tgoop.com/menber10/1928
Last Update:
تزييف الحقائق وحصائد الألسن ... !!
الخطبة الأولى :
الحمدُ لله العليّ الأعلى، الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهَدى. له ملكُ السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى. الملكُ الحقُّ المبين الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وقد وسعَ كلَّ شيءٍ رحمة وعلمًا. أحمده سبحانه وبحمده يَلْهجُ أُولو الأحلام والنهى. وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له عالم السر والنجوى. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى كلمة التقوى. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أئمة العلم والهدى. وسلم تسليمًا كثيرًا.أما بعد:
عبــــــاد الله: – لقد ميّز الله بني آدم عن سائرِ المخلوقات بنعمةُ اللسان، وبه تفضّل عليهم قال الله جل وعلا: (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ) [البلد:8، 9]، وقال تعالى ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن:1-4] أي يبين عن ما في نفسه بلسانه، فبهذا اللسان ينطق الإنسان بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" خيرُ قولٍ وأفضله، يقول صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بِضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله» [البخاري (9)].
وباللسان يتعارف الناس على بعضهم البعض، وعن طريق اللسان يتعلم الناس العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية وعن طريق اللسان يعرف الحق من الباطل والصواب من الخطأ والصدق من الكذب والأمانة من الخيانة وباللسان يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقال الحق ويعبد الله بتلاوة كتابة وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وباللسان يُعرف الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق والمسلم من الكافر والبر من الفاجر والتقي من الشقي…
باللسان يبلغ الفرد المنازل العالية في قلوب الخلق وبه أيضًا يكتب عليه السخط في قلوبهم إلى يوم القيامة، وباللسان يبلغ العبد الدرجات العلى عند الله، وبه يسقط في دركات النار وسخط الجبار قال صلى الله عليه وسلم: «إنّ العبدَ ليتكلّم بالكلمة من سخَط الله، ما يظنّ أن تبلغَ ما بلغت، يهوي بها في النارِ أبعدَ مما بين المشرِق والمغرب. وإنّ العبدَ ليتكلّم بالكلمة من رضوانِ الله، ما يظنّ أن تبلغَ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانَه إلى يوم يَلقاه» [البخاري في الرقاق 6477]..
إن اللسان ترجمان القلوب والأفكار.. وآلة البيان وطريق الخطاب.. له في الخير مجال كبير وله في الشر باع طويل.. فمن استعمله للحكمة والقول النافع.. وقضاء الحوائج.. وقيده بلجام الشرع.. فقد أقر بالنعمة ووضع الشيء في موضعه.. وهو بالنجاة جدير.. ومن أطلق لسانه وأهمله.. سلك به الشيطان كل طريق.. أيها المسلمون: وإذا كان اللسان بهذه الأهمية في حياة الإنسان فإنه ينبغي عليه أن يستعمله في الخير وفي ما يقربه من الله سبحانه وتعالى القائل ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَـاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء:114].
إن اللسان في الإسلام له أهمية عظيمة في سعادة الفرد وصلاح المجتمع ولذلك فقد تحدث القرآن الكريم والسنة النبوية عنه وكيفية حفظه واستعماله وحذرا من آفاته ومزالقه… ذلك أن الكلمة التي تنبع منه لها منزلة عظيمة عند الله ولها تأثير في حياة الفرد في الدنيا والآخرة فقد يكون الكفر بكلمة قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا..) [المائدة:17].
ويكون الإسلام كذلك بكلمة فقد وصف الله عباده بقولهم: (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [آل عمران:53].
ويكون الزواج بكلمة ويكون الطلاق بكلمة وتقوم الحروب بكلمة وتقطع الأرحام بكلمة وتحقن الدماء بكلمة وتطيّب الخواطر بكلمة وتمتلئ القلوب غيظًا وحنقًا بكلمة ويصبح الحق باطلاً والباطل حقًا بكلمة زور وبهتان، ويسقط العبد من نظر الله بكلمة ويرتفع مقامه عند الله بكلمة..
لذلك فقد دعا الإسلام إلى حفظ اللسان واستعماله في الخير وحذر من الغفلة عن هذا العضو الصغير في جسد الإنسان والذي قد يكون سببًا في سعادته أو سببًا في تعاسته في الدنيا والآخرة عن معاذ رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول اللّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره اللّه عليه: تعبد اللّه ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال: ثم تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1928