع، واشتغل بجبر الخواطر، فإنك بذلك تكون جندياً في جيش الله". فانطلق الرجل يعمل في جبر الخواطر، حتى كان يسد دين المدينين، ويعطي من ماله للفقراء والمحتاجين، حتى صار من أحب الناس إلى الله وإلى رسوله.

أيها المسلمون،
إن جبر الخواطر ليس مقتصراً على المسلمين فحسب، بل هو خلق عالمي، يجب أن يكون بين كل الناس، بغض النظر عن أديانهم أو مذاهبهم. وقد ضرب الصحابة والتابعون أمثلة رائعة في هذا الخلق العظيم. فقد روى الإمام أحمد في مسنده أن رجلاً يهودياً كان جاراً للصحابي الجليل عبد الله بن عمر، وكان هذا اليهودي يؤذيه كثيراً. ومع ذلك، كان عبد الله بن عمر يحسن إليه، ويجبر خاطره، حتى أسلم اليهودي وقال: "والله لقد جبرت خاطري، ولم أكن أظن أن أحداً منكم على هذا الخلق العظيم إلا أنتم".



tgoop.com/menber10/1851
Create:
Last Update:

خطبة جمعة:
جبر الخواطر وتطييب النفوس

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فيا أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها رأس الأمر، ومفتاح الخير، وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى في محكم التنزيل:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71].

أيها المؤمنون، حديثنا اليوم عن خلق عظيم من أخلاق الإسلام، وعن عبادة قلبية لها أثر عظيم في حياة الناس، إنها عبادة جبر الخواطر وتطييب النفوس، هذه العبادة التي تغيب عن كثير من الناس في خضم حياتهم اليومية، رغم أنها من أعظم القربات وأفضل الأعمال.

أيها الإخوة المؤمنون،
إن جبر الخواطر من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله، فقد أمر الله بها في كتابه الكريم، وجعلها من صفات عباده الصالحين. يقول الله تعالى: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75].
فهؤلاء المستضعفون الذين اشتد عليهم ظلم قومهم، ووقعوا في الضيق والحرج، سألوا الله جبر خواطرهم وتطييب نفوسهم، فجاءهم العون والنصرة من الله سبحانه وتعالى.

ولما ذكر الله قصة يوسف عليه السلام وما وقع عليه من كيد إخوته وظلمهم له، ختمها بقوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثم قال على لسان يوسف: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].
فكان يوسف عليه السلام جابراً لخواطر إخوته، وطيب نفوسهم بعد أن ظلموه، وغفر لهم، وهذا من أعظم صور الجبر والتسامح.

أيها المسلمون،
إن جبر الخواطر وتطييب النفوس ليس مقتصراً على الكبار أو الأغنياء، بل هو مطلوب من كل مؤمن ومؤمنة. ففي الحديث الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» [رواه مسلم].
هذا الحديث العظيم يوضح لنا أن جبر الخواطر وتطييب النفوس له أجر عظيم عند الله، وأنه طريق إلى رحمة الله وعونه.

ولقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على جبر الخواطر وتطييب النفوس، فقد كان يزور المرضى، ويعزي الحزانى، ويدخل السرور على قلوب الناس. روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان في بيته يخدم أهله، وكان يجيب دعوة المساكين، ويعود المرضى، ويتبع الجنائز، ويجلس مع الفقراء» [رواه مسلم].

أيها المؤمنون،
إن جبر الخواطر ليس فقط بالكلام الجميل أو العبارات الطيبة، بل قد يكون بالفعل والعمل، فإن الله يحب من عباده أن يرفعوا عن الآخرين ما يعانون منه من آلام أو مصاعب، وأن يدخلوا السرور والراحة على نفوسهم. ومن أعظم أمثلة ذلك، ما حدث مع الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد روي أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقال له: "إني أريد أن أبيع نفسي في سبيل الله، فهل لي من نصيحة؟" فقال له عبد الله بن عمر: "أترك البيع، واشتغل بجبر الخواطر، فإنك بذلك تكون جندياً في جيش الله". فانطلق الرجل يعمل في جبر الخواطر، حتى كان يسد دين المدينين، ويعطي من ماله للفقراء والمحتاجين، حتى صار من أحب الناس إلى الله وإلى رسوله.

أيها المسلمون،
إن جبر الخواطر ليس مقتصراً على المسلمين فحسب، بل هو خلق عالمي، يجب أن يكون بين كل الناس، بغض النظر عن أديانهم أو مذاهبهم. وقد ضرب الصحابة والتابعون أمثلة رائعة في هذا الخلق العظيم. فقد روى الإمام أحمد في مسنده أن رجلاً يهودياً كان جاراً للصحابي الجليل عبد الله بن عمر، وكان هذا اليهودي يؤذيه كثيراً. ومع ذلك، كان عبد الله بن عمر يحسن إليه، ويجبر خاطره، حتى أسلم اليهودي وقال: "والله لقد جبرت خاطري، ولم أكن أظن أن أحداً منكم على هذا الخلق العظيم إلا أنتم".

BY زاد الخطباء




Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1851

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Ng Man-ho, a 27-year-old computer technician, was convicted last month of seven counts of incitement charges after he made use of the 100,000-member Chinese-language channel that he runs and manages to post "seditious messages," which had been shut down since August 2020. Select: Settings – Manage Channel – Administrators – Add administrator. From your list of subscribers, select the correct user. A new window will appear on the screen. Check the rights you’re willing to give to your administrator. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? The visual aspect of channels is very critical. In fact, design is the first thing that a potential subscriber pays attention to, even though unconsciously. Hashtags
from us


Telegram زاد الخطباء
FROM American