tgoop.com/menber10/1929
Last Update:
رَبَّهُمْ)[السجدة:16] حتى بلغ (يعملون) ثم قال: ألا أخبركم برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه: قلت: بلى يا رسول اللّه قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله"، قلت بلى يا رسول اللّه، قال: فأخذ بلسانه، قال: "كف عليك هذا". فقلت: يا نبي اللّه وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال:" ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم» [أخرجه أحمد والترمذي].
عبــــــاد الله: – لقد عُني الإسلام بأمر اللسان أيما عناية، وبين منزلة الكلمة وأثرها فحث ربنا جل وعلا في محكم التنزيل وعلى لسان سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه على حفظ اللسان وصيانة المنطق، ومجانبة الفحش والبذاء، فقال جل وعلا: (وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّا مُّبِينًا) [الإسراء: 53].
ووصف الله عز وجل ذوي الإيمان وأرباب التقى بالإعراض عن اللغو، ومجانبة الباطل من القول، فقال عز شأنه: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَـاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ) [المؤمنون: 1 ـ 3]، وقال سبحانه: (وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَـالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـالُكُمْ سَلَـامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الْجَـاهِلِينَ)[القصص: 55].
إن حفظ اللسان عن المآثم والحرام عنوانٌ على استقامة الدين وكمال الإيمان، كما في الحديث عند الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» [صححه الألباني في صحيح الترغيب(2554، 2865)].
بل إن جوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة والاعوجاج، فقد روى الترمذي في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفِّر اللسان، تقول: اتق الله فينا؛ فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا»[حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1962).]، قال الإمام النووي رحمه الله: "معنى ((تكفر اللسان)) أي: تذل له وتخضع" [رياض الصالحين، حديث رقم (1529)]…
أيها المؤمنون: إنه لمن العجب أن الإنسان يسهل عليه البعد عن أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر والنظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه حفظ لسانه، حتى ترى ذلك الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول… دخل رجل على عمر بن عبد العزيز فذكر له عن رجل شيئًا، فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات:6] وإن كنت صادقًا فأنت من أهل هذه الآية (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) [القلم:11] وإن شئت عفونا عنك؟ فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا.. فاللهم إنا نسألك خير القول وخير العمل وخير الذكر وخير الدعاء برحمتك يا أرحم الراحمين…، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطــــبة الثانــية : الحمد لله وكفى وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد:
عبـــاد الله:- هل يمكن أن يصبح الحق باطلاً والباطل حقًا؟ وهل يمكن أن تقلب الحقائق وتزيف الوقائع والأحداث؟ وهل يمكن أن تؤخذ الحقوق من أصحابها وتعطى لمن لا يستحق ويقتنع الآخرين؟ وهل يمكن أن يتهم الإنسان بما ليس فيه ويصدق الناس من حوله؟ وهل يمكن أن تقوم حروب وصراعات ومشاكل بين الأفراد والأسر والمجتمعات والدول دون أن يكون هناك سببٌ حقيقي يلمسه الجميع؟ وهل يمكن أن يقتنع كثير من الناس يومًا بأن المظلوم هو الجاني وأن الظالم هو الضحية؟.. أقول نعم قد يحدث ذلك عندما يضعف الإيمان ومراقبة الواحد الديان وعندما تفسد القيم والأخلاق..
أقول نعم قد يحدث ذلك في عصر الحضارة المادية وثورة الاتصالات والفضائيات وشبكة المعلومات عندما لم يحسن استخدامها..
أقول نعم قد يحدث ذلك.. وعندما نبحث عن الأسباب نجد أن اللسان ومنطق الإنسان وكلامه سبب رئيس في ذلك.. فكم من معاصٍ وذنوب كان سببها اللسان، وكم من حقائق زورت وأحداث تم تزييفها وإخراجها على غير حقيقتها، وكان السبب في ذلك اللسان.. وكم من دماء سُفكت وأموال تم الاعتداء عليها وحقوق سُلبت وكان السبب في ذلك اللسان..
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1929